أزمتنا هذه الأيام لا تشبه الأزمات التي مرت بها سورية خلال العقود الماضية، وأجزم إن “انتهت” لن تشبه أي أزمة قادمة “لا سمح الله” ولأسباب تحتاج مجلدات لذكرها، لكن يكفي أن نقول إن الأزمة الحالية فاقت كل التصورات، وتجاوزت كل فنون القهر الإنساني من استهداف مباشر للقمة عيش المواطن من خلال تدمير مكوناتها الاقتصادية والاجتماعية وحتى الأخلاقية التي ترعى وتحمي هذه اللقمة، التي أصبح تأمينها بالغ الصعوبة نتيجة تدمير مكوناتها الإنتاجية والخدمية من قبل عصابات الإرهاب وداعميها، وسرقة الموارد أيضاً من قبل الاحتلالين “الأمريكي والتركي” وما نتج عن ذلك من تداعيات سلبية أرخت بثقلها على مجمل مكونات المجتمع الاقتصادية والاجتماعية والثقافية وكل ما يتعلق بحياة المواطن..!
وهذه مسألة لا تحتاج كثيراً من الأدلة، لأننا نعيش سلبياتها يومياً “لحظة بلحظة” وعلى كل الاتجاهات، وبالتالي الحديث عن معالجتها، يشهد تفاوتاً كبيراً في الأداء وطريقة الإدارة، سواء من حيث المضمون أو الشكل، وهذا التفاوت يظهر أكثر في القطاعات الإنتاجية التي تحمل صفة الديمومة لتلبية حاجات المواطن اليومية وهذا ينطبق على قطاعي الزراعة والصناعة، وما هو مرتبط بمكوناتها الأساسية ..!
والتطبيق على أرض الواقع يحاكي كثيراً ما نقول، فمثلاً وزارة الكهرباء وقدرتها على تأمين المطلوب في معالجة آثار التخريب والتدمير اللذين أصابا شبكتها خلال سنوات الحرب، وتوفير بدائل الإنارة التي تكاد “تختفي من المنازل” قبل خطوط الإنتاج، و(حماية المستهلك) وما اتخذته من قرارات لتوفير حماية المستهلك ليس في الوقت الراهن، وإنما منذ سنوات، وهنا نجد تفاوتاً في أداء هذه الجهات في إدارة المتوافر من الإمكانات وإظهارها على أرض الواقع رغم قلة تأثيرها..
لكن بالمقابل هناك وزارات تكثر من الحديث عن استراتيجيات العمل، لكن على أرض الواقع مزيد من التعقيدات، منها بفعل الإرهاب وتداعياته, وآخر بضعف الأداء الإداري، وقلة الكفاءات, واختيار القيادات غير الموفقة في معظم الأحيان لإدارة العمل ومعالجة السلبيات, وضعف القدرة على تصويب الأخطاء، وامتلاك الموهبة لاستثمار الإمكانات المتاحة، والقدرات المتوافرة في المؤسسات والجهات التابعة, وتسخيرها لتغطية النقص عن الشركات التي خرجت من الخدمة الفعلية، كما هو الحال في القطاعات الإنتاجية، وقرارات التغيير التي أخرجت الكثير من الكفاءات من الخدمة، فقط لضرورة التغيير بغض النظر عن كفاءة السلف والخلف، والأخطر التفكير بما هو آت بالأسلوب والنهج نفسهما..؟
وهذا الأمر ينطبق على معظم الوزارات والجهات العامة (وخاصة القطاع الخدمي كالنقل) وما تعانيه من مشكلات إدارية وحالات تغيير لم تلبِ الطموح، ومن يريد التأكد مديريات النقل ومشكلات الخط الحجازي وغيرها، ما زالت ماثلة أمام الجميع وغيرها من مشكلات ..!
طبعاً الجهات الأخرى ليست بأحسن حال منها، وجميعها تحمل الأوجه نفسها في المشكلات ومقومات المعالجة، وما نحتاجه اليوم إدارات فعل، لا تنظيراً، ولكن للأسف هذه أهم مشكلاتنا التي لم يبتكر العقل البشري حتى تاريخه أي علاج لها..
Issa.samy68@gmail.com
سامي عيسى
165 المشاركات