حتى لا يخسر العرب معركة السينما!
تشرين- سامر الشغري:
في الحرب الإسرائيلية والأمريكية على منطقتنا وجوه شتى والسينما واحدة منها، ألم يصف لينين هذا الفن قبل أكثر من 100 سنة بأنها الوسيلة الفضلى عند رجال السياسة في الغرب للتأثير على الجماهير، وقد تكون السلاح الأكثر فتكاً لأنها وسيلةٌ في ظاهرها الترفيه، وفي جوهرها التلاعب بالرأي العام وتغيير الحقائق.
ولكن أين نحن من هذه المعركة السينمائية؟، هل نقف كعرب وكمسلمين منها موقف المدافع؟، أم أننا غير موجودين أصلاً؟، أم نقع في فخاخها عن جهل أو قصد.
والواقع يشير إلى أن القنوات التلفزيونية العربية وقعت غير مرة في كمائن الحرب السينمائية الصهيوأمريكية، فعرضت لأفلامٍ تهاجم العرب والإسلام وتُقدم الإنسان اليهودي بأفضل صورة، وهذا لعمري مفارقة غريبة وغير مسبوقة، ومن أمثال ذلك أن القناة الثانية في التلفزيون السوري عرضت في السنوات التالية لتأسيسها فيلم “عودة هالك المذهل”، وكأن مسؤولي الرقابة يومها لم ينتبهوا إلى أن قصة الفيلم تدور حول الشقيقين “الإرهابيين” زيد وياسمين اللذين يسعيان إلى سرقة أسلحة كيميائية من مستودعات الجيش الأمريكي، قبل أن يتصدى لهما الرجل الأخضر “هالك”، وبالمناسبة معنى كلمة هالك بالانجليزية “الهيكل”.
ولن يبدو مستغرباً أن قناة mbc 2 التي تخصص كل ساعات بثها لعرض أفلام هوليود، عرضت غير مرة فيلم (أمير فارس) إنتاج سنة 2010، حيث نجد البطل يذهب إلى مدينة اسمها مدينة اللصوص تعلوها العشرات من القبب والمآذن، في كناية واضحة عن هويتها.
ويكاد أن يكون السعي لإظهار الإنسان العربي والمسلم بصورةٍ بشعةٍ ظاهرةٌ ثابتةٌ في أفلام هوليود، حتى أن ناقداً كرّس سنوات عمره لدراسة هذه الظاهرة هو الأمريكي اللبناني الأصل “جاك شاهين”، أحصى أكثر من 200 فيلم أنتجتها هوليود حتى مطلع الألفية تقدم صورة سلبية للعرب.
ومن مثال ذلك شخصية المحقق الغبي (محمد كرمان) التي قدمها الممثل البريطاني ديفيد سوشسيه في فيلم الجريمة الكاملة إنتاج سنة 1998 بطولة مايكل دوغلاس وجوينث بالترو، وشخصية الرجل السوري Syrian man في فيلم التايتانيك إنتاج سنة 1997، حيث نجده إنساناً شبه أمي لا يجيد القراءة ويصرخ على زوجته، أما الشخصية اليهودية في الفيلم عبر القبطان (مردوخ) فظهر كبطل متفان لإنقاذ ركاب السفينة الغارقة.
وأيضاً في فيلم (والد العروس 2) إنتاج سنة 1995 للممثل الكوميدي الشهير ستيف مارتن نجد شخصية (مستر حبيب) والتي يؤديها الممثل يوجين ليفي، ونحن نعرف أن البلدين اللذين يوجد فيهما اسم (حبيب) هما سورية ولبنان، حيث نجد هذا الرجل الشرقي يدهس بقدمه على زهور حديقة المنزل، ويرمى أعقاب سجائره عليها، ويصرخ على زوجته أمام الناس ليسكتها، ما جعل الناقد شاهين يعتبر في دورية “تقرير واشنطن عن الشرق الأوسط”، أن هذا الفيلم يكرّس صورة هوليود عن المرأة العربية بأنها لا وجودية وصامتة وخاضعة.
ويبلغ تشويه صورة العرب والمسلمين في أفلام هوليود مداه مع أفلام مثل (القناص الأمريكي) إنتاج سنة 2003، و(قواعد الاشتباك) إنتاج سنة 2000، حيث نجد جنوداً أمريكيين يقتلون المئات من اليمنيين وهم يتظاهرون أمام سفارة واشنطن في صنعاء، ما جعل شاهين يصف الفيلم بأنه الأكثر عنصرية في هوليود.
وإزاء الصورة البشعة للمشرقيين في أفلام هوليود، فإن اليهود يقدمون بصورة تكاد تكون مثالية ولو لم يكونوا هم الأبطال، كما في فيلم (إنقاذ الجندي رايان) إنتاج 1998 والحائز أوسكار أفضل فيلم، حيث نجد الجندي اليهودي ستانلي ميليش الذي يكره النازيين ويحاربهم بضراروة، حتى يقاتل بيديه عندما تنفذ ذخيرته، ولكنه رحيم أيضاً لأنه بكى بعد أن اضطر لقتل جنود ألمان كبار في السن.
ولا يقتصر تشويه صورة العرب والمسلمين على أفلام الكبار، بل يتعداه إلى أفلام الأطفال، كما في فيلم (علاء الدين والمصباح السحري) إنتاج سنة 1992، والذي تقول أغنيته إن علاء الدين “جاء من مكان همجي وبعيد وبربري، حيث تتجول قافلة الإبل ويقطعون أذن الإنسان إذا لم يحبوا وجهه”.
غير أن شركة ديزني التي أنتجت الفيلم اضطرت لتغيير الأغنية في وقت لاحق نتيجة الاحتجاج الشديد للمنظمات والجاليات العربية والإسلامية، ما يشير لدور مجموعات الضغط وأهمية توظيفها.
وبلغ الهجوم على العرب والمسلمين في سينما هوليود حداً جعل الكثير من الأمريكيين يستنكرونه لأنه يتنافى مع أبسط حقوق الإنسان والديمقراطية، فالممثل الكوميدي كين تاكر اعتبر أن الصورة الكاريكاتورية للرجل الشرق الأوسطي ترقى الى افتراء عرقي صارخ.
وحين ندقق في الجهة الأخرى عن الأفلام التي دافعت عن العرب والمسلمين أو قدمتهم بصورة إيجابية فإننا سنقف على حصيلة ضئيلة في العدد، فيها أفلام (الرسالة وعمر المختار) للراحل مصطفى العقاد و(بوابة السماء) لريدلي سكوت، و(المحارب 13 ) بطولة أنطونيو بانديراس، والأخير من سوء الحظ يصنف من بين أكثر الأفلام خسارة بشباك التذاكر في تاريخ هوليود.
إننا أمام حرب سينمائية ضروس وقد لا تقل في ضراوتها ببعض جوانبها عن حرب الميدان، لأنها ممتدة منذ عشرات السنين ولا تتوقف، وإن كنا لا نستطيع إنتاج أفلام تدافع عن حقوقنا فلا أقل من أن لا نروج لها ونعرضها وهي تشوه لصورتنا وتجعل القاتل مكان الضحية.