عدم النمطيّة.. السكّةُ الوحيدة لأعمال الموسم الدراميّ الجديد

تشرين- سامر الشغري:

حسبما تسرب من معلومات، ووفق ما تقدمه شركات الإنتاج الفني من معلومات شحيحة عن أعمال الموسم الدرامي الجديد، فإنها تشير إلى أن النزعة الغالبة على هذه الأعمال ستكون عدم النمطية سواء في أعمال البيئة الشامية أو الدراما الاجتماعية أو التاريخية.

وبعد أن غلب على الدراما السورية عقوداً طابع تقليد الناجح، بمعنى كلما ظهر عمل جديد وحاز إعجاب المشاهدين، هرع المنتجون لتقليده لأنه وصفة سهلة التطبيق ومضمونة النجاح ومجربة، وجد هؤلاء المنتجون أنه للاستمرار في عالم يضج بآلالاف القنوات التلفزيونية والمنصات الرقمية التي تقدم للجمهور الواسع عدداً لا يحصى من الأعمال المحلية والمشتركة والمدبلجة، صار من الضروري صناعة أعمال بأفكار جديدة وغير تقليدية، وإلا فإن هذا الجمهور سوف ينسحب باتجاه منابر تقدم له الجديد وغير النمطي.

لقد نتج عن ظاهرة التقليد والاستتنساخ في الدراما إنتاج العديد من الأعمال المتشابهة على صعيد الحبكة والأبطال وحتى الزي والديكور، وخاصة في أعمال البيئة الشامية والتاريخية والفانتازيا، وهذا الأمر إن كان مقبولاً في دراما الأمس، عندما كانت المنافسة قليلة ومحصورة بأعمال الشقيقة الكبرى مصر، فإن الاعتماد على استنساخ الناجح في عالم اليوم، أمر يهدد استمرار صناعة الدراما ويفقدها ثقة القنوات العارضة، سر تطور هذه الدراما ومن ثم المشاهدين، ولا اعتقد أن المنتجين ستعجبهم هذه الخسارة من العيار الثقيل.

ومن دون الخوض في التفاصيل، فإن دراما الموسم القادم ذهبت لخيارات جديدة سواء على صعيد الشكل أو المضمون، بأسلوب غير معتاد أو نمطي، من تقسيم الحلقات إلى عناوين بدلاً من الاكتفاء برقم اللوحة، وهذا اتجاه مسيطر في صناعة الدراما عبر العالم، وعدم الإصرار على أن يكون العمل من ثلاثين حلقة، لأن المنصات التي باتت شريكا حقيقياً في العرض تفضل الأعمال ذات الحلقات الأقل، حتى يتسنى لزوارها مشاهدة هذا العمل في جلستين أو ثلاث، بينما إذا كان المسلسل من( 30 ) حلقة، فإن متابعة العمل كاملاً سوف تصبح أصعب.

ومن جديد دراما هذا العام في أعمال البيئة الشامية تقديم حكايات لا حكاية متواصلة ، فبدلاً من سيرورة حكائية واحدة كانت تعتمد على مواجهة عنصر الخير والشر في الحارة، إذ يرتكب الشرير العديد من الجرائم، ولا تتكشف هوية الفاعل إلا في الحلقة الأخيرة، فإننا سنجد في بعض أعمال هذا العام نزوعاً لأن تبدأ الحكاية وتنتهي في الحلقة، ذاتها وهذا مؤشر على طبيعة شريحة من جمهور هذا اليوم، والذي لم يعد لديه ذلك النفس الطويل كما عند جمهور الدراما قبل عشرين سنة.

ومن جديد دراما هذا العام في الدراما التاريخية الميل إلى الحكاية والتخيل أكثر من التوثيق، ولقد وجدنا في أعمال سابقة ما هو أقرب إلى التدوين الدقيق في كثير من الأحيان والنقل الحرفي لكتب التاريخ، حتى في الحوارات بين الشخصيات، أذكر منها حوار (مرة مع التغلبيين) للصلح على دم كليب في مسلسل (الزير سالم) لممدوح عدوان، والحوار بين أبي جعفر المنصور وأبي مسلم السفاح قبيل مقتل الأخير للكاتب وليد سيف، في حين إن التاريخ لا يعدو سوى خلفية للأحداث الدرامية الرئيسة في بعض أعمال الموسم الجديد.

وسوف تقود الرغبة في كسر النمطية دراما الموسم القادم إلى تجاوز خطوط حمراء وطرح قضايا كانت تعد محظورة حتى وقت قريب، ولكن يبقى السؤال: إلى أي مدى الرأي العام عنده قبول لمتابعة أعمال جريئة تتخطى العرف والتقليد، أو تخوض في أمور مسكوت عنها وخارج التداول، لأنها جد حساسة.

وقد تكسر أعمال هذا الموسم تلك النمطية التي طالما طبعت الدراما العربية ككل، حتى باتت لازمة لا غنى عنها، كتصوير هذه الدراما للمرأة ولشخصيات مثل ابن الريف والمثقف ورجل الأمن، بل حتى في تصوير أبناء منطقة بعينها وإعطاء انطباع واحد عنهم، وكأن الناس نسخ فوتوكوبي عن بعضهم، يختلفون في الشكل، ويتشابهون في المضمون.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار