اسألوا حنظلة ولا تضلوا الطريق!
تشرين- وصال سلوم:
ربما يكون العرب في أسوأ حالات التشظي في هذه المرحلة. فرغم كل الانتكاسات والهزائم، كانت تشظيات الماضي سطحية، لكنها اليوم عمودية، تطول الفنون والإعلام، وهو ما يؤكد أن العطب وصل إلى العظم، وإنه إذا لم تتم عملية تجريف كبرى لهيكل الأمة العظمي، فإن إصابتها باللوكيميا حتمية، لن ينفع معها دواء ولا حتى استبدال للنقيّ أو خلايا الدم الحمراء!.
تاريخياً، ساعدت الحروب في كشف المستور من الأمراض في المجتمعات، فرغم سيئاتها الكثيرة، لكنها تشبه عملية تحليل شاملة للجسد، الذي سبق وأن تعرض لأكثر من فحص في المخابر، وكانت النتيجة تقول إن هناك خللاً يتفاقم، لكن أحداً لم ينتبه!.
لا يستطيع الإنسان استيعاب مطالبة بعض الإعلاميين بالرضوخ للعدوان الإسرائيلي بعد كل هذه الإبادات والقصف الممنهج!.
لا يستطيع فهم تصريحات المطربين، ولا الساسة الذين كبروا مثل الفطر خلال السنوات الأخيرة، بفعل الانقسامات والطوائف والأموال التي تدفع من كل حدب وصوب!.
يصرون على النجاة الفردية في بعض الدول العربية، ويعتقدون أنهم سينجون فعلاً، ويتغاضون عن قراءة التاريخ والجغرافيا، فحبّة السيتامول المغشوشة التي يتناولونها، تبدو أهون عليهم من عملية استئصال جراحية يدركون في قرارة أنفسهم أنها قادمة إليهم لا محالة.
ترى كيف يستطيع مطرب شاب سوقته السوشيال ميديا، أن يصبح من صناع الرأي، لولا وجود ماكينات ضخمة، أعدته لهذا الدور، ومن أجل تسويق رأي بعينه؟.
الكثير من محطات التلفزة العربية، يبدو فرعاً تابعاً للقناة العاشرة الإسرائيلية، في التسويق وأسلوب تحرير الخبر واستضافة الضيوف. حتى إن قافلة كاملة من الأسماء المغمورة بدأت تظهر على تلك المحطات، من أجل تسويق فكرة تقول إننا لسنا بحجم هذا العدو، وإن محاربته ورطة، وإن فكرة تحرير فلسطين، مؤامرة خارجية، بعد أن كان الاحتلال هو المؤامرة!.
يصر العرب على الوقوع في الحفرة، عشرات المرات، والمشكلة اليوم أن قاع الحفرة يغري الكثيرين ممن يريدون “سلتهم بلا عنب”، مع أنهم يدركون جيداً، أن الكرم والسلة والناطور، طاروا جميعاً من بين أيديهم، لكنها المراءاة والخوف من المواجهة، والاعتبارات الوظيفية والولاءات للشرذمات التي باتت تعصف بالمجتمعات العربية من كل الجهات.
لنتابع المحطات العربية، لنكتشف أسماء قبيلة كاملة من الشتامين، ناشري اليأس والإحباط، الذين يتم استقبالهم يومياً كي يرددوا سيمفونية الدمى التي باتت محفوظة للجميع. إنهم يتنقلون بين المحطات تباعاً، كأن هناك أوركيسترا مخفية تعزف لهم اللحن الذي يجب أن يعزفوه، بينما أبناء جلدتهم يموتون يومياً تحت القصف!.
هل مكّن التطور العلمي والتكنولوجي، من اختراع لقاح لنشر الرضوخ، تم نشره في بعض المناطق العربية، بحجة مقاومة الأمراض، وكانت النتيجة كما نرى من الخزي والعار.
ما هي مرجعيات أولئك الإعلاميين، ثقافياً وأخلاقياً؟ حتى الفنانون الهابطون، راحوا ينظرون في أساليب المقاومة والموقف من المحتل، والبراغماتية في التنازل من دون الحفاظ على ماء الوجه!.
أهناك خلل أفدح من ذلك أصاب الأمة في هيكلها العظمي؟.
ستنتهي الحرب، وينجلي غبار المعارك، لكن الشعوب تعرف طريقها بثقة، إنها فطرية عجزت الدول الغربية عن تفسيرها، عند شعوب قالوا إنها لم تنس ثأرها منذ وعد بلفور حتى اليوم!.
هل يمكن أن يغير هذا، حفنة من الإعلاميين والفنانين المطبلين “للأسرلة”؟ اسألوا حنظلة ومحمود درويش وسميح القاسم، سيجيبون عن ذلك؟.