الإنتاج الزراعي بين الحقل والبيدر

كل التصريحات” الزراعية” وخاصة بعد الأمطار الغزيرة التي شملت أغلب المناطق والمحافظات السورية مؤخراً، التي تبشرنا بمواسم جيدة، إن كان للقمح أو الشعير أو البقوليات تدفعنا لأن نعد للعشرة قبل أن نتحدث عن كميات الإنتاج المخططة والمتوقعة.. فقد علّمتنا التجارب أن نكون موضوعيين في الابتسامة أو القهقهة ..
ولأننا تفاءلنا سابقاً بما فيه الكفاية فقد كانت النتائج تختلف بين ( الحقل والبيدر ) ما اضطرنا لدفع فاتورة كبيرة ثمناً للقمح المستورد وبأسعار خيالية إذ لم تشفع لنا تسمية الموسم بموسم القمح، ولا المؤتمر الزراعي الذي شملت فعالياته مختلف الأنشطة الزراعية والثروة الحيوانية.. فكان ارتفاع أسعار الأعلاف إلى مستويات غير مسبوقة ومازال حجر عثرة أمام تطوير وتحسين هذا القطاع، وخاصة مع عدم تمكن مؤسسة الأعلاف ووزارة الزراعة من السيطرة على الأسعار في ظل تعنت المستوردين من تقديم أي تنازلات تسمح بإعادة عجلة التربية إن كان للدواجن أو الأبقار والأغنام الخ.. ما أدى إلى خروج الكثير من المداجن عن الخدمة وخسارة الكثير من رؤوس الأبقار والأغنام ..
تتفاءل التصريحات، رغم دراية الجميع أن أسعار السماد مثلاً فوق طاقة الفلاحين ورغم الحاجة الماسة للنبات إلى السماد.. ولم تقم أي جهة حتى الآن بمد يد العون لهم ومساعدتهم على تأمين السماد ولو تقسيطاً عن طريق المصارف الزراعية .. لكن بكل الأحوال وحتى الآن نلاحظ أن حقول القمح مازالت بخير، وكل ما نخشاه أن يتغير واقع هذه الحقول في الفترة القادمة وقبل موعد الحصاد لنعود من جديد إلى ندب حظنا ورمي كل الإهمال الزراعي على القضاء والقدر وننسى أن قطاعاً واسعاً أصابه الإهمال المتعمد بحيث قمنا باستيراد البصل، هذه الشتيمة الكبرى بحق الزراعة والمزارعين السوريين ..
ليس هذا فقط .. موسم إنتاج البطاطا في سهل عكار على الأبواب وقد أصاب بعض الحقول الكثير من الضرر نتيجة استخدام أحد أنواع السماد المستورد، لكن بقية المحصول هي بحالة جيدة تبشر بإنتاج جيد. وكالعادة يُخشى من أمرين يتكرران كل عام، الأول: هو استيراد البطاطا المصرية قبل الإنتاج بفترة قصيرة .. والثاني: انهيار الأسعار بشكل كبير جداً رغم الاستنجاد بـ” السورية للتجارة” التي تسجل فشلاً فوق فشل في كل تجربة تسويق زراعي تكلف به إن كان التفاح أو الحمضيات أو البطاطا والزراعات المحمية ..
قد يبدو هذا العام( الزراعي ) مفصلياً لناحية الاستمرار بالإنتاج وفق الوضع الحالي الراهن( من دون دعم ) وهذا قد يكون من المستحيلات، وبالتالي انهيار هذا القطاع بعد سنوات من الانتكاسة أو إعادة الروح له عن طريق دعمه بالسماد والمحروقات والبذار السليمة ومنع التعديات على مصادر مياه السدود ودعم مربي الدواجن والثروة الحيوانية وبهذا سيتحقق نهوض شامل تعود فيه سورية الى بلد مصدِّر بعد الاكتفاء الذاتي!!

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار