بين مسارين.. سورية تكسب مسبقاً جولات متقدمة

تشرين- مها سلطان:
ليس من الصحيح وصف الاجتماع الرباعي الذي استضافته موسكو، أمس وأول أمس، بأنه لم يكن مهماً في مسار «تطبيع» العلاقات بين سورية وتركيا، ربما لم يحقق الاجتماع خرقاً بارزاً في هذا المسار، وهو ما كان متوقعاً، إلّا أنه مهم لسببين: الأول لناحية تأكيد موقف سورية الثابت، ولو للمرة الألف، بأن التطبيع مرتبط قبل كل شيء بإعلان تركيا وبشكل رسمي انسحابها من الأراضي السورية التي تحتلها، إلى جانب عدم التدخل في الشؤون الداخلية السورية، ووقف دعمها للمجموعات الإرهابية المسلحة.
والسبب الثاني هو انضمام إيران بصورة رسمية/ فعلية، إلى الوساطة الروسية لتحقيق تقارب بين سورية وتركيا، ومشاركتها في هذا الاجتماع، الذي جرى على مستوى معاوني وزراء الخارجية، ولا شك في أن هذا الانضمام سيقود إلى «شيء ما» قد يتبلور في الفترة المقبلة، وخصوصاً أن الساحة العربية ومجمل الإقليم مقبلان على تطورات واسعة خلال نيسان الجاري، وأيار القادم، على مستوى انعقاد القمة العربية التي تستضيفها السعودية، وعلى مستوى الانتخابات الرئاسية والبرلمانية التي ستجري في تركيا.
اجتماع موسكو الرباعي خلص إلى «اتفاق على مواصلة الاتصالات» وذلك بعد يومين من المشاورات وصفتها الخارجية الروسية في بيان أمس بأنها كانت صريحة وبأن المشاركين «حددوا نهجهم بطريقة مباشرة»، ورغم أن هذا الاجتماع كما قيل متعلق بالتمهيد لاجتماع آخر على مستوى وزراء الخارجية، إلّا أنه لم يتم تحديد موعد لأي اجتماع آخر، على أي مستوى.
بكل الأحوال هناك اتجاه واسع يرى أن اجتماع موسكو الرباعي قد يكون الأخير في مسار التقارب السوري- التركي، قبل الانتخابات التركية المقررة في منتصف أيار المقبل، وإذا أردنا معرفة ما إذا كانت هناك إمكانية للقاء آخر فما علينا سوى مراقبة الأجواء والتحركات ما بين العواصم المعنية، موسكو، طهران، دمشق، أنقرة، فقد يستجد حدث ما، أو تطور ما، يعاكس التوقعات، والمنطقة تشهد فعلياً أحداثاً وتطورات عدة غير متوقعة، وهي فارقة في أهميتها ومدى تأثيراتها، والأطراف الداخلة فيها.
هذه الأحداث والتطورات تسرق المساحة الأكبر من التركيز، ووصل الأمر في الأيام الماضية لدرجة بدا معها مسار التقارب السوري التركي، حدثاً جانبياً، مقابل الخطوات الواسعة المتسارعة على مستوى التطورات في العلاقات السورية – العربية، ومع كل تطور جديد على مستوى العلاقات السورية العربية، تتسع دائرة التفاؤل لناحية أنه باتت هناك قاعدة تنطلق منها أطراف عربية فاعلة ومؤثرة «لبلورة شكل وجوهر نظام إقليمي شرق أوسطي جديد» ومن ضمنه تشكيل نظام عربي جديد «نظام إقليمي- عربي» وفق أسس وقواعد وأنظمة مختلفة، وحتى يتم ذلك لا بدّ من العودة إلى سورية «وتصحيح الخطأ الإستراتيجي» بحقها.. وعليه سنشهد في هذه المرحلة، من الآن وحتى انعقاد القمة العربية المقررة 19 أيار المقبل، توسيع وتثقيل خطوات التقارب العربي مع سورية، لتكون هذه القمة البداية الفعلية للانطلاق نحو نظام عربي «إقليمي» جديد.
من هنا، تنطلق مسألة أنه لا التوقيت ولا الأحداث في مصلحة النظام التركي، سواء قبل الانتخابات أو بعدها.. سورية اليوم تقف على أرضية صلبة بمواجهة التعنت التركي وتمسكه بوجوده الاحتلالي في سورية ورفضه رفع الدعم عن مجموعاته الإرهابية المسلحة على الأرض السورية، لكن المحتل التركي سيجد نفسه، عاجلاً وليس آجلاً، أمام حتمية تنفيذ الاستحقاقات الوطنية والسيادية التي تطالب بها سورية، أياً كان الفائز في الانتخابات التركية المقبلة.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار