جمعيات أهلية في اللاذقية باشرت في تأمين سكن للعائلات المتضررة مع استمرار الدعم النفسي والصحي لها
تشرين- سراب علي:
في الوقت الذي تنتظر فيه العديد من الأسر في محافظة اللاذقية مصيرها بالسكن بعد أن تهدمت منازالها، حيث الآلاف يسكنون في مراكز الإقامة التي حددتها المحافظة، سواء في المدارس أو المراكز الأخرى، بادرت جمعية موزاييك لتأمين السكن للعشرات من الأسر لاستئجار منازل لهم، ودفع أجورها لمدة عام كامل مع تأمين مستلزماتها الأساسية.
وبيّن عدد من الأهالي ممن تم تأمين السكن لهم من قبل الجمعية أن الجمعية تكفلت بكل مستلزماتها، من حيث تأمين السكن لهم لمدة عام، وتقديم الرعاية الصحية لأطفالهم.
وأضافت السيدة حميدة التي انتقلت من مركز الإيواء التابع للجمعية إلى منزل تم تأمينه لها ولعائلتها المكونة من ٧ أشخاص، أنها شعرت بالاستقرار والطمأنينة بعد انتقالها إلى منزل مع أفراد عائلتها، مشيرة إلى تأمين المنزل بالمستلزمات الضرورية من منظفات وحرامات و فرشات وسلة غذائية و مبلغ مالي .
وهذا ما أكده أيضاً سامي الذي كان يسكن وأربع عائلات في بناء في منطقة الريجة القديمة، وتصدع بسبب الزلزال، و تم اخلاؤه من قبل لجان السلامة وانتقل لمنزل تم تأمينه من قبل الجمعية.
وأشار العم غريب من قرية ديروتان في القرداحة، أنّ لديه ثلاثة منازل في القرية وجميعها متصدعة، وغير صالحة للسكن، وجمعية موزاييك أمّنت لهم منزلاً مفروشاً ومجهزاً بكل المستلزمات له ولأولاده الذين فقدوا منازلهم.
البيوت الآمنة
من جهتها بيّنت المسؤولة الإعلامية في الجمعية أسرار حداد أن تأمين السكن لعدد أكبر من الأسر يتم من خلال التبرعات النقدية و العينية، التي تصل الجمعية، حيث إن تأمين سكن خاص بكل عائلة هو ما تحتاجه الآن تلك العائلات التي تقطن مراكز الإقامة الجماعية .
وأشارت حداد إلى أنه تم نقل أكثر من ٢٠ عائلة من مراكز الإيواء الخاصة بالجمعية إلى منازل تم استئجارها لهم، في مناطق الدعتور والرمل الجنوبي وشارع أنطاكية، وتم تأمين البيوت في مناطق قريبة لمكان سكنهم السابق، مع مراعاة أن تكون آمنة وغير متصدعة، وأن تكون ذات طوابق أرضية، حيث تم دفع الإيجار لمدة عام سلفاً مع تأمين( الغاز وأدوات المطبخ لهم، والأغطية والفرشات والسلة الغذائية الشهرية لكل عائلة، وتأمين الحفاضات و الحليب للأطفال بالإضافة للبطارية و الليدات )، و لفتت حداد إلى أن هناك فريقَ تقييم من الجمعية يزور بشكل دوري العائلات التي تم تأمين سكن لها للوقوف على احتياجاتهم.
المتضررون خارج المراكز
وأشارت رئيس مجلس إدارة جمعية أيادينا رلى زنجرلي في حديثها لـ ( تشرين) إلى أن الجمعية تستكمل عملها في الاستجابة الطارئة للزلزال، فبعد المساهمة في تأمين الدعم النفسي والاجتماعي، تابعت عملها بالبحث عن منازل لاستئجارها وتأمين العائلات المتضررة فعلياً، والتي فقدت منازلها، أو منازلها غير صالحة للسكن، لتأمين الأسر المتضررة منازلها، وتقطن خارج مراكز الإيواء، حيث بدأ فريق الجمعية بالتأكد من منازل العائلات المتضررة وعدد أفراد تلك الأسر، الذين لا يزالون يسكنون بيوتهم لتأمين السكن الآمن لهم و لأطفالهم.
ولفتت زنجرلي إلى وجود متبرعين جاهزين لدعم المتضررين، ودفع أجور السكن لهم في حال تواجد المنازل الآمنة.
الأهم الاستقرار
بدورها، الباحثة في القضايا التربوية والنفسية الدكتورة سلوى شعبان أكدت في حديثها لـ “تشرين” أنّ السلام والأمان حاجة إنسانية ضرورية، فبعد الكوارث وخاصة الطبيعية منها، وكحالة بدهية طارئة نبحث أولاً عن الأمان و الاستقرار والسكينة، ودراسة أحوال البشر الذين أصابتهم تلك الكارثة، لوضع الحلول وإيجاد خطط إغاثية تستهدف المسكن الآمن والغذاء الكافي، والمتطلبات الصحية اللازمة والضرورية وبث الهدوء والطمأنينة لتستمر الحياة بكل ما فيها.
وأضافت شعبان: الأهم في أولويات هذه الأمور، وبعد الزلزال المدمر الذي أصابنا ودمر بيوت الكثير من العائلات في المحافظات المنكوبة، وحرمها الدفء والطمأنينة، هو المسكن والاستقرار واللمّة الأسرية تحت سقف واحد ولو بشكل إغاثي سريع .
باحثة اجتماعية: صورة لامعة للتعاضد والتكافل يساند عمل الجهات الحكومية
ولفتت شعبان إلى مبادرات المجتمع السوري والجمعيات الأهلية والمؤسسات والهيئات، التي قدمت وعلى قدر إمكاناتها ما تستطيع تقديمه من مساعدات غذائية ودوائية وألبسة وغيرها، وأبرز هذه المساعدات والمبادرات المساهمات المالية لدفع إيجار بيوت لأسرٍ لها وضعها الخاص بتكوينها وعددها وأفرادها، ولم تستطع اللجوء لمراكز الإيواء فكانت هذه الجهات الداعمة لهم ليناموا ضمن بيوت آمنة فيها الاستقلالية والطمأنينة، كحق طبيعي لأي أسرة لتعيش بكرامة وتستمر في حياتها.
مساهمات لافتة
وتابعت شعبان: ولأن مراكز الإيواء حلّ زمني مؤقت، وغير صالح لبقاء أطفالٍ ورضّعٍ ونساءٍ حوامل وعجائز ومرضى بحالات حرجة ومزمنة في صالات رياضية، أو صالات الجوامع أو الكنائس، أو اللجوء عند أقارب، ووجود أكثر من عائلة ضمن منزل مخصص لعائلة واحدة، كانت هذه المساهمات لافتة للانتباه بشكل يستحق الشكر والاحترام والوقوف عندها، حيث أخذت زمام المبادرة لإيواء أخوتهم في بيوت بالشكل الأسرع، وكانت صورة لامعة للتعاضد والتكافل الاجتماعي السوري المشرف وليس بالمستغرب عنه حب الآخر ومساعدته، ولأن من يقدم الخير مردود له.
وأكدت أن هذا العمل واجب وطني وإنساني، وحثت الجميع للمتابعة به لأنه ساند الجهات الحكومية بشكل إغاثي، وكان داعماً حقيقياً في ظرف حرج ومؤلم، مشيرة إلى وقوف الدول الداعمة الشقيقة والصديقة التي قدمت وتقدم كحل سريع تلك البيوت الجاهزة، والسريعة التركيب والتجهيز بمهندسيها وعمالها وفنييها.
وختمت شعبان بالقول: ندعو الله التوفيق باستكمال العمل الحكومي المسؤول على أرض الواقع، ليكون المواطن وأسرته ضمن دائرة الأمان والاستقرار ليتابع حياته وحياة أولاده بالتعليم والبناء والتطور، فالحياة لن تقف عند مصيبة أو كارثة، نحن شعب جدير بالحياة متحدٍ وقاهر للظروف والويلات، وتحمل ظروف الحرب لسنوات، والآن يُري العالم كيف يقف بقوةٍ وهمّةٍ مستمدتين من تكوين نسيجه السوري الفريد، وحبه لتراب سورية ووفائه لأمانة من ضحوا بدمائهم ليبقى الوطن عزيزاً قوياً .