صناعيو حلب يرفعون الصوت لإنقاذ صناعتهم المثقلة بالصعوبات …وأسعار منصفة للكهرباء مطلبهم الأول والأخير
الحرية – رحاب الإبراهيم:
يعتبر صناعيو حلب منشآتهم “أغلى من أرواحهم”، حيث بنوها مع سمعتهم الصناعية كل شبر بندر، ويحاولون حالياً رغم صعوبات الإنتاج المتراكمة منذ أيام النظام البائد، تذليلها والاستمرار في العمل ضمن المستطاع بغية رفد السوق المحلية بسلع جيدة من حيث السعر والنوعية، والمنافسة بها في الأسواق الخارجية، التي لا تزال تطلب منتجات “صنع في سورية” والتي تعاني من ارتفاع تكاليف الإنتاج، ما يجعلها في منافسة غير عادلة مع منتجات الدول العربية والأجنبية.
“الحرية” تواصلت مع بعض الصناعيين في مدينة حلب، أم الصناعة والعاصمة الاقتصادية، لرصد آرائهم ومعرفة واقع القطاع الصناعي، حيث أبدوا رغبة عارمة في مواصلة الإنتاج بطاقات قصوى في المناطق الصناعية على نحو يحرك الاقتصاد الراكد ويزيد الحركة التصديرية، لكن ذلك يحول دونه جملة صعوبات منها الانتشار الكبير للمنتجات الأجنبية منخفضة الجودة والسعر.
الكهرباء أولاً وأخيراً
عضو غرفة صناعة حلب الصناعي تيسير دركلت أكد أن الكهرباء تعد عصب الصناعة، والمطلب الأول والأخير للصناعيين يتمثل بإعادة دراسة سعر الكهرباء تحديداً بحيث يكون سعر الكيلو الواط الساعي ما بين ٦-٨ سنتات، مع العمل على توجيه الدعم الصناعي بطريقة مدروسة تحقق الغاية منه وخاصة حوامل الطاقة.
إرث ثقيل
ولفت دركلت إلى المنشآت العاملة في المنطقة الصناعية بالعرقوب تقارب ٣٠٪ فقط، فأغلبها متوقف، والجميع ينتظر قرارات تنقذ حال الصناعة في حلب وتصويب الأخطاء من الحكومات السابقة، فهناك إرث ثقيل أمام الحكومة الجديدة، والصناعيون يدركون أنها لا تملك عصا سحرية، علماً أنها متفهمة لجميع مطالب الصناعيين وتنوي حسب اللقاءات مع الوزراء اتخاذ الإجراءات اللازمة لتحسين الواقع الصناعي كحرية تحويل الأموال وتمويل المستلزمات الأولية للصناعة وغيرها، لكن يبقى الأهم سعر الكهرباء وحوامل الطاقة.
رسوم جيدة
وفيما يخص الرسوم الجمركية الجديدة اعتبر دركلت أنها جيدة وتحديداً فيما يتعلق بالصناعات الهندسية التي يشتغل بها، علما أن مشكلة البضائع التي دخلت إلى الأسواق المحلية بهذه الكثافة المضرة، سوف تنتهي حال ضبط الحدود ومنع التهريب والرقابة على المستوردات، وستكون هناك عودة إلى المنتج الوطني وخاصة أن الأجنبي الموجود حالياً رخيص لناحية السعر لكن لا يتمتع بالجودة المطلوبة.
تخفيض التكاليف
الصناعي جلال كوزم “نسيج” أكد لصحيفة “الحرية” أن واقع قطاع النسيج في منطقة العرقوب الصناعية محزن، فأغلب المنشآت لا تعمل إلا بشق الأنفس، علماً أن الصناعيين مستعدون للإنتاج والعمل بكل الطاقات المتاحة.
ولفت كوزم إلى أن تحسن واقع الصناعة بحلب وتحديداً الصناعات النسيجية لكون النسبة الأكبر من معامل النسيج يتركز في مدينة حلب، مرهوناً بتخفيض أسعار الكهرباء، التي تغذي المناطق الصناعية ١٢ ساعة، وهذا أمر جيد، لكن المطلوب تخفيض سعرها ليصل كيلو الواط الساعي إلى ٨- ١٠ سنتات أسوة بمصر والدول المجاورة، إضافة إلى المساهمة في تأمين المحروقات بأسعار مقبولة، على نحو يسهم في تخفيض التكاليف على الصناعي ويمكنه من المنافسة خارجياً وتأمين المنتجات للمواطنين بأسعار جيدة.
واعتبر أن الرسوم الجمركية الجديدة تعد جيدة مقارنة بالمتعامل بها سابقاً، لكن يفترض تدريجياً إعادة تسعير الخيوط تحديداً اللازمة لصناعة الألبسة بطريقة تحمي وتدعم المنتجات المحلية، فكما يقول الصناعيون “إذا اشتغل الخيط والحيط يتحسن واقع الصناعة”.
ولفت إلى إعادة النظر بالرسوم الجمركية تكون عادة بالتشارك بين الحكومة وغرفة الصناعة، التي يأمل أن تجتمع مع الصناعيين للتشاور بهذه المسألة ورفع كتاب إلى الحكومة الحالية من أجل إصدار قائمة جديدة بالرسوم الجمركية الحامية للصناعة.
حماية المنتج الوطني
وعلى خط زميله في الكار يؤكد الصناعي محمود سلطان منطقة الشعار “المواصلات” التي تضم مئات الورش الصغيرة ومتناهية الصغر، أن الرسوم الجمركية الصادرة تعد خطوة جيدة لحماية المنتج المحلي، وهذا أمر مهم نظراً لأن هذه المنشآت تشغل آلاف العمال بينما المنتجات الأجنبية لا تدعم الاقتصاد الوطني كما المنتجات المحلية، مع أن المنافسة بين البضائع يعد أمراً للصناعة بحيث يختار المواطن طلبه لكن ذلك لا يلغي أهمية اتخاذ إجراءات تحمي المنتجات الوطنية، والرسوم الجمركية تعد أحد السبل.
وبين سلطان تعرض العديد من الورش الصغيرة إلى خسائر كبيرة بعد طرح المنتجات الأجنبية في أسواق حلب دون قيد، لدرجة أن بعض التجار أعادوا البضاعة له بعد تخفيض أسعار الألبسة عما كان سائداً سابقاً.
قروض ميسرة
ولفت الصناعي سلطان إلى أن مطالب الصناعيين في هذه المنطقة كغيرهم من الصناعيين تنصب على تأمين الكهرباء بأسعار مقبولة، كون أغلب أصحاب الورش غير قادرين على تركيب الطاقات المتجددة، فإذا أمنت الكهرباء يستطيع الصناعيون تدبر أمرهم، ولحين تحقيق ذلك يحتاج الصناعيون إلى دعم اقتصادي فعلي عبر قروض ميسرة من دون فائدة ريثما تقلع عجلة الإنتاج بطاقات أكبر.
شريك برأس المال
وأكد سلطان أن أغلب الورش حالياً متوقفة بسبب عدم امتلاك أصحابها لرأس مال كاف، والحل يكمن بالعمل التشاركي عبر شركاء في رأس المال يستثمرون أموالهم في الصناعة من خلال ضخ أموالهم في تشغيل هذه الورش، التي يتوفر فيها كل مستلزمات العمل من الآلات والعمال، لكنها تحتاج إلى رأس مال كاف لتدوير عجلة إنتاجها.
ت-صهيب عمراية