أطفال على خشبة المسرح يقدمون عروضهم ويحتفون بتخرجهم في رياض الأطفال

تشرين- سراب علي:
ليس «بريستيجاً» ولا تقليداً عادياً، أن يحتفل أطفال رياض الأطفال بنجاحهم وتخرجهم في الروضة على خشبة المسرح في المراكز الثقافية، فمبادرة بعض رياض الأطفال لهذا الاحتفال والتخطيط والتنظيم له لم تكن عبثية لمجرد الاحتفال، هذا ما يؤكده المشرفون على رياض الأطفال وكذلك أهالي الأطفال، والأطفال الذين احتفلوا منذ أيام بتخرجهم بعمر الخمس سنوات على خشبة المسرح، وقدموا عروضاً فردية وجماعية رغم أنه مكان لم يألفوه من قبل، حيث تابعت ” تشرين” واحدة من تلك الاحتفاليات في المركز الثقافي في اللاذقية، وأشار الأطفال إلى أنه مكان جميل وهم سعداء بوجودهم في هذا المكان ليبين أحدهم (أنا حبيت كتير المكان وحبيت الميكرفون ) .
ويضيف آخر: (شافوني بابا وماما.. رفقاتي ماسك الميكرفون وم ألقي شعر وصفقولي وكان في ناس كتير عم تشوفني وأنا عالمسرح).
كلماتهم وعباراتهم هذه دليل على تأثرهم وإعجابهم بالمكان وبما قدموا.
يقوي شخصيتهم ويكسبهم شعوراً بالإنجاز
تؤكد مديرة (روضة شمس الضحى) التي أقامت الاحتفال الآنسة ضحى خير بيك، أن اختيارهم للمركز الثقافي هو لتعريف الأطفال على هذا الصرح الثقافي المهم، ولتكون انطلاقة تخرجهم في الروضة إلى مجتمعهم الأكبر، وهو المدرسة.
وأضافت: اخترنا المسرح دوناً عن القاعات العامة لتعريف الأطفال على خشبة المسرح بطريقة بسيطة، وكيفية التنسيق بين الصوت والإضاءة وكيفية تقديم العروض والدخول والخروج من المسرح، وتعد هذه تجربة جديدة بالنسبة لهم، مؤكدة أن تقديم الأطفال العروض الجماعية أمام الجمهور والتصفيق لهم يقويان شخصياتهم، كما يعتادون على العمل التعاوني الجماعي .
وبالنسبة للعروض الفردية أوضحت خير بيك أنها تكسب الطفل الشعور بالإنجاز والتميز والقدرة على كسر الخجل، والتردد والوقوف بكل جرأة وتقديم ما لديه.
وتحدثت مديرة الروضة عن ردود أفعال الأطفال منذ دخولهم المسرح، حيث كانوا منبهرين بالمكان من (إضاءة وترتيب ومقاعد الجمهور وارتفاع المسرح)، أما بعد البروفة وتقديم العرض واختبار واكتشاف الطفل لكل جزء من المكان، فبدأت الفرحة ترتسم على وجوههم واستخدام كلمات تعبر عن الفرح حتى حركات أجسادهم (القفز والتصفيق والركض) من كثرة الفرح.
وأضافت: كما عبّر الأهالي عن فرحهم بما قدم أطفالهم بالدموع وخاصة عند تقديم لوحة الأم، ولوحة النجاح الغنائية الراقصة، التي لامست مشاعر وقلوب الأهالى برؤية أطفالهم يقدمون عروضهم ببراءة، ومن دون خجل أو ارتباك .

مسيرة حافلة بالتجارب
بدورها الباحثة في القضايا التربوية والنفسية الدكتورة سلوى شعبان أكدت أن مسيرة تربية الأطفال مسيرة حافلة ومملوءة بالتجارب والخبرة ودروس التربية ومعاني العطاء والبناء, ولعل مرحلة رياض الأطفال من المراحل الأولى والأساسية في بناء شخصية الطفل وصقل مواهبه وميوله، والاهتمام به وبنموه السليم والمثمر.
وأضافت: رياض الأطفال هي المؤسسة التي تستكمل دور الأسرة وتساعدها، وتحقق ما لا تستطيع الأسرة تحقيقه على اختلاف مستواها التعليمي والثقافي والاجتماعي، فالطفل يقضي جزءاً من يومه ضمن الروضة، ليكوِّن شبكة من الأصدقاء، ويمارس حريته في اللعب الممنهج الموجه، والداعم لميوله ومقدراته، وليحصل على التعلم والأبجدية والفنون والعلوم واللغات، ويحقق حاجاته الوجدانية والتربوية والنفسية، ليكون بشخصية متكاملة ضامنة نموه الجسدي والعقلي والاجتماعي والعمري.

تبقى ذكرى في مخيلتهم
وأشارت شعبان إلى أهمية الاحتفال بهم في دار الأسد للثقافة، وبما حصلوا عليه من نتائج متنوعة وذخيرة فكرية ومعلومات تدعم نمو عقلهم، ويعد تقديراً وتشجيعاً لهؤلاء البراعم الصغيرة لما قدموه وأنجزوه وما حصلوا عليه، كما يعد تتويجاً كبيراً لجهودهم وأنشطتهم المميزة، وهي طريقة لتعويدهم على دخول هذا الصرح الكبير الراعي للثقافة والحاضن للإبداع والعطاء والتكنولوجيا، ولتبقى ذكرى في مخيلتهم حتى يكبروا أنهم تكرموا على خشبة مسرحه العظيم، هذه الذكرى التي ستغذي بذرة الإبداع في ضمائرهم وأذهانهم ولتنمو وتكبر بمستقبل الغد الآتي، لتعطي الأفراد الموهوبين والمميزين.

باحثة تربوية ونفسية: خير الاختيار من مكان مميز للاحتفاء بأطفالنا

وأشارت شعبان إلى أن هذا الصرح الحضاري ما وُجِدَ إلا ليكون المتنفس لأبنائنا صغاراً وكباراً بمكتبته المذهلة، ومشروع مسار الموسيقي المبدع والمهتم بالعلوم والمعلوماتية والتكنولوجيا والفنون، ومنارة الفكر للأمانة السورية للتنمية، مسرح الفن والشعر للمهرجانات والمؤتمرات وغيرها من الفعاليات الثقافية والأدبية والمعارض والأنشطة.

خير الاختيار
وتؤكد شعبان أنه خير الاختيار من مكان مميز للاحتفاء بأطفالنا الذين ننتظر منهم الكثير عبر دروب الغد الآتي، حتى لو كان هناك تمايز واختلاف في انتقاء المكان، والسؤال الذي سمعناه لماذا نحتفل بهم في مكان كهذا..؟
الجواب الأسمى هو لأنهم أطفال صغار، صغارٌ بأعمارهم كبارٌ بأفعالهم وقلوبهم وعقولهم النيرة، وهم ثروتنا وكنوزنا الثمينة، فما يهمنا هو إيجاد البيئة السليمة والغنية التي تلقي الضوء على مهاراتهم ونتائجهم المباركة، والعمل على دعمهم بجميع السبل والإمكانات، ومنها هذا الصرح الحضاري وهذا الإنجاز المعماري في مدينتهم الذي يليق بجيل تحدى وتربى في مرحلة صعبة من تاريخ وجودنا الإنساني، ولنقول له: تستحق منا الكثير لننسى وحشية ما مر بنا وما داهم سلام أيامنا وصفو ليالينا.
وختمت الباحثة التربوية: لأن أول الغيث قطرة والقطرة تصنع محيطاً، فليكن محيطنا كله خيراً وعطاءً وسلاماً وعلماً معبقاً بعطر أزهار سورية الصغار المبدعين.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار