الجولان كان وسيبقى عربياً سورياً في ذكرى الإضراب البطولي.. إصرار على النصر والتحرير

القنيطرة – محمد الحُسين
في ذكرى قرار الإضراب البطولي الكبير الذي أعلنه الأهل الأباة في الجولان السوري المحتل في الرابع عشر من شهر شباط عام ١٩٨٢، حيث يؤكدون أنهم مصرون على المزيد من الصمود والمقاومة، وإفشال كل مخططات الاحتلال بحق الجولان أرضاً وتاريخاً وسكاناً، وأن الاحتلال مهما أوغل في ممارساته وإجراءاته وقراراته الباطلة المرفوضة، سيبقى أهلنا في الجولان على العهد، يجددون في كل مناسبة التأكيد على موقفهم الثابت بأنّ الجولان المحتل جزء لا يتجزأ من أرض سورية، وبأن الهوية السورية صفة ملازمة لهم لا تزول، وهي تنتقل من الآباء إلى الأبناء، وأن أرضهم ملكية مقدسة لا يجوز التنازل أو التخلي عن شبر منها للمحتل الإسرائيلي، مؤكدين انتماءهم الأصيل لوطنهم الأم سورية، وتمسكهم بالهوية العربية السورية، مواصلين مسيرتهم النضالية بمقارعة الاحتلال وإجراءاته القمعية التعسفية حتى تحرير كل شبر من تراب الجولان العربي السوري المحتل.

قرار احتلالي
وكان الكنيست الصهيوني قد أصدر في الرابع عشر من شهر كانون الأول عام ١٩٨١، ما يُسمّى بقرار ضمّ الجولان إلى الكيان الصهيوني، وتطبيق القوانين الإسرائيلية عليه، وفرض الهوية الصهيونية على أبناء الجولان السوري المحتل بقرى مجدل شمس ومسعدة والغجر وعين قنية وبقعاثا.
ومع إن القرار العدواني الاحتلالي الاسرائيلي وُلِد ميتاً، ولا يساوي الحبر الذي كُتِب به، إلّا أن الأهل الأباة في الجولان السوري المحتل، رفضوا القرار رفضاً قاطعاً، وأعلنوا الانتماء الأصيل لوطنهم الأم سورية، والاعتزاز بهويتهم العربية السورية، لأنها رمز كرامتهم وفخرهم، ونسبهم وجذورهم وانتسابهم.

الإدانة الدولية
وبعد ثلاثة أيام اجتمع مجلس الأمن الدولي بناء على طلب من الجمهورية العربية السورية لدراسة القرار الإسرائيلي وتداعياته، وأصدر المجلس القرار رقم «٤٩٧» تاريخ : ١٧ / ١٢ / ١٩٨١ م الذي ينص على ما يلي:
– يعدّ قرار “إسرائيل” بضم الجولان السوري المحتل ملغىً، وليس له أي أثر قانوني دولياً.
– مطالبة”إسرائيل” بإلغاء قرارها فوراً.
– تستمر نصوص اتفاقية جنيف المؤرخة في: ١٢/ ٨ / ١٩٤٩، والمتعلقة بحماية المدنيين وقت الحرب بانطباقها على الجولان.
– في حال رفض «إسرائيل» تنفيذ هذا القرار، يجتمع مجلس الأمن الدولي بصورة عاجلة للنظر في اتخاذ التدابير اللازمة، استناداً لميثاق الأمم المتحدة والصلاحيات المنوطة بالمجلس.
وبتاريخ ٥ / ٢ / ١٩٨٢ تقدّمت سورية إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة بقرار يدين «إسرائيل» لضم الجولان، وعدم تنفيذها لقرار مجلس الأمن الدولي رقم « ٤٩٧»، وقد وافقت الجمعية العامة للأمم المتحدة على قرار الإدانة بأغلبية ساحقة، وينص على مايلي :
– إن قرار “إسرائيل” بضم الجولان السوري المحتل ملغىً وباطل، وليس له أي صحة قانونية على الإطلاق.
– تطالب الجمعية العامة للأمم المتحدة «إسرائيل» أن تلغي قرارها فوراً.
– في حال عدم إلغاء «إسرائيل» للقرار، ترجو الجمعية من مجلس الأمن الدولي العمل بموجب الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة القاضي باتخاذ الإجراءات اللازمة.

الوثيقة الوطنية
وقد أصدر أبناء الجولان السوري المحتل بقرى مجدل شمس ومسعدة والغجر وعين قنية وبقعاثا بعد صدور ما يُسمّى بقرار ضم الجولان الوثيقة الوطنية التي أعلنوا بها رفضهم للاحتلال الإسرائيلي وقراراته وإجراءاته، وتمسّكهم بهويتهم العربية السورية، وانتماءهم لوطنهم الأم سورية، وهذا نص الوثيقة:
«نحن المواطنين السوريين في الجولان السوري المحتل، نرى لزاماً علينا من أجل الحقيقة والتاريخ، أن نعلن لكل الجهات الرسمية والشعبية في العالم أجمع حقيقة رفضنا للاحتلال الإسرائيلي، ودأبه المستمر لابتلاع شخصيتنا الوطنية، ومحاولاته لضم الجولان السوري المحتل، وتطبيق القوانين الإسرائيلية علينا، وجرّنا بطرق مختلفة لتجريدنا من جنسيتنا العربية السورية التي نعتز بها، ونتشرف بالانتساب إليها، ولا نريد عنها بديلاً»
وكتب الأهل المناضلون عبر إضرابهم العام والمفتوح في الرابع عشر من شباط عام ١٩٨٢ ملحمة وطنية نضالية بطولية حين تصدوا لقرار كنيست الاحتلال الإسرائيلي المشؤوم بضم الجولان المحتل، وفرض القوانين الإسرائيلية على أبنائه حيث أطلقوا شعار: المنية ولا الهوية لإضرابهم المفتوح، رفضاً لفرض الهوية الإسرائيلية، ولقرار الضم الباطل، وللتأكيد على تمسكهم بهويتهم الوطنية ومواصلة نضالهم في مواجهة إجراءات الاحتلال التعسفية حتى تحرير الجولان والعودة إلى الوطن سورية.
و المسيرة النضالية لأهلنا في الجولان العربي السوري المحتل ضد الاحتلال الإسرائيلي ومخططاته وقراراته العنصرية حافلة بمحطات مقاومتهم له منذ أن دنس تراب أرض الجولان في عام ١٩٦٧، ولعل الإضراب الشامل الذي أعلنوه قبل اثنين وأربعين عاماً، كان أبرز تلك المحطات، وجاء بعد اجتماع شعبي تنادى إليه أهالي الجولان بمشاركة الآلاف منهم في الثالث عشر من شباط عام ١٩٨٢، وقرروا فيه إعلان الإضراب للتأكيد على رفضهم القاطع لقرار الضم، ومقاومة كل إجراءات الاحتلال، والتمسك الثابت بهويتهم الوطنية السورية.
وقامت قوات الاحتلال الإسرائيلي، وفور إعلان الإضراب بفرض حصار عسكري شامل على القرى والبلدات في الجولان، ومنعت وصول المواد الغذائية، وقطعت الكهرباء عن الأهالي في محاولة للتعتيم على ما يجري، وعزلهم عن العالم الخارجي للضغط عليهم، وإجبارهم على إنهاء الإضراب، والقبول بقوانينها.
كما عمدتْ إلى اعتقال عشرات الشبان من أبناء الجولان بعد حملات مداهمة للبيوت، وفرضت منع التّجول في جميع القرى.
لكن أهالي الجولان العزل، قابلوا الحصار الجائر وضغوط الاحتلال بالصمود والمقاومة والتجذر في أرضهم وقراهم، وخاضوا خلال فترة الإضراب مواجهات عنيفة مع قوات الاحتلال، كان أهمها معركة الهويّة التي جرت في الأول من نيسان عام ١٩٨٢ م بعد أن اقتحمت قوات الاحتلال عدة قرى، ونكّلت بسكانها.
وبعد أكثر من ستة شهور من الإضراب أرغم الأهل المناضلون كيان الاحتلال على الاستجابة لمطالب الأهالي، والتراجع عن مخططاته العنصرية لفرض الجنسية الإسرائيلية على أبناء الجولان بالتزامن مع تأكيد الأمم المتحدة والكثير من الدول الحرة في العالم، أن قرار الكنيست الإسرائيلي بضم الجولان باطل ولا أثر قانونياً له وأن الجولان كان وسيبقى عربياً سورياً.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار