«منى رحمة» توقّع كتابيها في أدب الأطفال

تشرين- سناء هاشم:
لا تملُّ الكاتبة منى منير رحمة، تبعاً لما تختزنه حرفيتها في نسج قصص الأطفال، من محاولة النفاذ إلى سلسلة العوالم المعقدة المنسوجة في أخيلتهم الغضة.
رحمة التي وقعت كتابيها الجديدين: «التربية الإيجابية للأطفال»، ومجموعتها القصصية الموجهة للأطفال أيضاً، حيث عكفت خلالهما على إعادة صهر تلك الأخيلة التي تتعانق فيها عوالم الكائنات الحية، بحثاً عن هدفها الذي وضعته نصب عينيها في إغناء أدب الطفل الذي لايزال الأقل غزارةً بين أقرانه من النتاجات الأدبية الوطنية.
وعلى هامش حفل توقيع كتابيها في كنيسة (الكيرلس) في حي القصاع بدمشق، وسط لفيف من المهتمين من مديري المدارس والأهالي والمربين، تقول الأديبة رحمة لـ «تشرين»: رغم ظهور أدب الطفل منذ أكثر من 100 عام، لكن القليل من الكتّاب مازالت تساورهم الشكوك من الخوض العميق في هذا الميدان المشحون بحساسية التعاطي مع العقول البريئة، ربما يأتي ذلك من أهمية هذه المهمة المعقدة التي تتطلب أكثر بكثير من الإبداع اللغوي والمخيّلة الخصبة، لتتجاوز ذلك إلى ضرورة المعرفة بعلم نفس الطفل ومواكبة العصر في التربية الحديثة».
إضافة إلى المتعة والمرح، تحاول المجموعة القصصية التي أطلقتها الكاتبة رحمة، استنبات قيم أصيلة وأهداف نبيلة ترى من الضروري تعزيزها لدى أطفالنا الذين يتحضرون للانتقال إلى عوالم أكثر تعقيداً وتشتتاً، مستعينة لذلك ببيئات مختلفة تقوم بتطويع الأحداث في حيز فضاءاتها، فضلاً عن تنوع شخصياتها، فمنها ما كان من عالم الإنسان، ومنها ما كان من عالم الطيور والحيوانات، فهي بهذا متنوعة وغنية بالمشاهد والصور والقيم والمعاني».
تنطوي رؤية الكاتبة رحمة على مهام أزلية توارثها البشر منذ بدء الخليقة، مؤكدة أن: «الطفل هو ذلك الكنز الثمين وتلك الأمانة الغالية التي وضعها الله بين أيدينا لنرعاها ونحميها، وننميها، ونوفر لها الغد الأفضل»، مؤكدة أن «منهج التربية الإيجابية بات من أهم التحديات المعاصرة، نظراً لتراكم الضغوطات والتحديات التي تواجهنا بشكل يومي خلال رحلتنا في تربية أطفالنا».
وترى الكاتبة رحمة أن «مواجهة التحديات بمسؤولية، كأهل ومربين، تحتّم علينا مواصلة الاطلاع والتعلم والتسلح بالطرق والمفاهيم التي تساعدنا على إنشاء جيل واع إيجابي قادر على صناعة المستقبل المشرق»، وهنا – لربما- تعتقد رحمة، أن قراءة قصص الأطفال أمر يعني المربين والأطفال على حد سواء.
أما كتابها الآخر: «التربية الإيجابية.. لكي تثمر براعمنا حباً وفرحاً»، فتحاول الكاتبة من خلاله تسليط الضوء على مشكلات السلوك لدى الطفل وطريقة معالجتها بالشكل الأفضل «ليزهر هذا البرعم النضر، ويتفتح بأبهى صورة، فيثمر حباً وفرحاً»، كما تؤكد في حديثها لـ «تشرين».. وتشدد على «أن القراءة المنتظمة منذ الصغر تحفّز أنماط نمو الدماغ، وتقوّي العلاقة بين الوالدين والطفل، وهذا بدوره يبني اللغة والمعرفة والمهارة في القراءة والكتابة والمهارات الاجتماعية والعاطفية التي ستهيئهم للحياة إضافة إلى جرعات الإبداع التي سترافقهم مدى العمر».
تعد مسؤولية تربية الطّفل ورعايته من أكثر المسؤوليات شغفاً ومخاطرة في آن معاً، وهي تقع أولاً وبشكل رئيس على عاتق الوالدين، فما هو الأسلوب الأكثر نجاحاً لمواجهة تلك التحدّيات؟ وما طريقة التربية التي تبني شخصية طفلنا المميزة، وتترك آثارها الإيجابية على شخصيته المتنامية؟
في معرض إجابتها عن هذه الأسئلة، تقدم رحمة سلسلة من الأجوبة مفعمة بالمسؤولية: علينا أولاً أن نحدد الأهداف المستقبلية التي نسعى إليها في رحلة تربيتنا لأطفالنا، علينا أن نفكر جيداً بما سيكونون عليه عندما يصبحون شباناً.. فمثلا، هل نريد كائنا واثقاً متحملاً لمسؤولياته حكيماً في قراراته؟.. هل نريده منطلقاً للحياة؟.. قادراً على التواصل؟ محترماً لذاته ومن حوله؟.. متعاطفاً معهم؟.. إنساناً مميزاً بشخصيته و حضوره؟.. وقدراته وقوته البدنية والجسدية؟..»، قبل أن تختزل أفكارها بالقول: في الواقع، علينا أن نشحذ مخيلاتنا إلى الحدود التي تتيح لها استلماحه رجلاً غداً، بينما هو لا يزال طفلاً اليوم».

وهنا، استدركت الكاتبة قائلة: «هل طريقة تعاملنا معه وطريقة تربيتنا له ستحقق لنا هذه الأهداف في المستقبل؟.. في الواقع، إن تحقيق تلك الأهداف المستقبلية يتطلب وجود منهج تربوي متكامل واضح المعالم، فعَّال ومؤثّر يساعدنا على القيام بمهمتنا المرجوة على أكمل وجه، فكان منهج التربية الإيجابية هو الأقوى الذي سيساعدنا للوصول للهدف الأسمى الذي نسعى إليه مع طفلنا الغالي، فهو يشكل ذلك النهج الأصيل والمتكامل الذي يحافظ على قيمنا الأصيلة، ويعلم الطفل دروساً قيمةً في الحياة فيبني شخصيتَّه».وحول هذا النهج، تختم الكاتبة حديثها بالقول: هذا النهج يرتكز على بناء العلاقة القوية بين المربي والطفل، ويقوم على الحب غير المشروط للطفل والحزم والثقة والاحترام المتبادل، علينا النظر إلى طفلنا على أنه ذلك الإنسان الفريد وذلك الشَّــخص المميز، ليشعر بأنه محبوب ومقبول، إضافة إلى تقدير آرائه واحترام أفكاره، ما ينمي لديه التقدير الذاتي والثقة بالنفس، ويقوّي شخصيَّته».

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار