تفاصيل مهمة حول قرار السماح بمنح قروض بالقطع الأجنبي
تشرين – إبراهيم غيبور:
لم يخفِ مدير مفوضية الحكومة لدى المصارف في مصرف سورية المركزي عصمت يوسف ما أثاره قرار السماح بمنح قروض بالقطع الأجنبي لتمويل مشاريع استثمارية تنموية من صخب في الوسط الاقتصادي، تجلى بالتعليقات السلبية والإيجابية التي لحقت صدور القرار.
تطوير لقرارات سابقة
ووفقاً ليوسف خلال تصريح إعلامي فإن القرار ليس بجديد، فهناك قرارات نافذة لمنح القروض بالقطع الأجنبي منذ عام ٢٠٠٨ من المصارف وهي قائمة حتى تاريخه، في حين أن القرار الصادر مؤخراً هو تطوير للقرارات السابقة برؤية وضوابط جديدة، تتعلق بنوعية المشاريع التي يمكن تمويلها بالقطع الأجنبي، تتفق مع الواقع الحالي لبعض المشاريع القائمة حالياً.
تخفف ضغط تمويل المستوردات عن مصادر القطع
تمويل من أجل التطوير
وعلى حدِّ قول مدير المفوضية فإنه نتيجة الانفتاح والنمو الاقتصادي، هناك مشاريع قائمة ترغب في تصدير منتجاتها بعد تحقيق اكتفاء حاجة السوق المحلي، وهذا الأمر يستدعي توسيع نشاطها عبر زيادة خطوط الإنتاج، لذلك يمكن منحها قرضاً بالقطع الأجنبي لاستيراد آلات ومعدات، وتالياً فإن هذا التوسع سيعود بالنفع على الاقتصاد الوطني، ومن جهة أخرى هناك بعض المشاريع الخدمية الموجودة حالياً ولاسيما السياحية كالفنادق والتي تسمح لها أنظمة القطع الأجنبي النافذة بتقاضي عائدات بالقطع وخاصة أن حركة القدوم عادت بعد توقفها خلال سنوات الحرب، لذلك يمكن منح هذه المنشآت قروضاً بالقطع لتمويل استيراد معدات وتجهيزات تساعد على توسيع نشاطها، وكذلك الحال بالنسبة لمشاريع قطاع التعليم كالجامعات الخاصة التي تستوفي عائدات بالقطع الأجنبي من الطلاب الأجانب، لذلك يمكن القول إن كل منشأة أو مشروع مسموح له بتقاضي عائدات بالقطع يمكن منحه قرضاً بالقطع لغايات محددة، وهذا شرط أساسي لمنح القرض، شريطة أيضاً أن يعيد القرض بنفس العملة التي منح بها، أو إحدى العملات المقبولة، كاليورو على سبيل المثال وهذا عائد للمصرف المانح للقرض.
تؤثر في سعر الصرف إذا استخدمت بطرق خاطئة
وفقاً لضوابط
وبخصوص ما أثير من أحاديث عن مخاطر منح هذه القروض في ظل شح القطع الأجنبي، يؤكد يوسف أن المصرف يقوم بدراسة ائتمانية لطالب القرض وكذلك دراسة مصادر الدخل بالقطع الأجنبي والتدفقات النقدية، وكل ذلك سيجري وفقاً لضوابط محددة إلى جانب ضمانات سيقدمها المقترض للمصرف المانح، ومتابعة دقيقة لتوظيف القرض في الغاية التي منح لأجلها.
ليس لإثبات العكس
وفي الوقت نفسه نفى مدير المفوضية أن يكون قرار السماح بمنح قروض بالقطع الأجنبي لإثبات عكس ما يتم تداوله من أحاديث عن شح الخزينة بالقطع الأجنبي، لافتاً إلى أن هذا الأمر لم يكن بوارد السلطة النقدية عندما أصدرت هذا القرار، ولاسيما أن أنظمة منح هذه القروض نافذة منذ سنوات وليست جديدة، يضاف إلى ذلك حالة الانفتاح التي تلوح بالأفق ومؤشرات التحسن، وكذلك قانون الاستثمار ١٨ الذي تم تعديله مؤخراً، والمشاريع الاستثمارية التي قد تكون بحاجة إلى القطع الأجنبي.
فوائد تشجيعية للإيداعات التي تفوق ٥٠ ألف دولار
مصادر القطع
وإلى كل من يسأل عن مصدر القطع الذي سيتم منحه كقروض، يؤكد يوسف أن المصرف المسموح له بمنح هذه القروض لن يلجأ إلى خزينة الدولة للتزود بالقطع، إذ إن هناك كتلة من القطع بين أيدي البعض يمكن أن يوظفها المصرف من خلال الإيداعات، وكذلك جزء من رأسماله المكتتب بالقطع، ناهيك بتوظيفاته الموجودة هنا وهناك، والتي أصبح بإمكانه استردادها وتوظيفها بقروض، لذلك فإن السلطة النقدية تنظر إلى هذا القرار كواحد من مجموعة إجراءات تصب في مصلحة الاقتصاد الوطني ككل.
إجراءات مرتبطة
وتحدث مدير المفوضية عن قرار يخص توظيفات المصارف لأموالها في الخارج، وضرورة التخفيف منها قدر الإمكان، عبر توظيفها في هذه القروض، والأمر الآخر هناك البعض ممن لديهم مدخرات بالقطع الأجنبي ولكنهم لا يودعونها في المصارف ربما لأسباب تتعلق بضعف الثقة، أو بسقوف السحب، وهذا الأمر اليوم تم تجاوزه بتعليمات تؤكد أن الإيداعات الجديدة بالقطع معفاة من سقوف السحب حين طلبها، في حال وضعت كاش، ناهيك بالفوائد التشجيعية للودائع التي تفوق ٥٠ ألف دولار بنسبة ٥٪ في السنة، وكل هذه القرارات مجتمعة مع قرار منح القروض بالقطع الأجنبي تصب في بوتقة تحريك عجلة الإنتاج، وحماية المدخرات من الضياع والسرقة في حال إيداعها لدى المصارف.
الطلب من المصارف التخفيف من توظيفات القطع في الخارج
مرتبط بالدراسة الائتمانية
وعن سقوف القروض الممكن منحها بالقطع الأجنبي، تحدث يوسف عن الضوابط الاحترازية التي وضعها مجلس النقد والتسليف في موضوع الإقراض، والتي أكدت أنه لا يجوز منح الشخص مع مجموعته المترابطة أكثر من ٢٥٪ من أموال المصرف الخاصة، هذا بالنسبة للقروض بالليرة، أما فيما يتعلق بالقطع، فهناك دراسة ائتمانية يقوم بها المصرف المانح، وتختلف مدتها من مصرف لآخر، وحسب المشروع، فهي تطول عندما يكون المشروع قيد التأسيس عن المشروع القائم والذي يحتاج إلى تطوير.
مقابل أصول
ويعود مدير المفوضية ليؤكد على شروط منح القرض بالقطع الأجنبي، وأولها أن يكون المشروع تنموياً استثمارياً، ومن جهة أخرى التأكد من حسابات المقترض في الخارج ومدى ارتباطها باسمه أو الشركة المرتبطة عند تحويل أقساط القرض إلى المصرف المانح للقرض، ناهيك بأن القرض يتم منحه وفقاً لمراحل التنفيذ وليس على دفعة واحدة، مقابل وجود أصول للمنح، وهنا لابدّ من التأكيد على أن المصرف لا يمنح القرض إلّا بنسبة من التكلفة الإجمالية للمشروع، لذلك لابدّ للمقترض من أن يتمتع بالملاءة المالية، مشدداً على أن القرار بمنح قروض بالقطع الأجنبي يساعد في تخفيف الضغط عن مصادر القطع الواردة إلى القطر ولاسيما في تمويل المستوردات عبر هذه القروض.
الإيداعات الجديدة بالقطع معفاة من سقوف السحب
التعثر استثنائي
وبما يخص التعثر في سداد القرض لأي سبب من الأسباب، فقد عدَّ يوسف أن التعثر هو حالة استثنائية وليست رئيسة، لذلك يتوجب على المصرف المانح أن يضع جميع السيناريوهات قبل منح القرض، وأن يتحوط لمثل هذه الحالات عبر الضمانات والمنح بمراحل وغيرها من الإجراءات.
لا فوائد محددة
ولما كانت الفائدة من المسائل الأساسية في منح القروض أياً كانت، فإنّ مدير المفوضية أكد أن الفائدة التي ستطبق على قروض القطع الأجنبي هي الفائدة المعمول بها في المصرف، فعلى سبيل المثال إذا كان المصرف يمنح فائدة على الودائع بالقطع الأجنبي بنسبة ٣٪ فمن الطبيعي أن يتقاضى فائدة ٤.٥ أو ٥٪ فالمصرف في النهاية مؤسسة ربحية، وعليه أن يسترشد بالنسب المحددة بموجب قرارات مجلس النقد والتسليف، وفي النهاية فإنّ الفائدة تختلف بحسب المصرف والعميل، وأجل القرض، ومن جهة أخرى كلما ارتفعت مخاطر القرض ارتفعت نسبة الفائدة.
يؤثر في سعر الصرف
وعن إمكانية تأثير هذا النوع من القروض على سعر الصرف، لم يخف مدير المفوضية تأثيره في حال استخدام القرض بطريقة خاطئة، وهنا تقع على عاتق السلطة النقدية مسؤولية مراقبة ومتابعة تنفيذ القرارات التي تصدرها، وكذلك المصارف، وفي حال أساء المقترض استخدام القرض بطرق خاطئة فإنه سيكون أمام منعكسات لا تحمد عقباها.
لا اقتراض من المركزي
وبعد صدور القرار، أكد يوسف أن المصارف ستقوم بتغيير سياساتها وآلياتها في استقطاب القطع الأجنبي لتكون قادرة على منح هذه القروض، مشدداً على أن المصارف المعنية بقرار منح قروض بالقطع الأجنبي لا يمكنها اللجوء إلى اقتراض القطع من المصرف المركزي ومن ثم إقراضه لأصحاب المشاريع الاستثمارية التنموية، إذ يجب أن يكون مصدر القطع من أمواله الخاصة حصراً ومن موارده، منوهاً أن الهدف من القرار تشجيع المصارف على القيام بدورها في العملية الاقتصادية، وعلى الجانب الآخر تحفيز المواطنين على التعامل مع المصارف كقنوات رسمية تضمن الثقة والأمان لهم في جميع تعاملاتهم المالية.