سماد خارج الحسابات الزراعية و”الحاجة أم الاختراع”.. رماد الخشب خيار صحي صديق للبيئة وبديل مثالي للأسمدة الكيماوية لكن بشروط!

تشرين- إلهام عثمان:

يعود استخدام رماد الخشب إلى وقت طويل مضى وما زال، حيث إنه يسهم في تحسين التربة وتغذية النباتات، ولاسيما أنه يعدّ خياراً صحياً و صديقاً للبيئة، هذا المورد الطبيعي القديم، يعدّ بديلاً مثالياً وفعالاً للاسمدة الكيماوية التي تستخدم على نطاق واسع في الزراعة الحديثة، ولاسيما أنه يضم مجموعة كبيرة ومتنوعة من المعادن الهامة مثل البوتاسيوم، المغنيسيوم، وغيره، وأهم عناصره ” كربونات البوتاسيوم ” وهو موجود وبنسبة عالية في الرماد، ويعد عنصراً غذائياً أساسياً لنمو النباتات وتطويرها بطريقة صديقة للبيئة، لكن ما يميزه أيضاً أنه مادة “شديدة القلوية” يتراوح الـ PH فيها ما بين 9 إلى 13، ويعد الرماد مكملاً ممتازاً للأسمدة العضوية المؤلفة من المخلفات الزراعية النباتية والحيوانية، ولاسيما أنه يقوم بمعادلة حموضة الأسمدة العضوية.

م.القصار: يحمي من الآفات الزراعية لكن..لا يناسب كل النباتات لقلويته العالية

وصايا

أكد المهندس الزراعي حسام القصار من خلال حديثه لـ” تشرين” أن الرماد عموماً لا يناسب النباتات (محبة الحموضة)، كالبطيخ والبطاطا ويعود السبب لقلويته العالية، إلّا أنه شائع الاستخدام كسماد زراعي للنباتات في كثير من دول العالم مثل بريطانيا، لكونه يحمي النباتات من بعض الآفات الزراعية، كالخنافس والثاقبات وآكلات السوق.

الطريقة

وفق رأي د. صبحي منصور وآخرين، هناك اعتبارات في استخدام رماد الخشب يجب التقيد بها، ومنها “أن ينثر الرماد حصراً في فصل الشتاء وبدايات الربيع, وقبل أو بعد ظهور البادرات، وقبل أو بعد زراعة الشتلات بأسبوعين على الأقل، لأن النباتات التي نقلت من مكانٍ لآخر لا تحتمل التغيرات المفاجئة في درجة حموضة التربة، هذا و يضاف الرماد للتربة (نثراً) باستخدام غربال أو أداة تعفير، كما ينصح بنثره عندما تكون الرياح ساكنة؛ بسبب جزيئاته الصغيرة القابلة للتطاير عن طريق الرياح، وينثر على كامل مساحة التربة المراد تسميدها ثم يقلب بالتربة، ويجب ألّا نقوم بتجميعه حتى لا تنحل منه مقادير كبيرة من الأملاح فتؤذي الجذور، كما يجب أن يمزج الرماد مع التربة قبل نثره في الحقل لكونه ذا طبيعة كاوية، هذا ويضاف للنباتات “المحبة للكالسيوم” مثل البندورة بقدر (ما بين ربع وثمن فنجان من الرماد لكل نبات)، ويضاف قبل إضافة الأسمدة النتروجينية إلى التربة “بشهر كامل”؛ لأنه يعمل على فقدان النتروجين (الآزوت) من الأسمدة نتيجة لارتفاع قلويته.

خبراء: يمكن إضافته بكميات محددة للتربة التي “تميل للحموضة” وينخفض فيها الهيدروجين

كما أوضح منصور، أنه يمكن تعديل قلوية الرماد بإضافة عنصر الكبريت إليه، وينثر قرب جدران الحديقة وأسوارها بشكل جاف وغير مبلل لإبعاد الحلزون العاري (البزاق) عن الحدائق، كما يستخدم رماد الخشب لمكافحة الطحالب في المياه وضبط نموها، حيث تضاف ملعقة منه لكل 1000 جالون ماء، وهذه الكمية من الرماد تؤمن مقداراً من عنصر البوتاسيوم يكفي لدعم نمو النباتات المائية التي تنافس الطحالب.

د. منصور هناك اعتبارات باستخدام رماد الخشب يجب التقيد بها

اختبارات

أكد منصور أن رماد الخشب يعد عاملاً مهماً في تسريع عملية التخمر للمخلفات الزراعية الحيوانية (الزبل)، ووفقاً للاختبارات الميدانية؛ يختلف عن الحجر الكلسي من حيث إنه يرفع قلوية التربة بشكلٍ أسرع مما يفعله الحجر الكلسي.

المقدار الآمن

من جهته أكد القصار أن استخدام رماد الخشب كسماد له مقادير معينة، وجب التقيد بها وبحذر، حيث يوضع 1 كيلو غرام لكل 100 متر مربع من التربة، كما تزود الحدائق بمعدل ما بين 50 – 70 غرام من الرماد لكل 1 متر مربع، ويفضل غربلة الرماد قبل استخدامه، حيث لا ينصح باستخدامه في حديقة المنزل أو الحقل إلّا بكميات قليلة جداً خاصة في بلادنا، ويشير إلى أنّ الكمية تتغير حسب نوعية التربة (٥-١٠ كغ لكل ١٠٠ متر مربع هي الكمية الأكثر أماناً)، وليس بالقرب من الشتلات أو النباتات المحبة للأحماض.

الآفات الزراعية

يتم التخلص من الآفات بتعفير النباتات بـرماد الخشب، حسب رأي القصار، مثل “المن” عن طريق ترطيب أوراق النبات بالماء بشكل جيد قبيل غروب الشمس ومن ثم نقوم بتعفير الأوراق بـرماد الخشب ونترك رماد الخشب على النبات لليلةٍ كاملة وعند الصباح نغسل الأوراق بالماء.

محاذير

ينصح عند إضافة رماد الخشب للتربة الانتباه من الإفراط في استخدامه، هذا ما أكده القصار حيث إنّ إضافة كمٍّ كبير منه للتربة يمكن أن يؤدي لتسمم النباتات بالعناصر المعدنية، وينطبق هذا بشكل خاص، إذا بقي الرماد في كتلة تحتوي عادةً على البوتاس والفوسفات وكميات ضئيلة من العناصر الغذائية الدقيقة مثل الحديد والمنغنيز والبورون والنحاس والزنك، ولكنها يمكن أن تحتوي أيضاً على معادن ثقيلة مثل الرصاص والكادميوم والنيكل والكروم، اعتماداً على المواد الأخرى المحروقة، أي حوالي 80 ـ 90% من الرماد، و يتألف من مركبات ذوابة في الماء، وبالتالي رماد الخشب يفقد عناصره المغذية إذا تمت إضافته بوجود ( المياه)، سواء مياه الري أو الأمطار، وإن دخول تلك المركبات إلى التربة على شكل أملاح قد يضر بالنباتات، ولاسيما إذا تركزت تلك الأملاح المتسربة في منطقة واحدة. كما أنه قد تتبقى فيه بعض المركبات الكربونية الأقل قابليةً للذوبان في الماء، وهي المركبات المحدثة لقلوية التربة، لذا وجب توخي الحذر في استخدامه بشكل عام.

م. موره لي: رفعها لقلوية التربة يؤدي إلى منع حرية الشوارد 

أسباب وجيهة

وفق رأي القصار في بلادنا؛ هناك أسباب وجيهة قد تجعل القيام باستخدام الرماد غير مستحسن، على الرغم من أنّ العديد من كتب ومواقع البستنة تشجع أصحاب المنازل على إضافته لتربة الحديقة كسماد، حيث تحتوي معظم أنواع التربة في سورية على أملاح زائدة وهي غالباً كلسية المنشأ، وذات درجة حموضة تبلغ أكثر من 7 PH، وإنّ إضافة رماد الخشب الذي يحتوي عادة على 25% من كربونات الكالسيوم، والذي يكون شديد القلوية مع درجة حموضة تتراوح من 10 إلى 12، يزيد من قلوية التربة ما يوجد ظروفاً معاكسة لنمو النباتات.

تفضيل

العديد من النباتات تفضل البيئة الحامضية” القليلة” والسبب أنه عندما تزداد قلوية التربة ويرتفع الرقم الهيدروجيني، تصبح المعادن الضرورية مثل الفوسفور والحديد والبورون والمنغنيز والنحاس والزنك والبوتاسيوم مرتبطة كيميائياً بالتربة، ولا تكون متاحة للاستخدام النباتي، ومع مرور الوقت وبسبب هذا التغيير في كيمياء التربة، ستظهر النباتات نقصاً في المعادن عن طريق إنتاج أوراق وسيقان وأزهار غير طبيعية.

أعراض

من جهته وضح الدكتور مجد جمال لـ”تشرين” أنّ أهم الأعراض الشائعة هي الإصابة بالاصفرار بين العروق، إي اصفرار الأنسجة الخضراء عادة، ويرجع ذلك إلى عدم توفر الحديد أو الزنك أو المنغنيز بسبب القلوية الزائدة، أما الشتلات اليافعة تحديداً فهي ذات حساسية كبيرة للأملاح، حيث يمكن أن يتوقف نموها وتتحول أوراقها إلى اللون الأصفر، وفيما يتعلق بالنباتات ذات الأوراق العريضة، فيمكن أن يحدث فيها نخر (الموت وتغير لون الأنسجة) وتساقط الأوراق، كما تتسبب الأملاح الزائدة في فقدان التربة المتوسطة إلى الناعمة لبنيتها المجمعة حيث تصبح التربة منيعة للهواء والماء، كما أشار جمال إلى أنه عند خلط الأسمدة مثل كبريتات الأمونيوم أو اليوريا أو نترات الأمونيوم مع رماد الخشب، فإنها تنتج غاز الأمونيا، وهو مضر بصحة المزارع حيث يعمل على تهيج شديد في الجهاز التنفسي.

كما أشار الخبير م. منذر موره لي في حديثه، إلى أنّ المواد الموجودة في الرماد بعد الحرق هي أكاسيد معدنية، تتحول إلى محاليل عضوية بتفاعلها مع حمض الدبال في التربة، حتى يستفيد منها النبات، وإن رفعها لقلوية التربة يؤدي إلى منع حرية الشوارد بالتربة وامتصاص النبات لها، وبالنتيجة(لا ننصح ) كثيراً باستخدامها لتسميد التربة الزراعية، وإنما يمكن استخدامها في تسريع عملية التخمر للمخلفات الزراعية الحيوانية (الزبل) بإضافتها إلى كوم الزبل الطازج وتركها تتخمر معه لأنها تعدل من نسبة حمض البول المتواجد مع الزبل، والحصول على حمض الدبال الذي يعدّ المؤشر الأساسي لحصول التخمر، ومن ثم استخدام هذا الزبل المتخمر كسماد عضوي.

م. عصفور: في سورية معظم التربة قلوية لاحتوائها على نسب عالية من كربونات الكالسيوم لذا لا ننصح بها

من جهته أوضح م. ذيب عصفور لـ”تشرين” أنه لا ينصح بإضافة الرماد للتربة؛ لأن العناصر الكيماوية كالصوديوم والبوتاسيوم والكالسيوم والمغنزيوم، تكون على صورة أكاسيد معدنية لهذه العناصر وعند انحلالها بالماء، تتحول إلى هيدروكسيدات لهذه العناصر والتي تعمل على رفع رقم حموضة التربة نحو القلوية، وإن أراضينا معظمها قلوية لاحتوائها على نسب عالية من كربونات الكالسيوم، وبالتالي تزداد قلوية التربة بتلك الإضافة، وهذا يعمل على انخفاض امتصاص العناصر الغذائية اللازمة لنمو النبات حسب رأيه.

د. الدندل: استخدام رماد الخشب للأشجار المثمرة (لوزيات وحمضيات) أدى لاصفرار وتساقط الأزهار والثمار بعد العقد

أما د.كاظم الدندل فيؤكد أن استخدام رماد الخشب للأشجار المثمرة (لوزيات وحمضيات) أدى لتساقط الأزهار والثمار بعد العقد، كما أدى اصفرار الخضار في المحصول وتشويه أشكالها.

وصايا

لا يجوز إضافة رماد الخشب إلى التربة الزراعية التي يكون فيها ph مرتفعاً بالأصل أي” قلوية أساساً”، وفق رأي القصار وخبراء.. إلّا أنّه يمكن إضافته بحذر وبكميات محددة للتربة التي “تميل للحموضة” أي التي ينخفض فيها الرقم الهيدروجيني عن ٧ على مقياس الـ ph…

أي بحدود ٥-١٠ كغ لكل ١٠٠ متر مربع مرة واحدة سنوياً، وليس بالقرب من الشتلات أو النباتات مباشرة، كما يمكن استخدامه لتسريع عمليات التخمر اللاهوائي للزبل الحيواني لأنه يعدل من نسبة حمض البول الموجود في الزبل، ويستخدم كنوع من المبيدات الحشرية ومكافحة بعض الآفات الزراعية كالخنافس والثاقبات وآكلات السوق ولإبعاد الحلزون العاري عن الحدائق وفي مكافحة الطحالب مع التقيد بتعليمات المختصين في هذا المجال.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار
إجراء أول عمليتي زراعة حلزون ضمن برنامج الكشف والتدخل المبكر لنقص السمع عند حديثي الولادة ندوة حوارية في وزارة الخارجية عن سمات وخصائص العلاقات السورية- الروسية بمناسبة مرور 80 عاماً على إقامتها وزير الزراعة السوداني يطلع على التجارب الزراعية لـ"أكساد" في اللاذقية لليوم الثاني.. مؤتمر الباحثين السوريين المغتربين 2024 يتابع أعماله.. رؤية جديدة لتأهيل الطلاب والاستثمار في الفكر البشري «سديه تيمان» والوحشية الإسرائيلية التي لا حدود لها.. المنطقة تترقب جهود الاحتواء الدولية و«رد» الكيان ما زال رهن مخاوفه بهدف اختبار الأداء والجاهزية.. البحرية الروسية تجري تدريبات قتالية بمشاركة أربعة أساطيل من السفن ووحدات الطيران البحري «الأم السورية شمس لا تغيب» فيلم «ديكودراما» يوثق دور المرأة السورية خلال سنوات الحرب أهمها تدهور الذاكرة والإدمان.. تأثير العالم الافتراضي في الصحة غير مسبوقة منذ سنوات.. تقديرات إنتاج الفستق الحلبي لهذا العام تفوق ٧٧ ألف طن ١٥.٧ مليار ليرة ديون تأمينات حماة على القطاعين العام والخاص  و ١٣ ملياراً  تحصيلات