وجوه أخرى لأدباء مشاهير
تشرين- محمد خالد الخضر:
لا يمكن لأحد أن ينكر عراقة الثقافة العربية، وهي ذات أثر عميق في كل الحضارات ومنظومات القيم، وهذا أمر يلعب دوراً كبيراً في أهمية الشخصية العربية وتوطيد قيمها وانتمائها، لذلك ظلت هذه الثقافة هدفاً للثقافات الأخرى التي لم تتمكن تجاوزها أو السيطرة عليها، وأكثر ما سعى لتهشيم هذه الثقافة هو الصهيونية بعد احتلال فلسطين والجولان والسعي لتحقيق طموحات ليست قليلة من أهم أهدافها تشويه وتفتيتها وجعلها تابعة لمساعي الثقافة اليهودية التي تطمح بالسيطرة ليس فقط على الشرق الأوسط بكامله بل على ثقافة العالم.
وإن من منجزاتها محاولة إلغاء كلما يؤثر بالعربي ويغني معرفته بالمحبة والتمسك بقيمه وانتمائه وهذا ما استقطب كل الجماهير.. ومن منا لم يذكر الحشود التي كانت تتواجد قبل الحروب التآمرية على سورية عندما كانت المؤسسات الثقافية توجه أي دعوة للاستماع إلى أي جنس أدبي.. فبدأت التناقضات تتحول وتتداعى منذ بداية العصر الحديث الذي انشغل كثير من الحضور الشعبي بتناقضات مختلفة بعد التطورات التي لم تحسن المجتمعات استخدامها.
فاليهودية تحاول دائماً قولبة التاريخ ليخدم منظوماتها السياسية والدينية فالناقد الصهيوني «يورام برونو فسكي» ادعى في صحيفة «هآرتس» الصهيونية الصادرة بتاريخ ١٦/١٠/١٩٩٨ أن اليهود في إسبانيا أوجدوا الثقافة الرومانسية وحملوا هذه الثقافة إلى العالم ومنها إلى نيويورك والقدس وهناك كتاب تحولوا إلى نفر إسرائيلي كبودلر الفرنسي وغيرهم كثيرون ثم تحولت الادعاءات إلى كتاب كثر ومواضيع مختلفة فالروائي الركاحي «إبراهام يهوشوع» كتب رواية طلاق متأخر تضمنت الصراع العربي الصهيوني بأسلوب عنصري.
والغريب الجارح لازال بعض أدعياء الثقافة يرفعون شعارات مزورة ومزيفة.. ولا زالت الصفحات الزرقاء تستشهد بأدباء عرب باعوا قوميتهم وقضيتهم بتزييف إعلامي أو مادي أو ثقافي.. وهؤلاء يأخذون عقول الكثيرين.
فكتب الناقد اليهودي والناقد «شاشون سوماخ» على سبيل المثال في صحيفة «هآرتس» الصادرة بتاريخ ٤/٩/١٩٩٨: إن نجيب محفوظ أعرفه جيداً وعرف به الروائي الاسرائيلي سامي ميخائيل وهو يهودي عراقي الذي هاجر إلى «إسرائيل»، مبيناً بحسب سوماخ أن نجيب محفوظ تجاوز عصره في علاقته بـ«إسرائيل» التي أخذت اهتماماته فشنّ من أجلها حرباً ضروساً على القائد جمال عبد الناصر وغير ذلك.
أما الشاعر الكبير محمود درويش الذي استحوذ على شعبية كبيرة وانخرط في صفوف الحزب الإسرائيلي «ماكي» وعمل مع الرفاق اليهود والعرب ثم عمل في صحيفة الإتحاد وهي الجريدة الناطقة باسم الحزب باللغة العبرية وهذا أيضاً ماورد في صحيفة «هآرتس» فكتب عنه الصهيوني «آريا ديان» مقالاً مطولاً في الصحيفة ذاتها تناول مواقفه السياسية والأدبية والاجتماعية.. والأهم من ذلك أن المخرجة اليهودية المولودة في المغرب أعدت فيلماً عن حياة محمود درويش وكان يوافق صديقته المخرجة.. وإن موشي ديان قال إن محمود درويش قدم عشرات الطلبات وبدعم من جهات إسرائيلية مختلفة للسماح له باستعادة الهوية الإسرائيلية والإقامة في «إسرائيل» إضافة إلى المقابلات التي أجراها مع صحيفة هآرتس.
والسؤال الذين يقتدون بهؤلاء وغيرهم ويؤشرون من خلاله إنكارهم لأجناسهم الأبية الأصيلة ويصفعون ما تبقى من حضور ثقافي على وجوههم دون أن يعرفوا أن هناك من يسعى لإلغاء هويتهم وانتمائهم.. فاعلموا أن هذه الحرب أهم ما تريده هو الغاء الهوية وأعرف أن أكثركم لوقرأ وأدرك الحقيقة سينتفض بنخوة أصالته ويحمي قيمه وكرامته .. وتيقنوا أنكم أفضل أمة على الأرض وهذا مايجب أن يبقى .. وهناك كثيرون يحتاجون إلى كشف مايفعلون فمنهم من لعب ألف دور وصار بألف وجه في هذه الحرب.. تابعوهم.. فالوطن أغلى
من المراجع المعتمدة في القراءة رموز تحت الرحى للأديب المناضل جودت السعد الصادرة عن اتحاد الكتاب العرب ومقالات وكتب أخرى.