لها دور مهم في تنمية الروح الوطنية وتأصيل حب الوطن.. الأغاني الوطنية غذاء للروح وتحتاج الدعم

تشرين- حسيبة صالح:

التراث الشعبي هو حكايا الأمم والشعوب عبر التاريخ يعكس روح القومية لكل أمة، التراث الشعبي بما فيه من آداب وفنون يعبر عن الحياة بالأفراح والأحزان، إنه الغني بالقيم الروحية من فنون أدبية وموسيقى ورقص فهو لسان حال الشعب والمعبر عن حياته وأفكاره آماله أحلامه ونضاله بالشكل والقيمة التي يستحقها.
وتعد الأغنية الوطنية مكوناً أصيلاً وموروثاً ثقافياً حاضراً مع كل الأحداث التي مرت بها سورية منذ بدايات القرن العشرين وكانت انعكاساً صادقاً لما واجهته البلاد وكان لها دور مهم في تنمية الروح الوطنية وتأصيل حب الوطن.
الأغنية الوطنية موجودة مع وجود الكلمة بهذه الكلمات بدأ المايسترو عدنان فتح الله عميد المعهد العالي للموسيقى حديثه لـ”تشرين”، والقصائد الشعرية التي تغنت بالوطن والانتماء وجاءت الموسيقى التي لحنت الكثير من هذه الأشعار فليس هناك تاريخ محدد للأغنية الوطنية السورية لأنها كانت تعبر عن حدث أو عن فترة محددة من الفترات التاريخية التي تطلبت وجود هذا النمط الغنائي.

فتح الله: نحن دائماً ننادي بإنشاء مؤسسة للإنتاج الموسيقي والغنائي تعنى بإنتاج الأغاني الوطنية والعاطفية واحتضان الشباب الجدد

ويؤكد فتح الله أن الأغنية الوطنية لا تنحصر فقط في أغاني مدح الوطن والانتماء له، فهناك الكثير من الأغاني التي تصف القمح والأرض وشجرة الزيتون والتي في محتواها تحض على الانتماء وهي من الأغاني الوطنية أيضاً.

محملة بالعاطفة والعنفوان
الاستقلال هو كرامة الشعب السوري كتبت له أغانٍ كثيرة مهمة تغنت بسورية وبطولات السوريين، يضيف فتح الله، موضحاً أن الأغنية الوطنية تكون مؤثرة من خلال كلماتها الصادقة والحقيقية النابعة من القلب كلمات محملة بالعاطفة والعنفوان وحب الأرض والوطن، ذاكراً العديد من الأغاني التي حفرت بالذاكرة وأثرت في كل سوري، مثل أنا سوري وأرضي عربية، ألحان سهيل عرفة، “بتخدني الأيام” ألحان عبد الفتاح سكر، “بالفرح بالعز” ألحان شاكر بريخان، “أنا سوري آه يا نيالي” ألحان حسام تحسبن بيك، “عزي وبلادي سورية” ألحان سليم الهلالي…
ويؤكد فتح الله أنه في الوقت الراهن ما ينقصنا لإنتاج أغانٍ وطنية بأهمية الأغاني الوطنية القديمة، هو التمويل للملحن والكاتب والموزع ونحن دائماً ننادي بإنشاء مؤسسة للإنتاج الموسيقي والغنائي تعنى بإنتاج الأغاني الوطنية والعاطفية واحتضان الشباب الجدد.

تجسيد الواقع السوري
حول تجسيد الواقع السوري غناء يقول فؤاد فاضل شلغين عضو مجلس المعهد العالي للموسيقى، رئيس قسم الآلات النفخية والإيقاعية ومدرس آلة الهورن في المعهد لـ”تشرين”: كان للأغنيات الشعبية ذات الشعر المحكي دور في تجسيد بطولات السوريين ضد المستعمرين وخاصة الاحتلالين العثماني والفرنسي وبرز كثير من الشعر والقصائد التي تتحدث عن معارك السوريين ضد الغزاة خاصة في مدينة السويداء التي قاد ابنها المجاهد سلطان باشا الأطرش الثورة السورية الكبرى ولا شك في أنه ظهرت أهازيج وأغانٍ شعبية فيها وفي العديد من المدن السورية، تصف البطولات في التصدي وشجاعة المجاهدين وما أحرزوه من انتصارات في سبيل الذود عن أرض الوطن.

شلغين: تبرز قيمة الأغاني الوطنية عند المحن والحروب عموماً إلا أن التغني بالأرض والوطن سمة ملازمة للإنسان حتى لو لم تحمل مفرداتها كلمات مباشرة

ويضيف شلغين: شهدت سورية الكبرى أغاني بعد الاستقلال عن فرنسا، فقد كان الحس القومي جامعاً فنجد عبد الوهاب (مصر) يلحن (يجعلها عمار) والرحابنة (لبنان)  يلحنون (شام يا ذا السيف)، ومن أبرز الاغاني الوطنية السورية أغنية ( سوريا يا حبيبتي ) كلمات ولحن محمد سلمان ( سورية )، وأغنية جبهة المجد لحنها الموسيقار السوري صفوان بهلوان من كلمات الشاعر العراقي الكبير محمد مهدي الجواهري، وأغنية (في سبيل المجد) للشاعر عمر أبو ريشة ومن ألحان محمد فليفل.
مشيراً إلى أن الأغاني الوطنية تمتاز بقدرتها على تأجيج الشعور الوطني وتعزيز محبة الوطن والأرض كقيمتين ساميتين تبذل لأجلهما النفائس، وتؤكد على أهمية النضال من أجل الحرية والكرامة، وتبرز قيمة الأغاني الوطنية عند المحن والحروب عموماً، إلا أن التغني بالأرض والوطن سمة ملازمة للإنسان، حتى لو لم تحمل مفرداتها كلمات مباشرة حول الحروب والاستعمار وهنا تستحضرني أغنية ( وطني ) للسيدة فيروز.
ولا يرى شلغين عيباً في أن يكتب أو يلحن أو يغني للبلاد من لم يحمل جنسيتها فسورية الكبرى كانت تضم العديد من دول الجوار لذا فإن حساً وطنياً جامعاً يوحد العرب، ونحتاج في سورية إلى صناعة أغنية في العموم، وإلى دعم بمستويات عدة لتستطيع الأعمال الإبداعية ان ترى النور، وإلى شركات إنتاج تحتضن الكتاب والملحنين والموزعين على غرار دول الجوار، فالمواهب السورية موجودة وحاضرة قديماً وحديثاً، مقترحاً أن تُقام مسابقة سنوية لاختيار أفضل النصوص الغنائية ثم اختيار أفضل الألحان ( بمبالغ مالية مجزية )، بغية الحصول على أغانٍ جيدة في مواضيع يتم اختيارها ( وطنية ، اجتماعية ، عاطفية … )، واختيار أفضل الأصوات والفرق لتسجيل هذه الأعمال وعرضها على المسارح، وفي التلفزيون ومختلف وسائل التواصل.

تعزز الروح الوطنية
منذ بدء الخلق كانت الموسيقى, لما لها من أهمية كبيرة في تأثيرها المباشر على النفس البشرية, دون معرفة لغة الشعب الذي يُطلق هذه الموسيقى بهذه الكلمات بدأت حديثها مدرسة الموسيقى بهاء عثمان لـ”تشرين”، فهي مرافقة لهم بكل مجالات الحياة وتعبر عن مشاعرهم، فالموسيقى غذاء الروح …

عثمان: للأغاني والأناشيد الوطنية أهمية كبيرة في العملية التعليمية لما لها من دور كبير في غرس الانتماء الوطني والقومي

مضيفة: كم تذكرت تلك الأغاني والأناشيد الوطنية التي كانت تصدح بها حناجر الكبار والصغار وتتغنى بجمال وطننا ونصرة شعبنا على كل معتدٍ، من منّا لم يغني عند جلاء المستعمر الفرنسي عن أرض سورية الحبيبة، أغانٍ ما زالت ترافقنا إلى يومنا هذا؟، كم لنا من ميسلون نفضت عن جناحيها غبار التعب, وبلاد العرب أوطاني, ومن قاسيون أطل يا وطني, ومن الصخر في شامخات الفنن, موطني موطني, ونحن الشباب وغيرها الكثير الكثير، إذ كانت وما زالت تلك الأغاني والأناشيد فرح الناس وحافزاً كبيراً للتضحية بكل شيء ليبقى الوطن عزيزاً مكرماً.
وتؤكد عثمان أن للأغاني والأناشيد الوطنية أهمية كبيرة في العملية التعليمية لما لها من دور كبير في غرس الانتماء الوطني والقومي وهي تبث الحماسة في نفوس الطلبة وتكسبهم القيم وتعزز الروح الوطنية وتنمي روح الجماعة عندهم من خلال الإنشاد الجماعي وتبث في نفوسهم المتعة والسرور.
وتضيف عثمان: “دمت بخير يا وطني … و”بكتب اسمك يا بلادي عالشمس  الما بتغيب”..

تحمس وتذكر بالواجبات
الأغاني الوطنية تحمسني وتذكرني بواجبي تجاه الوطن تقول مريم ذات ٢٥ عاماً.. أحب أغنية (موطني) وأشعر بالفخر والعزة عندما أسمعها، تربينا على هذه الأغاني وارتبطت بذاكرتنا منذ نعومة أظافرنا من “زينوا المرجة وسورية يا حبيببتي، لشام ياذا السيف” وكم أدمعت عيوننا عند سماعها وصدحت حناجرنا عند أدائها حباً وانتماء لسورية المجد.
وستظل الأغنية الوطنية عنوان تاريخنا وهويتنا (حماة الديار) نشيد كل السوريين يجمعنا على نبض واحد يهز وجداننا ويسمو بأرواحنا فخراً واعتزازاً لأننا من وطن تهون في حبه كل الصعاب.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار