صباغ: سورية عانت من استغلال دول غربية لمنظومة الأمم المتحدة وواجهت أشرس التنظيمات الإرهابية
أكد مندوب سورية الدائم لدى الأمم المتحدة السفير بسام صباغ أن سورية عانت خلال السنوات العشر الماضية من استغلال بعض الدول الغربية لمنظمة الأمم المتحدة خدمة لسياساتها العدائية لسورية، مبيناً أهمية إجراء مراجعة لآليات عمل المنظمة، ومنع تسخيرها من قبل تلك الدول خدمة لحسابات سياسية ضيّقة وأجندات هدامة.
وقال صباغ في جلسة لمجلس الأمن اليوم حول صون السلم والأمن الدولي والتعددية الفعالة من خلال الدفاع عن مبادئ ميثاق الأمم المتحدة: “لقد وقعت سورية خلال العقد الماضي ضحية لفقدان التعددية الحقيقية ولاستغلال بعض الدول لمنظومة الأمم المتحدة منصة لخدمة سياساتها العدائية والتدخلية في شؤونها، إذ تُركت وحيدة في مواجهة تهديدات أعتى التنظيمات الإرهابية شراسة”.
وأوضح صباغ أن موارد سورية وثرواتها الوطنية تم نهبها على أيدي قوات أجنبية موجودة بشكل غير شرعي على أراضيها، بينما تتفاقم المعاناة الإنسانية لشعبها جراء إجراءات قسرية أحادية لا شرعية ولا إنسانية ولا أخلاقية فُرضت عليه، وأثرت سلباً على كل نواحي الحياة، وخلفت عدداً كبيراً من النازحين أو اللاجئين ما يمثل انتهاكاً فاضحاً لمبادئ ومقاصد ميثاق الأمم المتحدة.
وبيّن صباغ أن هناك حاجة ملحة اليوم وأكثر من أي وقت مضى لمراجعة أساليب وطرائق العمل داخل منظومة الأمم المتحدة وضمان تعزيز التعددية الحقيقية المستندة إلى الميثاق، وذلك من خلال احترام مقاصد ومبادئ الميثاق وتحقيق الأهداف التي نشدها الآباء المؤسسون لمنظومة الأمم المتحدة، ورفع فعالية وكفاءة عملها بما يؤدي إلى رفع مصداقيتها على المستوى الدولي.
وأضاف صباغ: إن منظمة الأمم المتحدة جسدت ومنذ إنشائها قبل قرابة الـ 80 عاماً الواجهة الأساسية لمنظومة تعددية الأطراف، وساهمت بشكلٍ مباشر في تسوية النزاعات بالطرق السلمية وتصفية الاستعمار وحفظ السلام وبنائه وتعزيز جهود منع انتشار أسلحة الدمار الشامل ومكافحة الإرهاب، وأثرت آليات وأساليب عملها بشكل كبير على تنمية العلاقات الودية بين الدول الأعضاء فيها، لكنها تأثرت بنفس القدر بالتحديات المتصاعدة التي فرضها واقع العلاقات الدولية المتبدل ما يستدعي الحاجة لإجراء مراجعات دائمة وشاملة لتلك الآليات وأساليب العمل سواء على المستوى المضموني أو الإجرائي.
ولفت صباغ إلى أن الجمعية العامة شهدت في السنوات الأخيرة ازدياداً ملحوظاً في عدد البنود المدرجة على جدول أعمالها، وازدياداً “بصورة غير مسبوقة” لعدد القرارات المتخذة دون توافق في الآراء واللجوء في العديد من الحالات إلى الدفع باتجاه التصويت عليها على الرغم من المعرفة المسبقة بوجود جوانب خلافية جوهرية على المستويين المضموني والإجرائي بينما شهد مجلس الأمن استقطاباً سياسياً حاداً تعمدت من خلاله بعض الدول دائمة العضوية إلى إعادةِ ترتيبِ المسائل ذات الأهمية وخلط الأولويات ضمن مساعيها لحرفه عن غرضه الرئيسي في حفظ السلم والأمن الدولي، وتسخيره لخدمة حساباتها السياسية الضيقة وأجنداتها الهدامة.
وأكد صباغ أن الحفاظ على التعددية الحقيقية يقتضي إصلاح الهياكل الحالية وفي مقدمتها توسيع مجلس الأمن بما يعكس الواقع الجديد للعلاقات الدولية وإصلاح المؤسسات المالية الدولية كصندوق النقد الدولي والبنك الدولي بما يجعلهما يلبيان مصالح الدول النامية ودول الجنوب والتصدي بشكل فاعل لمحاولات التلاعب بأحكام الميثاق وتجاوزها أو إساءة تفسير أحكامه لتبرير التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأعضاء أو افتعال وتسعير صراعات دامية ونشر الفوضى والإرهاب ومضاعفة معاناة الشعوب وتركها بعيداً خلف ركب التنمية.
وأوضح صباغ أن المقومات الأساسية للنهوض بعمل الأمم المتحدة تتمثل في تجسيد معاني التعددية الحقيقية عبر تعزيز قيم السلام وتسوية النزاعات بالطرق السلمية والمساواة في السيادة بين كل الدول الأعضاء والتنمية والتعاون الاقتصادي فيما بينها، وحماية المنافع المشتركة ما يتطلب من جميع الدول الأعضاء التمسك بالأسس التي قامت عليها منظومة الأمم المتحدة والتي يعكسها ميثاقها إلى جانب أحكام القانون الدولي والأعراف المستقرة في العلاقات الدولية ومنع استنباط وتعويم مصطلحات ومفاهيم جديدة للالتفاف على أحكام ومبادئ القانون الدولي من قبيل ما يسمى “النظام الدولي القائم على القواعد” والتي هي مصطلحات ومفاهيم لم تحظَ يوماً بتوافق الدول الأعضاء حولها.
وشدد صباغ على أن تطوير وتحسين عمل الأجهزة الرئيسية لمنظمة الأمم المتحدة وفي مقدمتها الجمعية العامة ومجلس الأمن يتطلب المزيد من الموضوعية والتخطيط الرشيد لإدارة مناقشاتها ومعالجة البنود التي يتم إدراجها على جداول أعمالهما ولاسيما أن ميثاق الأمم المتحدة تبنى تقسيماً واضحاً وضوابط محددة لعمل أجهزته الرئيسية بما فيها الجمعية العامة ومجلس الأمن والهيئات الأخرى المنشأة بموجب الميثاق الذي أفرد العديد من الأحكام التي
تنظم آليات وضوابط وحدود ممارسة كل من هذه الأجهزة لمهامه المرسومة والمحددة بالشكل الأمثل.
وأكد صباغ ضرورة الحرص على مراعاة الأحكام التي أفردها الميثاق لدى مباشرة الأجهزة لمهامها وأنشطتها، وأن تقوم بالوظائف المنوطة بها دون أي تجاوز لولايتها أو تداخل أو تعارض في أنشطتها مع عمل الأجهزة الأخرى بما يحول دون إيجاد حالة من الفوضى والتنافس بين تلك الأجهزة سواء على مستوى آلية صنع القرار أو حتى إدارة الأزمات والنزاعات الدولية وأساليب التعامل معها.
وأشار صباغ إلى أن النظام متعدد الأطراف الذي تُجسده منظمة الأمم المتحدة واجه خلال العقدين الماضيين تحديات جمّة خلال تعامله مع عدد من الأزمات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والذي تجلى في الفشل الذريع في منع الغزو الأمريكي للعراق في العام 2003 وفي عدم القدرة على إنهاء مأساة الشعب الفلسطيني الرازح تحت الاحتلال الإسرائيلي منذ عقود، وفي مواجهة تزايد التهديدات الإرهابية وتفشي الجوائح والأمراض وتفاقم المعاناة الإنسانية جراء الفقر والجوع والعطش وفقدان الرعاية الصحية.