فرنسا واعتقال بافل دوروف مؤسس تطبيق «تيلغرام».. ماذا في الخلفيات وما علاقته بأوكرانيا؟
تشرين:
لفترة طويلة سيستمر حدث اعتقال مؤسس تطبيق «تيلغرام» بافل دوروف في فرنسا، على رأس قائمة الأخبار العالمية، بالنظر إلى أن الحدث سيكون له الكثير من التداعيات، هذا من جهة.. ومن جهة ثانية بالنظر إلى ما يمكن أن يكشف عنه من خلفيات وأهداف سياسية (وعسكرية إذا ما صحت التسريبات حول علاقة الاعتقال بحرب أوكرانيا).. وعلى اعتبار أن تطبيق تيلغرام يكاد يسيطر على «ميدان الرسائل» بعدد مشتركين يصل إلى مليار شخص تقريباً رغم أن عمر التطبيق لا يتعدى السنوات العشر، حيث تأسس عام 1913 وانطلق عملياً في أوسع خطواته في العام التالي 2014.
ولا تزال ردود الأفعال تتوالى على اعتقال دوروف (39 عاماً)، من دون تصريحات رسمية من السلطات الفرنسية باستثناء ما نقلته قناة «TF1» التلفزيونية الفرنسية عن مسؤولين قولهم إن الاعتقال يأتي كجزء من تحقيق أولي بتهمة ارتكاب جرائم تتعلق بتطبيق المراسلة الشهير.
وأضافت القناة: إن القضاء الفرنسي يرى أن عدداً من الأسباب، من بينها رفض «تيلغرام» التعاون مع سلطات البلاد، تجعل دوروف متورطاً في عدد من الجرائم التي تصل عقوبتها إلى 20 عاماً في السجن لدوروف الذي يحمل الجنسية الفرنسية إلى جانب الروسية.
ورغم أن عمل تطبيق تيلغرام لن يتأثر بالاعتقال، إلا أن التبعات غير مضمونة في سياق التحقيق مع دوروف، وقد ينتهي الأمر إلى إغلاقه في حال لم يتعاون دوروف وفق ما تريده السلطات الفرنسية.
وكان أول إجراء من روسيا بعد الاعتقال هو توجيه سفارتها في فرنسا لاتخاذ الخطوات اللازمة على الفور لتوضيح الموقف حول دوروف، وقالت في بيان: فيما يتعلق بالمعلومات المتعلقة باعتقال دوروف، اتخذت السفارة الروسية لدى فرنسا على الفور الخطوات اللازمة في مثل هذه الحالات لتوضيح الوضع حول المواطن الروسي، على الرغم من عدم وجود طلب من ممثلي دوروف.
وكان رئيس لجنة سياسة المعلومات في مجلس الاتحاد الروسي، أليكسي بوشكوف قدعلّق على اعتقال دوروف بالقول: إن الديكتاتورية الليبرالية لا تتسامح مع المنعزلين الذين لا يلعبون بقواعدها. وكتب بوشكوف على «تيلغرام»: «تم اعتقال بافل دوروف في باريس اليوم.. إيالون ماسك كن مستعداً».
وكان ماسك قد علّق على اعتقال دوروف ساخراً بالقول: لا أستبعد أن تبدأ أوروبا قريباً بإعدام الناس بسبب تسجيلات الإعجاب.
بينما اعتبر الصحفي الأميركي الشهير تاكر كارلسون الاعتقال بأنه تحذير لجميع أصحاب المنصات الإلكترونية الذين لا يريدون إخفاء الحقيقة، وكتب كارلسون على منصة «إكس»: الظلام يتجمع بسرعة فوق العالم الحر السابق.
وفي فرنسا نفسها، اعتبر النائب الفرنسي السابق في البرلمان الأوروبي أيمريك شوبرد أن اعتقال دوروف يعود إلى رغبة فرنسا في السيطرة على هذا التطبيق من أجل فرض الرقابة وقمع أي شكل من أشكال مقاومة العولمة الغربية.
وتعهد «تيلغرام» على الدوام بعدم الكشف عن أي معلومات عن مستخدميه.
لكن اللافت هو ربط اعتقال دوروف بحرب أوكرانيا، حيث قال خبراء: إن هذا الاعتقال هدفه تمكين حلف شمال الأطلسي «ناتو» من الوصول إلى رموز التشفير الخاصة بالماسنجر المستخدم بكثرة لأغراض عسكرية خلال العملية العسكرية الروسية الخاصة في أوكرانيا.
وأعرب العديد من الخبراء العسكريين الروس أن ذلك سيعني حصول الخصم على معلومات حساسة، مشددين على ضرورة البحث العاجل عن بديل لوسائل الاتصال الملائمة في الجبهة.
ويقول المراسل العسكري أندريه مدفيديف: عملياً يعد تيلغرام الماسنجر الرئيسي للحرب الحالية، وهو بديل عن الاتصالات العسكرية المغلقة. وعلى الأغلب اعتباراً من اليوم باتت مسألة إنشاء ماسنجر عسكري لجيشنا تتمتع بأهمية حيوية قصوى. ومن الصعب الآن التنبؤ ما إذا كان هذا الماسنجر سيبقى لاحقاً.
ويتوقع الخبير العسكري أليكسي سوكونكين أيضاً، أن يتسبب ذلك بظهور الكثير من المشكلات العسكرية «التي يجب حلها على الفور» لأن تيلغرام يعد أساس الاتصالات العسكرية حالياً، وهو كذلك الماسنجر المدني الرئيسي في روسيا غير الخاضع عمليا لأجهزة المخابرات الغربية، كما أنه الماسنجر الرئيسي بالنسبة للجانب الأوكراني.
وعملياً يُصنف تطبيق تيلغرام كواحدة من منصات التواصل الاجتماعي الرئيسية في العالم إلى جانب (فيسبوك ويوتيوب وواتساب وإنستغرام وتيك توك ووي تشات)، ويحظى التطبيق بشعبية خاصة في روسيا وأوكرانيا ودول الاتحاد السوفييتي السابق.
وتقدر مجلة «فوربس» الأميركية ثروة دوروف بنحو 15.5 مليار دولار.