مركز التشخيص والعلاج الإشعاعي المطوّر بمشفى البيروني في المزة.. صرح حضاري يضم أجهزة حديثة متطورة تضاهي مثيلاتها في الغرب
تشرين- أيمن فلحوط:
لا فرق بين غني وفقير، لأن الدور الإلكتروني يحكم قاعدة العلاج في مركز التشخيص والعلاج الإشعاعي المطور في مشفى البيروني في المزة، وهو المعيار للمرور إلى عيادات المعالجة، باستثناء الحالات التي لا تحتمل التأخير ويعود تقديرها للفريق الطبي، كما أشار رئيس قسم الفيزياء الطبية الدكتور عبد القادر سعدية في حديثه لـ«تشرين».
ورغم ظروف الحرب القاسية على الوطن، لم تتخلَّ سورية عن رسالتها السامية في المعالجة المجانية للمصابين بالسرطان بكل أشكاله وأنواعه، ويشعر المرء بالفخر والاعتزاز حين يرى في الجولة الإعلامية التي نظمها المعنيون والمشرفون على البرنامج الوطني للتحكم بالسرطان لمركز البيروني في المزة، بهذا الصرح الحضاري الذي يضم أجهزة حديثة متطورة تضاهي مثيلاتها في أوروبا وأمريكا، وتتفوق على العديد من دول الجوار.
«يوسف» مثالٌ حي
«يوسف» الطالب في الصف الخامس كان حاضراً جلسة معالجة خلال جولة الإعلاميين، أخذت منه خمس دقائق فقط، كما علمنا من القائمين على غرفة التحكم الإلكترونية، وهي الجلسة رقم 12 وكان مرتاحاً بعكس الحالات السابقة، التي تعرض لها قبل القدوم للمعالجة في هذه الأجهزة الحديثة، كما بين ذلك والده في سؤال لـ«تشرين» عن حالته، إذ كان متعباً ويقوم بالاستفراغ، وحالته بدأت في الشهر 11 من العام الماضي حين تم تشخيصها.
رغم ظروف الحرب.. سورية لم تتخلَّ عن رسالتها الإنسانية
في المعالجة المجانية للمصابين بالسرطان
واليوم يوسف في حديثه لنا أوضح أنه يشعر بالارتياح ومن دون أي آلام يعانيها في المعالجة، حيث بينت التقنية على جهاز المعالجة أن يوسف كان متعاوناً وقد حاولنا عدم القيام بتخديره.
بدوره والده وجه الشكر والتقدير للكادر العامل في المركز، مضيفاً: “الله يحميهن جميعاً.. أجهزة متقدمة شي بيرفع الراس أنو في هيك فنيين”.
الجانب الإنساني
وأضاف الدكتور سعدية في حديثه لـ«تشرين»: كوادر العاملين في المركز يكرسون في عملهم الجانب الإنساني منطلقين من أنه لا فرق بين غني وفقير في ميدان المعالجة، ولا تمييز بين أحد، لأننا نخدم المرضى من دون أن نعرف أسماءهم، فاليوم نقوم بالعلاج، وفي الأيام المقبلة أو غداً، ربما أكون من بين الذين يطلبون العلاج وغيري من الزملاء الأطباء.
المركز منذ تأسيسه عام 1974 بالمرسوم التشريعي رقم 64 لعام ذاته كان حريصاً على تقديم كل المعالجات مجاناً، حتى المشتبه في مرضهم.
وكانت سورية على الدوام، وخاصة في فترة ما قبل الحرب عليها، تقدم المعالجة للأشقاء العرب مجاناً للمصابين بالسرطان.
دور إلكتروني
بوجهه البشوش والحريص على تقديم كل معلوم مفيدة خلال مرافقته للإعلاميين شرح الدكتور سعدية مراحل العمل التي تبدأ من مكتب القبول وفق الدور الإلكتروني الحديث، الذي تم تطبيقه حالياً، بعد أن يكون المريض قد حمل معه كتاب التشريح المرضي، وصورة عن الهوية الشخصية، وأن يحضر بذاته، ليتم فتح إضبارة له، ويعطى بطاقة ستتحول بدءاً من الشهر المقبل لتكون إلكترونية عليها كود معين، يمكن إدخالها في أي جهاز كمبيوتر في الأقسام المختلفة لمعرفة وضع المريض وحالته من دون العودة للإضبارة الورقية.
وبعد حصول المريض على البطاقة يتحول إلى العيادات الداخلية المختصة، مع العلم أن المركز مخصص للمعالجة الإشعاعية، إضافة لتشخيص بالنظائر المشعة، أما العيادات الكيميائية ومعالجتها والهرمونية فهي من اختصاص مشفى البيروني في حرستا.
نظام إلكتروني
وحين يقرر الطبيب المعالجة الإشعاعية ينتقل المريض إلى التصوير الطبقي المحوري، المربوط مباشرة مع نظام التخطيط للمعالجة بنظام إلكتروني، يحسب توزع جرعة المريض داخل جسم الإنسان، ويبين منطقة الورم التي سيصيبها وكم تأخذ الجرعة، كما يحدد المناطق الحساسة المجاورة للورم، بغية عدم الاقتراب منها وعدم إصابتها، ونسبة الخطأ البشري إلى حد صفر بالمئة.
وهناك جهاز غاما كاميرا للتشخيص بالنظائر المشعة، وجهاز لتخطيط المعالجة وغرفة تحكم إلكترونية في المعالجة.
ويتوجه المريض إلى الشعبة المعنية بحالته ( دماغ- ثدي- نسائية- بولية..).
د. سعدية: الدور الإلكتروني يحكم قاعدة العلاج في المركز
المواعيد طويلة قد تصل إلى ستة أشهر بسبب الضغط الكبير على المركز، ونأمل أن نخفف هذا الضغط، مع إضافة أجهزة جديدة في نهاية العام الحالي.
«الهايسون» الحديثة
لدينا جهازان من الهايسون، علماً أن الشركة المنتجة في عام 2018 أعلنت أنها ستقوم بإنتاج هذه الأجهزة خلال المؤتمر الطبي العالمي لجمعية الفيزيائيين الطبيين، ونحمد الله أننا تمكنّا في العام الماضي بفضل مساعدة السيدة الأولى أسماء الأسد، من الحصول على الأجهزة الحديثة التي تضاهي الأجهزة الموجودة في الغرب، باستخدام المسرّعات الخطية، ولا توجد في العديد من الدول المجاورة لنا، وجهاز التصوير على سبيل المثال يمكن أن يقوم يومياً بالتصوير ما بين 20- 30 مريضاً، وكل جلسة تصوير تستغرق من ربع ساعة إلى ثلث ساعة، وبعض الحالات تستغرق ساعة كاملة.
وتملك هذه الأجهزة ما يمكنها من تحديد وضعية جلوس المريض الصحيحة للتصوير، وتحدد أدق التفاصيل في ذلك، ولا يمكن للجهاز أن يقوم بعملية التصوير من دون ذلك، وتالياً الانتقال للمراحل اللاحقة من العلاج المؤتمتة بشكل لافت للنظر.
تدريب مستمر
وتحدث الدكتور طارق الطناوي من غرفة tpc التي يرتكز العمل الأساسي عليها في مراحل المعالجة عن مراحل التدريب على الأجهزة الحديثة، التي كانت متعددة بدأت في دورة لمدة شهر ونصف الشهر في روسيا لعدد من المجموعات المختصة من الكوادر السورية، وتبع ذلك قدوم فريق طبي روسي لتقديم الخبرة والمعلومات الحديثة عن تلك الأجهزة، وأيضاً الشركات الموردة بتقديمها شرحاً وافياً من خلال قدومها لسورية لتعليم كوادرنا، فاكتسبنا الخبرة من الجميع، خصوصاً أن الروس متقدمون في هذا الجانب، واستطعنا اللحاق بهم في ميدان الدراسات للمعالجة الإشعاعية، وقمنا بإجراء دراسات بالمستوى ذاته، وفي بعض الحالات تفوقنا، وهناك حرص كبير على تحديث المعلومات باستمرار من كوادرنا.
وبذلك توافرت لدينا الخبرة العملية لاستقبال المرضى، وقد بدأنا ذلك قبل شهرين من الزمن بحالات محدودة، قبل الانطلاقة الرسمية للمركز، مع العلم أن دراسة أي حالة بالنسبة للمريض تستغرق لا يقل عن ثلاث ساعات، أي ننجز حالتين في اليوم، وبعض الحالات من الدراسة على الأجهزة المخصصة لذلك تحتاج إلى يوم كامل لتقدم إلى الطبيب المعالج، وما يفرح القلب أنه بفضل هذه الأجهزة الحديثة نقدم العلاج الشافي للمرضى.
ونتطلع إلى وصول هذه الأجهزة إلى بقية المحافظات في المستقبل، بغية تخفيف العبء من جهة ومن حيث موضوع الدور الذي يطول انتظاره، بسبب الأعداد الكبيرة التي تطلب العلاج.
ت: طارق الحسنية