الطباخ الموسوعي الشيف رمزي شويري..هل ننقل تجربته إلى سورية؟!

تشرين – سامر الشغري:

لست أدري لماذا كنت أكثر الحديث عنه في الأيام الماضية، ولكن خبر رحيل الشيف اللبناني رمزي شويري أحزنني كثيراً.

في معرض مكتبة الأسد الذي أقيم للمرة الأولى خارج أسوار المكتبة في مدينة المعارض سنة 2003 ، كان الراحل يقف وحيداً في جناح دار الفكر منتظراً القراء الراغبين في توقيع كتابه «الشيف رمزي من تراث لبنان : موسوعة شاملة عن المطبخ اللبناني التراثي» فكرت أن أذهب إليه وأحصل على التوقيع، ثم عزفت لأن الكتاب جاء به والدي للبيت عن طريق صديقه شقيق مدير المكتبة، ولكن آلمني أن الشيف رمزي ظل ينتظر طويلا أي زائر للمعرض ليوقّع له موسوعته.

في موسوعة الشيف رمزي جهد جبار، فهي حصيلة عامين من البحث المضني لتدوين وتوثيق وتصوير الأطباق اللبنانية التي تصنعها كل منطقة على حدة بما فيها من خصوصية وتنوع، ما جعل الموسوعة تنال جائزة أحسن كتاب طبخ تراثي في العالم.

لقد طاف الشيف رمزي من أجل موسوعته مدن وبلدات وقرى وأحراش لبنان، متحملاً البرد والثلوج والعواصف، وسافر مئات الرحلات من عكار شمالاً إلى الناقورة جنوباً، ومن جونيه على البحر إلى أقصى البقاع ولغاية الحدود مع سورية، تنقل في أحياء طرابلس الشام موثقاً لحلوياتها الشهيرة وفي زواريب زغرتا محاوراً عجائزها عن أطباق الكبة و«المازة»، وصعد إلى عاليه ليدون طبخات الكشك الدافئة المناسبة لفصل الشتاء، وساير الرعاة وقطعانهم في ريف بعلبك ليأخذ منهم أصول إعداد المناسف، وراق له كثيراً مذاق الصفيحة البعلبكية.

اصطحب الراحل معه فريقاً من المصورين والأدلاء، وهو يرتحل في أرجاء الطبيعة اللبنانية فجاء كتابه موسوعة لا عن الطبخ فحسب، بل في السياحة والجغرافيا والآثار والتراث وعادات الناس، ولكن اللافت أكثر تلك اللغة الساحرة التي صاغ فيها الشيف رمزي رحلاته بين ربوع لبنان، فكأننا أمام كاتب محترف مثقف وواسع الذخيرة اللغوية، جعلنا نسافر معه في مكونات المجتمع اللبناني المتعدد المشارب والثقافات.

هذا الكتاب سيظل بعد رحيل صاحبه منهجاً يصلح للتطبيق والاستزادة، ولذلك اقترحت قبل مدة على الصديقة شيرين نداف من برنامج التراث السوري في الأمانة السورية للتنمية نقل تجربة الشيف رمزي وموسوعته إلى سورية، وتكليف فريق من الأمانة يجول سورية من جبل حوران وسهله إلى الغوطتين والقلمون وحمص وحماة وأريافهما المتنوعة، والبادية وتدمر وأرض الجزيرة ونهر الفرات بمدنه وقراه، وعاصمة الطرب حلب وريفها وبلد الزيتون إدلب والساحل السوري الجميل وجباله العزيزة، ويجمع من أبناء هذه المناطق وصفات وطرق صناعة أطباقها وحلوياتها وشرابها وعصائرها وإعداد مونتها، ألن نصنع وقتها كتاباً يبز موسوعة الراحل رمزي؟ لكن سيجعله هنيء البال في مثواه الأخير أن تجربته كبرت، وتخطت حدود لبنان، وكان أول من طبقها الشقيقة الكبرى لبلد الفينيق.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار