“فانا” والعنف ضد المرأة.. حكايات على مدى العنف والتعنيف

تشرين- إيمان عبد الله:

“اكواتو فانا”.. عندما قرأت هذا الاسم في كتاب(حكومة العالم الخفية) استغربت من الكلمة ومعناها، وعندما بحثت في “جوجل” وجدت انه سم، وأي سم؟!! سم لم تنتجه مخابر وكالات الاستخبارات العالمية، ولا خبراء علوم الكيمياء، إنه سم أنتجته خبيرة تجميل..

وتعود القصة إلى إيطاليا في القرن السابع عشر، حيث لم يكن للنساء أي سلطة مادية أو اجتماعية؛ وكُنّ يُجبرن على الزواج في سنّ مبكرة من رجالٍ غالباً ما يسيئون معاملتهن، من دون وجود أي فرصة للطلاق أو الانفصال..

وفي ظلّ الواقع السيئ للسيدات الإيطاليات آنذاك، استطاعت جوليا توفانا، المولودة في مدينة باليرمو الإيطالية سنة 1620 والتي كانت متزوجة من رجلٍ يُسيء معاملتها، أن تستخدم خبرتها في صناعة مواد التجميل، والتي ورثتها عن والدتها، من تطوير سُمّ لا لون له ولا طعم ولا رائحة، واستخدمته لقتل زوجها ثم انتقلت مع ابنتها إلى نابولي ومن ثم إلى روما حيث أسّست متجراً لمستحضرات التجميل، وبدأت بإنشاء شبكة من العلاقات التي مكنتها من بيع السم إلى نساء كثيرات.. حيث يقدر عدد الذين لقوا حتفهم من الأزواج باستخدامه ما يُقارب ال 600 شخص.

وعند دراسة السبب الذي جعل نساء إيطاليا يستخدمن السم للتخلص من أزواجهن فقد كان بسبب العنف الواقع علهين من هؤلاء الأزواج.

عند بداية الأزمة في سورية شهدت العديد من المناطق حالات نزوح نتيجة الوضع الأمني والنزوح كان داخلياً من منطقة غير آمنة إلى أخرى أكثر أمناً، أو نزوح خارج الحدود السورية، والعائلات التي نزحت داخلياً ونتيجة الوضع الاقتصادي اضطرت إلى اسئتجار منازل لا تخدم حاجاتها الفعلية، واضطرت العديد من العائلات إلى العيش في منزل واحد، وهذا ما سبّب ازدياداً في حالات التعنيف ضد المرأة، كما رافق الأمر الكثير من حالات تزويج لفتيات صغيرات نتيجة الوضع الاجتماعي السيئ، وكثيراً ما رافق هذا الزواج حالات عنف مصاحبة للوضع الاقتصادي المأساوي، ولن نذكر الحالات التي تتعرض لها السيدات والفتيات في المخيمات فلذلك بحثٌ آخر .. كما ازادت حالات العنف خلال أزمة كورونا، وذلك بسبب الجلوس في المنازل لفترة طويلة الأمر الذي أدى إلى حالات نفسية للزوج انعكست سلباً على معاملة الأزواج للزوجات.

إنها مشاكل اجتماعية تعاني منها المجتمعات على مرّ التاريخ تتمثل بعنوان عريض هو:(العنف ضد المرأة)، والعنف قد لا يكون بالتعذيب الجسدي فقط، بل إن التعنيف اللفظي والإهمال أشد تأثيراً على المرأة، ومع تطور وسائل التواصل الاجتماعي بدأنا نلاحظ انتشار العنف الإلكتروني، من خلال الابتزاز الذي تتعرض له العديد من النساء والفتيات نتيجة اختراق حساباتهن والحصول على صور خاصة أو معلومات خاصة.. وهو الأمر الذي بات خطراً كبيراً على النساء.

كما تختلف أساليب وطرق مكافحة العنف ضد المرأة باختلاف الطبقات الاجتماعية والثقافية التي تنتمي إليها السيدات، فلكل مجتمع آراؤه ومعتقداته التي يجب فهمها أولاً كي نستطيع اختيار الطريق الأنسب للمعالجة والحل ولا ننسى أن التربية الخاطئة التي يتلقاها الأطفال سوف تكون سبباً مستقبلياً للتعنيف.

ومن نافل القول: إن استخدام السموم والقتل ليس وسيلة للتخلص من المشاكل بل على العكس هنا الجريمة أوسع وأعظم.. بل اللجوء إلى القوانين ومراكز المعالجة النفسية ومراكز الخدمات الاجتماعية التي بدأت تنتشر في أيامنا والتي هي الممر الآمن للخلاص من المشاكل.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار