يعزف “سوناتا الضجر”  المخرج والشاعر علي القباني: موضوع الفيلم هو المرأة التي أصبحت وحيدة في عالم موحش وقاسٍ

تشرين- ميسون شباني:

البحث في دواخل المرأة وما تعانيه والغوص في مكنونات قلبها وروحها، كانت العنوان العريض للفيلم السينمائي “سوناتا الضجر” الذي انتهى المخرج السينمائي علي العقباني من عمليات تصويره مؤخراً، وقد اختار العقباني عبر فيلمه الغوص في عوالم المرأة وإرهاصاتها النفسية، وفضل العزف على أوتارها الداخلية برؤية أقرب إلى السيمفونية..

حول هذا الفيلم التقت “تشرين” المخرج السينمائي علي العقباني وكان لنا هذا الحوار.

سوناتا الضجر

*فكرة الفيلم ومعنى “سوناتا الضجر”؟

المعروف أن (السوناتا ) هي مقطوعة موسيقية تُعزف بآلة واحدة صولو أو أكثر، وتتألف من ثلاث أو أربع حركات موسيقية، والضجر هو تلك الحالة النفسية والاجتماعية التي يصل إليها المرء وتتمثل في فقدان الأمل والوحدة والانغلاق على الذات والنظر إلى العالم نظرة مختلفة، وهنا كان العنوان رمزياً دلالياً وربما كان شعرياً للدلالة عما يريد الفيلم أن يقوله.

* فكرة الفيلم قائمة على المرأة السورية ومواجهتها للمجتمع، كيف تمت معالجة القضية من منظورك ككاتب للسيناريو ومخرج للفيلم؟

نتحدث عما عاشته وتعيشه المرأة السورية قبل وأثناء وبعد الحرب

عندما تضع الحرب أوزارها وتتوقف نيران المدافع والرشاشات والقذائف يعود البشر إلى مواقع حياتهم، ويعيدون ترتيب ما انكسر وتخرب وتصدّع وانهدم، وغالباً ما تكون المرأة والطفولة هي الحامل الأكبر لتلك النهايات وهي من تحملت وزر الحروب ومآلاتها البشعة.. فهي قد فقدت أباً أو أخاً أو أماً أو زوجاً أو حبيباً وتعود لتصارع الحياة عيشاً ورغبة ومحاولة أن تكون.. من هنا كان موضوع الفيلم هو المرأة التي أصبحت وحيدة في عالم موحش وقاس بلا رجل أو سند.

* الإحساس بما تعانيه المرأة بات يدخل معظم الأفلام السينمائية، برأيك هل تمت الإضاءة كما يجب عبر الفيلم أم تتمنى لو أخذ مساحة أكبر؟

من الطبيعي أن تتكلم الأفلام السينمائية عن المرأة ذلك فعل رئيس وأساسي، فهي المجتمع الذي به تنهض الحياة والأمم، وتربى فيه الأطفال، وتستقر الحياة في توازنها الضروري، ففي كل فيلم حالة إنسانية أو أكثر تتحدث عن المرأة، ليس هذا ميزة بل ضرورة، فنحن نحتاج إلى عشرات الأفلام كي نتحدث عما عاشته وتعيشه المرأة السورية قبل وأثناء وبعد الحرب، وكل امرأة هي حالة بذاتها ضمن بيتها وعائلتها وفي مجتمعها وأحلامها وما عانته وتعانيه من قسوة وظلم.

كل امرأة هي حالة بذاتها ضمن بيتها وعائلتها وفي مجتمعها وأحلامها

ثلاث نساء

* الشريحة المستهدفة في الفيلم من النساء.. من هي المرأة هنا ومن تخاطب عبرها؟

موضوع الفيلم الرئيس – كما أسلفت- هو المرأة، فلدي ثلاث نساء يعشن في بيتٍ واحد بلا سند.. وحيدات مستوحشات.. وكل امرأة منهن هي حالة مستقلة في ذاتها وطريقة تفكيرها وحياتها ونظرتها وسلوكها، ويتضمن الاحتياج إلى الرجل حبيباً وعاشقاً وأخاً، من هنا فالحالة التي تعيشها فتيات تلك العائلة داخل هذا البيت ليست فردية، وإنما تعبير عن حالة انتشرت وتعاني منها البلاد التي تتعرض للحروب وتفقد شبابها موتاً أو رحيلاً.

التوجه نحو الأفلام القصيرة.. لأن إمكانية الذهاب نحو فيلم طويل تحتاج إلى ممول ومساحة أكبر من العمل والكثير من الأموال

* بخصوص أماكن التصوير واختيار الممثلين كيف تمّ الاشتغال على ذلك؟

عند كتابة الفيلم والفكرة كنت أرغب بمكانٍ واحد داخل محيط عام، وهنا سيكون البيت في مدينة دمشق، ومن ثمّ لا تخرج الأحداث من البيت، لكن تأثير الخارج عليه واضح بشدة، وعلاقته مع الخارج واضحة، وطالما أنني رغبت أن أتحدّث عن المرأة في وحدتها ووحشتها وحياتها في هذا البيت، فقد اخترت ثلاث نساء بأعمارٍ مختلفة.. هن ما تبقى من أسرة في بيتٍ عصري، وبالتنسيق كنت أبحث عن وجوه وممثلات تلبي الحالة التي أتحدّث عنها وأرغب الحديث عنها عمراً وشكلاً وأداء، لم أكن أعنى بالنجوم والأسماء.. فالمهم لدي أن تكون مناسبة وأعتقد هنا أنني وُفقت في اختيار الممثلات: سلمى سليمان، لارا سعادة، مرح زيتون والطفلة شهد الشطة، وعليه تمّ الاشتغال على شكل البيت من الداخل وغرفة كل صبية من مكوناتها وألبستها، بحيث تعبّر عنها فعلياً.. وهذا ما اشتغلت عليه مهندسة الديكور العزيزة ريم الماغوط وفريقها.

حظوظ القصير

* برأيك فرصة الفيلم القصير في ذاكرة السينما هل تشابه فرصة الفيلم الطويل؟

مع إمكانية القول اليوم عن وجود جهات أو مؤسسات يمكن أن تتبنى إنتاج الفيلم القصير فإن المؤسسة العامة للسينما هي الداعم الأكبر لفرصة إخراج فيلم قصير، سواء في دعم الشباب أو المحترفين من خارج ملاك المؤسسة أو داخلها، ولزاماً علينا الشكر للمؤسسة بإدارتها وعامليها في ذلك، وهنا علينا القول والتذكير بأن الفيلم القصير لا يقل أهمية ومكانة عن الفيلم الطويل، وله عروضه في المهرجانات العربية والعالمية وموضوعاته الهامة وأساليبه وطرق الاشتغال فيه موضوعاً وشكلاً..

الفيلم القصير لا يقل أهمية ومكانة عن الفيلم الطويل وله عروضه في المهرجانات العربية والعالمية

أما لماذا التوجه نحو الأفلام القصيرة؛ فلأن إمكانية الذهاب نحو فيلم طويل تحتاج إلى ممول ومساحة أكبر من العمل والكثير من الأموال وهذا ما أسعى إليه طبعاً، وريثما أستطيع تحقيق ذلك الحلم فإنني سأعمل على أفلام قصيرة بموضوعات أجد أنها قريبة مني وما نعانيه ونتطلبه اليوم.

*كلمة أخيرة؟

** العمل السينمائي على الرغم من فرديته كتابة ورؤية وإخراجاً إلا أنه لا يتحقق إلا بتضافر جهود جماعية كبيرة تُصنع بتضافر جهودها وأداء عملها في وصول الفيلم إلى ضفة الأمان، وهنا لزاماً علي الشكر لكل من وقف وكان معي حضوراً وإنتاجاً وروحاً واهتماماً.. فلولا كل ذلك ما كانت السينما.. وقد حظيت بمساعدين وفنيين وإنتاج ومشرفين ومخرجين وأصدقاء و(كاست) تعبوا كثيراً لنصل معاً إلى ما سنراه.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار