خطوة على طريق إصلاح القطاع العام.. ورشة عمل حول إعادة تقييم الأصول المادية في الشركات والمؤسسات العامة ذات الطابع الاقتصادي

تشرين- ماجد مخيبر – هناء غانم:
بدأت اليوم أعمال ورشة العمل التي يقيمها الجهاز المركزي للرقابة المالية في مكتبة الأسد الوطنية تحت عنوان (إعادة تقييم الأصول المادية في الشركات والمؤسسات العامة ذات الطابع الاقتصادي)، وعقب افتتاح الورشة تحدث رئيس الجهاز المركزي للرقابة المالية محمد برق عن القوائم والبيانات والمراكز المالية الحكومية، مبيناً أن النظام المحاسبي الموحد رقم 490 الصادر عام 2007 يهدف إلى إعداد القوائم المالية على أساس معايير المحاسبة الدولية، حيث أكدت المادة 8 منه ضرورة أن تعبر القوائم المالية عن حقيقة المراكز المالية للمنشآت.

مقترحات قابلة للتطبيق
وزير المالية الدكتور كنان ياغي أوضح خلال تصريح صحفي أنه بعد ١٣ عاماً من الحرب، ومعدلات التضخم الكبيرة لابد من إعادة النظر بهذه الأصول لكي تعكس القيمة الحقيقية لها ولابد من مشاركة جميع المعنيين بالقطاع المالي في عملية تقييم الأصول المادية والثابتة للشركات، مع ضرورة تحديد الضوابط والأهداف والنتائج المترتبة على ذلك، مشيراً إلى أن الورشة تسعى للوصول إلى مقترحات قابلة للتطبيق لتصبح دليلاً ومنهجاً وأسلوب عمل يؤدي إلى إظهار القيمة الحقيقية لأصول تلك المؤسسات والشركات، وتستمر الورشة التي يشارك فيها نخبة من المختصين من الوزارات والجهات المعنية ونقابة المهن المالية والمحاسبية وغيرها لمدة يومين.

ياغي: جميع الشركات لاتزال على القيم التاريخية لذلك نحن أمام مخاطر كبيرة للتحول إلى القيم العادلة للأصول

كما نوه  ياغي إلى موضوع التشاركية حيث قال نحن ندخل بتشاركية مع القطاع الخاص، لذلك يجب أن نعرف حصتنا من رأسمال الشركة حتى نعرف حصتنا من الأرباح أو الإيرادات العامة للشركة، وهذا المدخل مهم إلا أن هناك مخاطر فجميع الشركات لا تزال على القيم التاريخية لذلك نحن أمام مخاطر كبيرة للتحول إلى القيم العادلة للأصول ضمن القوائم المالية المسجلة.

ضرورة مهمة
رئيس الجهاز المركزي للرقابة المالية محمد برق قال في تصريح لـ”تشرين”: إن إعادة تقييم الأصول المادية والقوائم والبيانات في الشركات والمؤسسات الحكومية العامة ذات الطابع الاقتصادي بات ضرورة مهمة، مبيناً أن النظام المحاسبي الموحد رقم 490 الصادر عام 2007 يهدف إلى إعداد القوائم المالية على أساس معايير المحاسبة الدولية، حيث أكدت المادة 8 منه ضرورة أن تعبر القوائم المالية عن حقيقة المراكز المالية للمنشآت.

وأفاد برق أن مبادرة الجهاز المركزي لعقد هذه الورشة التي جمعت نخبة من المختصين والخبراء في مجال علم المحاسبة وعلم المالية العامة بهدف التشاور ولإعادة تقييم هذه الأصول المالية، لتعبّر أكثر عن الواقع وعن حقيقية المركز المالي للقوائم والبيانات.
كما أوضح برق أنه في ظل الظروف والحصار الاقتصادي والحرب الإرهابية التي مرت على سورية وظروف التضخم أصبحت القوائم المالية لا تعبر عن الواقع الفعلي، لذلك لابد من التوصل الى صيغة للإفصاح الشفاف والواضح عن القوائم المالية والحسابات في جهات القطاع العام.. وبالتالي من مهام الجهاز المركزي للرقابة المالية إبداء الراي و معرفة حقيقة هذه القوائم المالية والأصول الواردة ضمن القوانين، مشيراً إلى أن العروض والدراسات المقدمة من الباحثين سوف  تقدم الإجابة على الكثير من التساؤلات ومدى الانسجام مع التشريعات الضريبية والاقتصادية والمالية الموجوة في سورية.

برق: نسعى لإعداد صيغة شفافة لمعرفة حقيقية للقوائم المالية في مؤسسات القطاع العام

ولدى الاستفسار منه هل نحن بحاجة لتشريع للوصول إلى أصول وقوائم مالية صحيحة قال: هناك توصيات قد يكون احدها دراسة التشريعات الناظمة.

أهمية إعادة التقييم
المحاسب القانوني فرزت عمر العمادي (نقابة المهن المالية والمحاسبية) أوضح خلال محاضرته أن تقييم الأصول المالية له أسبابه ومبرراته ومن أهمها حالات الاندماج بين الشركات وحالات الاستحواذ أو دخول شريك إستراتيجي وإبرام عقود التأمين على الشركات وزيادة قدرة الشركة على الاقتراض، وإعادة تقييم الأصول هي عملية تساعد الشركات على الحفاظ وتحديث بياناتها المالية عن طريق ضبط وتحديث قيم أصولها سواء كانت أصولاً ملموسة مثل العقارات والآلات أو أصولا غير ملموسة مثل الملكية الفكرية أو العلامات التجارية، وقيمة الأصول الثابتة يمكن أن تتغير بمرور الوقت بسبب عوامل مختلفة مثل التضخم والتقدم التكنولوجي والطلب في السوق وما إلى ذلك.
كما تعد إعادة تقييم الأصول أمراً بالغ الأهمية لضمان أن البيانات المالية للشركة تعكس القيمة الحقيقية لأصولها، وهو أمر مهم لأغراض حساب التكاليف والتحليل المالي ومؤشرات الأداء وصنع القرار، ودقة التقارير المالية، ولا بد من معرفة القيمة السوقية للأصول عند شرائها أو بيعها أو الاستثمار فيها حيث تساعد في تحديد السعر المناسب

وتقييم فرص الاستثمار وتسمح للمؤسسات أو الشركات بقياس العائد المحتمل على الاستثمار بشكل أكثر فعالية.

تشوهات القوائم المالية
الدكتور عبد الرزاق قاسم رئيس هيئة الأوراق والأسواق المالية عرض خلال المحاضرة الثانية لإعادة تقييم الأصول المادية وفق معايير المحاسبة الدولية ، لكون الهدف الأساسي من وراء تبني معايير التقارير المالية الدولية الحديثة لمقاييس القيمة العادلة هو زيادة مصداقية التقارير المالية من خلال تطبيق معايير عالية الجودة في مجال كل من القياس والإفصاح المحاسبي وذلك على أمل أن يؤدي بدوره إلى زيادة جودة المعلومات التي تعكسها التقارير المالية من حيث التعبير الصادق عن نتيجة الأعمال والمركز المالي للوحدة الإقتصادية.
القاسم أشار إلى مرور الاقتصاد السوري خلال سنوات الحرب من 2011- 2023، بظروف صعبة أفرزت عدداً من المظاهر الاقتصادية، والتي يُعد من أهمها ظاهرة التضخم الشديد وخسارة جزء من أصول المؤسسات ونقص الكفاءات الإدارية ونقص التمويل، وقد أسهمت هذه المظاهر في جعل البيانات المالية للمؤسسات العامة ذات الطابع الاقتصادي لا تعكس حقيقة الوضع المالي الحقيقي مما ساهم في وجود تشوهات في القوائم المالية ُيمكن إيجازها بالنقاط التالية:
إن قياس الدخل وفق مدخل التكلفة التاريخية عملية مشوهة لا تعكس الأداء المالي الحقيقي للمؤسسة، وعمليات الجمع والطرح التي تتم في القوائم المالية هي لوحدات نقدية مختلفة القيمة. كذلك ظهور أرباح متضخمة صورية تشوه نتائج القياس المحاسبي نتيجة التكلفة التاريخية قاد إلى اتخاذ قرارات خاطئة، وعدم قدرة المؤسسات والشركات العامة على استبدال أصولها الثابتة والمتداولة وسداد أرباح وهمية وبالتالي توزيعات وضرائب وهمية، وعجز عن سداد الالتزامات وزيادة مضطردة في المديونية ومشاكل سيولة وعدم التسعير العادل للمبيعات والعقود وانخفاض مستمر في قيم الموارد الاقتصادية.
رئيس هيئة  الأوراق المالية عرف المعايير الدولية لإعداد التقارير المالية أو معايير المحاسبة الدولية (IFRS) بأنها: مجموعة من المعايير والإرشادات المحاسبية التي تم تطويرها واعتمادها من قبل المجلس الدولي للمعايير المحاسبي وهي  تهدف إلى توحيد الممارسات المحاسبية في جميع أنحاء العالم وتوفير إطار عمل مشترك لإعداد التقارير المالية، تشمل مجموعة واسعة من المواضيع مثل التقييم المالي، التقارير المالية، الإفصاح، والتسويات المحاسبية، وتُستخدم من قبل الشركات والمؤسسات في جميع أنحاء العالم لإعداد التقارير المالية القابلة للمقارنة.
كما أشار القاسم الى أن معيار المحاسبة الدولي IFRS16  سمح باستخدام نموذج إعادة التقييم في تحديد قيمة العقارات والآلات والمعدات، ويجب أن تتم إعادة التقييم على أساس منتظم بشكل كاف لضمان عدم اختلاف المبالغ المسجلة (القيمة الدفترية الصافية) بصورة مادية عن القيمة العادلة. وتتم إعادة التقييم لبنود الممتلكات والمصانع والمعدات سنوياً في حالة وجود اختلاف جوهري أو كبير بين القيمة العادلة للأصل المُعاد تقييمه وبين القيمة الدفترية المسجلة للأصل، أما إذا لم يكن هذا الاختلاف بين القيمتين جوهرياً فتتم إعادة التقييم كل ثلاث إلى خمس سنوات ويعتبر ذلك كافيا، وذلك نظراً لاستقرار أسعار ذلك الأصل.
الاستنتاجات النهائية
كما لفت  المحاضر  إلى أن عملية إعادة تقييم الأصول المادية  تلعب دوراً مهماً في الحفاظ على سجلات مالية دقيقة وضمان صلاحية قاعدة أصول المنشأة، ومن منظور المحاسبة  تساعد في تحديد المشكلات المحتملة مع الأصول المادية، مثل الضرر أو التقادم، والتي يمكن معالجتها بعد ذلك لمنع المزيد من الخسائر.
أما من منظور الإدارة، فهي توفر رؤى قيمة في أداء الأصول الفردية وقاعدة الأصول الإجمالية للمنشأة وذلك من خلال تحديد الأصول الأفضل أداء وتلك التي تعاني من ضعف الأداء، ويمكن للإدارة اتخاذ قرارات استراتيجية بشأن الاستثمارات المستقبلية أو عمليات التخلص من الإجراءات أو غيرها من الإجراءات التي يكن أن ُتحسن الوضع المالي للمنشأة.

صعوبات إعادة التقييم
وفيما يتعلق بالصعوبات التي تعترض عملية إعادة التقويم في القطاع العام في سورية لخصها المحاضر بعدة نقاط منها غياب التشريعات التي تسمح بإعادة التقييم في القطاع العام٫ وعدم توافر إحصائيات دقيقة حول التضخم وأسعار الأصول، وهل يوجد لدى الشركات فائض أرباح لتستوعب القيم الكبيرة لأقساط الاستهلاك.
إضافة لعدم توافر العدد الكافي من خبراء التقييم وضعف الخبرات في هذه المجالات، وعدم وجود تنظيم وقواعد تحكم عمل المقومين، وعدم اتصاف أسعار السوق بالموضوعية والقابلية للتحقق.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار