في ذكرى الإضراب.. الجولان حيّ في وجدان السوريين.. مقاومة مستمرة حتى الالتحام بتراب الوطن

تشرين – راتب شاهين:
ثلاثة وأربعون عاماً مرت على قرار صهيوني جائر، بـ«ضم» الجولان السوري المحتل، لم تغير انتماء تراب الجولان السوري الأصيل، «فللباطل جولة وللحق جولات»، وإذا كانت الظروف الدولية في القرن العشرين إلى جانب الباطل والاحتلال في المنطقة العربية، حيث تقف الدول الكبرى ذات الإرث الاستعماري خلف الصهيونية التوسعية، وخلف ما يمكن أن يبقي سعير نار الحرب ملتهباً، لضمان تفوقها وضمان تشغيل رأسمالها في الصناعات الحربية، تبقى لأهل الأرض، إخوة التراب، كلمة ناصعة تكتب مجريات لا تشتهيها سفن العدوان التوسعي، فجاء قرار الإضراب البطولي الذي أعلنه أهلنا في الجولان السوري في الرابع عشر من شهر شباط عام ١٩٨٢ بمنزلة صفعة للمشروع الصهيوني، بقضم الأرض تلبية لأوهامه التوراتية التوسعية، وليؤكد أن مستقبل الجولان هو بيد أهله، الذين يبقونه شعلة مضيئة على طريق العودة إلى وطنه الأم سورية.

الانتماء إلى سورية فوق كل انتماء
في الرابع عشر من شباط عام ١٩٨٢، نفذ أبناء الجولان المحتل إضراباً عاماً وشاملاً ومفتوحاً، رفضاً لفرض «الهوية الإسرائيلية» ولقرار الضم الباطل وللتأكيد على تمسّكهم بهويتهم الوطنية ومواصلة نضالهم في مواجهة إجراءات الاحتلال التعسفية حتى تحرير الجولان والعودة إلى الوطن سورية، وحيث إن الهوية والانتماء إلى سورية لا يعلى عليهما أي من المغريات الزائفة التي حاول الاحتلال تقديمها لامتصاص غضب أهل الجولان، فقد أطلق أبناء الجولان شعار«المنيّة ولا الهوية» على الإضراب، الشعار الذي يستمر إلى يومنا هذا وإلى أن يعود الجولان إلى الوطن وتحت علمه، الذي يتجدد له العهد كل عام في ذكرى الإضراب.
الإضراب الذي أدى إلى شلل كامل في مختلف المناطق، وقد تزامن مع خروج تظاهرات عارمة، وسخّرت قوات الاحتلال كل أدوات القمع والترهيب بحق أبناء الجولان وفرضت حصاراً عسكرياً شاملاً على قرى وبلدات الجولان، ومنعت وصول المواد الغذائية إليها، كما قطعت الكهرباء عن الأهالي في محاولة للضغط عليهم وإجبارهم على إنهاء الإضراب والقبول بقوانينها.

الجولان جزء من سورية وحيّ في وجدان السوريين
أكثر من أربعة عقود وقضية الجولان حيّة في أذهان وعقول ووجدان السوريين، لا يمحو ذكرها مغتصب ولا قرار اعتراف باطل أخرق أميركي أو غربي داعم لهذا الكيان التوسعي، فمجلس الشعب جدد التأكيد على أن كل ذرة من تراب في الجولان العربي السوري المحتل جزء لا يتجزأ من أرض سورية، وأن أبناءه الصامدين يثبتون يوماً بعد يوم تمسكهم بانتمائهم وهويتهم السورية، رغم كل ممارسات الكيان الصهيوني المحتل الإجرامية بحقهم.
وقال المجلس في بيان أصدره بمناسبة الذكرى الـ42 للإضراب العام الشامل لأهلنا في الجولان السوري المحتل رفضاً لقرار «ضم الجولان» الباطل إلى الكيان الصهيوني الغاصب، والتي تصادف اليوم: «إن الجولان في ضميرنا وعقولنا ووجداننا، ونحن في مجلس الشعب نجدد دعمنا ووقوفنا الثابت والدائم قلباً وقالباً بالوسائل كلها إلى جانب أهلنا في الجولان العربي السوري المحتل حتى استعادة كامل ترابه وعودته غير منقوص إلى حضن الوطن الأم سورية».

ملحمة الحنين تبطل افتراءات الاحتلال
كل عام يجدد أبناء الجولان في داخله وخارجه العهد مع ترابه، مشكلين من الحنين ملحمة تبطل كل ما يسمى قرارات صدرت عن سلطات كيان الاحتلال أو من داعميه، أو من محاولات تضليلية هدفها تزوير الحقائق أمام دول تسير في ركب التطبيع والمهادنة، والتي تريد أن ترتاح من حرب وصراع لم تدخله بالأساس إلا باعتباره دعاية إعلامية في زمن ما، أو تجارة تعرض في سوق المقايضة الاقتصادية والسياسية.
وفي ظل دعاية صهيونية عالمية قوية وباطلة خضعت لها دول كثيرة، جاءت مقدمة نص الوثيقة الوطنية لسكان المرتفعات السورية المحتلة في 25 آذار عام ١٩٨١، كبرق قصف كل تلك الجهود «الجبّارة» للكيان المحتل لتغيير الحقائق الاجتماعية التاريخية والآنية، ولتمزق ما دأب عليه الاحتلال لإحلاله بدل الحقائق، وليثبت سورية تراب وأهل الجولان وحقهم في الشرائع الدولية بتقرير مصيرهم: «نحن المواطنين السوريين في المرتفعات السورية المحتلة، نرى لزاماً علينا أن نعلن لكل الجهات الرسمية والشعبية في العالم أجمع، ولمنظمة الأمم المتحدة ومؤسساتها، وللرأي العام العالمي، وكذلك الإسرائيلي، ومن أجل الحقيقة والتاريخ، بصراحة ووضوح تامّين، عن حقيقة موقفنا من الاحتلال الإسرائيلي ودأبه المستمر على اقتلاع شخصيتنا الوطنية، ومحاولة ضمّ الهضبة السورية المحتلة حيناً..»

الرفض مستمر لأشكال الاحتلال المختلفة
إن أبناء الجولان يواصلون التعبير عن انتمائهم إلى وطنهم الأم سورية في كل المناسبات، كما يعبرون عن سوريتهم بكل أشكال المقاومة وخاصة مقاومة المشاريع الاسرائيلية التي لا تنتهي، وآخرها مشروع «المراوِح الهوائيّة» أو «التوربينات» التي تحاول السلطات الإسرائيلية بها تحويل احتلالها للجولان إلى أمر واقع، لكن قرى الجولان السوري المحتل شهدت اشتباكات عنيفة وتظاهرات مناوئة للمشروع، كتعبير عن رفض الاحتلال وضرورة الاستمرار في مقاومته، ورفض كل مشاريع الاستيطان التي يفرضها الاحتلال و«يباركها» ما يسمى بعض دول المجتمع الدولي، بالتصريح والاعتراف أحياناً، وبالصمت أحياناً أخرى.

كل يوم يمر يقرب تراب الجولان من الالتحام بتراب سورية
سيبقى الجولان عنواناً للأحرار والمناضلين وشعلة على طريق المقاومة والتحرير، وحق أبناء الجولان في ترابهم وفي سوريتهم، يقوى مع نضالهم وتمسكهم بوطنهم ورفضهم قرارات سلطات الاحتلال، مهما كانت الظروف الدولية غير منصفة وعادلة لمنحهم حق تقرير مصيرهم، رغم وضوح الصورة، ورغم أيضاً القوانين الدولية الواضحة والمعروفة للجميع، وحق الجولان علينا ألا نفوت أي فرصة أو مناسبة إلا ونسعى فيها لعودته إلى تراب الوطن معززاً مكرماً، إن كان عبر المؤسسات الدولية أو عبر المقاومة، والطريقة الأخيرة هي الأكثر جدوى، وهذا ثبت بالتجربة مع هذا الاحتلال في أرض جغرافية أخرى في جنوب لبنان او في قطاع غزة، فكل يوم يمر يقرب تراب الجولان من العودة والالتحام بتراب وطنه الأم سورية.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار
إجراء أول عمليتي زراعة حلزون ضمن برنامج الكشف والتدخل المبكر لنقص السمع عند حديثي الولادة ندوة حوارية في وزارة الخارجية عن سمات وخصائص العلاقات السورية- الروسية بمناسبة مرور 80 عاماً على إقامتها وزير الزراعة السوداني يطلع على التجارب الزراعية لـ"أكساد" في اللاذقية لليوم الثاني.. مؤتمر الباحثين السوريين المغتربين 2024 يتابع أعماله.. رؤية جديدة لتأهيل الطلاب والاستثمار في الفكر البشري «سديه تيمان» والوحشية الإسرائيلية التي لا حدود لها.. المنطقة تترقب جهود الاحتواء الدولية و«رد» الكيان ما زال رهن مخاوفه بهدف اختبار الأداء والجاهزية.. البحرية الروسية تجري تدريبات قتالية بمشاركة أربعة أساطيل من السفن ووحدات الطيران البحري «الأم السورية شمس لا تغيب» فيلم «ديكودراما» يوثق دور المرأة السورية خلال سنوات الحرب أهمها تدهور الذاكرة والإدمان.. تأثير العالم الافتراضي في الصحة غير مسبوقة منذ سنوات.. تقديرات إنتاج الفستق الحلبي لهذا العام تفوق ٧٧ ألف طن ١٥.٧ مليار ليرة ديون تأمينات حماة على القطاعين العام والخاص  و ١٣ ملياراً  تحصيلات