نجوم الفن ومحنة التنمّرعلى مواقع «السوشيال ميديا»
تشرين- ديما الخطيب:
منذ ما يقارب الثلاث سنوات أجرت فتاة أمريكية تجربة نفسية عرضت فيها جسدها للعامة ليفعلوا به ما يشاؤون، على ألا تقوم بأي ردة فعل للدفاع عن نفسها أو حتى محاسبتهم لاحقاً، وكان الهدف من التجربة سبر النفس الإنسانية، وما يغلب عليها.
ساعة أو اثنتان كانتا كفيلتين لتظهرا السواد والبشاعة التي تعتري قلوب بعض البشر تجاه الغرباء، اذ تعرضت الفتاة لشتى أنواع الإهانات، فقد خلعوا عنها ملابسها وألقوا عليها القمامة، حتى إن البعض قام بضربها، لتنتهي تجربتها التي كانت تراهن فيها على إنسانية البشر وطيبتهم تجاه الغرباء، بالدموع الصامتة.
وعلى المنوال ذاته يتعرض نجوم الفن والـ«سوشيال ميديا» بشكل شبه يومي لأشدَ أنواع التنمر الرقمي سوءاً وقبحاً، وهو أشدّ خطورة من التنمر الواقعي، إذ إن المتنمر شبه مجهول الهوية، كما أن سرعة انتشار المادة ومدة بقائها على الفضاء الإلكتروني قد يجعلانها بلا تاريخ انتهاء.
وقد أثبتت عدّة دراسات أجرتها مراكز بحث ومجلات صحية أمريكية أن جرأة المتنمر تزيد خلف الشاشة، وتصبح قدرتهم على جرح الآخرين أشدّ وأقسى، وخصوصاً أنهم يظنون أنهم لن ينالوا عقاباً أو حتى مجرد توبيخ.
«بشعة شو ما لبست» «جابت نظاراتها من بلاد العمالقة» «لبستهم بالعكس» وتتعدد الأساليب من اتهامات بالجملة.. إضافةً للقدح والذم والتجريح والسب والتشهير والتهديد ونشر الأكاذيب والصور المحرجة أو الابتزاز والاختراق والاعتداء على الحياة الخاصة، وانتحال الشخصيات، وذلك بإنشاء حساب باسم شخص آخر واستخدام صوره وبياناته الشخصية.
كما أشارت الدراسات ذاتها إلى أن النساء أكثر تعرضاً للتنمر من الرجال وبنسبة 80%.
تماضر غانم الفنانة المسرحية الراقية وخفيفة الظل، أصبحت «ترند» في الإساءة والتجريح لأنها ظهرت غير مرة تنعى زملاءها بدموعها الصادقة!
نسرين طافش طفشت بدورها من زوجها لشدة ما تنمروا على شكله واتهامها بقلة الذوق في اختياره، باسل خياط وملابسه الزهرية، مها المصري وفشل عمليات التجميل الذي منعها من الظهور على الشاشة سبع سنوات، أحمد الأحمد أجرى عملية تجميل ناجحة لأنفه! نادين نجيم عاشقة! قبلة سلاف فواخرجي، تولين بكري وصورها في دبي، وأخيراً وبالتأكيد ليس آخراً الفنانة ذات القلب الطيب واليد البيضاء غادة بشور ونظارتها الشمسية.
ما يثير الدهشة الممزوجة بالاشمئزاز ونحن نتابع مرغمين «بوستات» السخرية التي انتشرت في كل مكان أمران: الأول أن معظم السخرية تأتي في خطب جلل وهو أمر مخز جداً، فكيف لهؤلاء أن يمتلكوا حس الفكاهة والتندر في أقسى لحظات حزن الناس وكسرتهم!
والثاني أن أغلب من يتنمر إلكترونياً هم أشخاص بلا أي قيم جمالية أو أخلاقية وربما تعليمية وهم بالتأكيد ليسوا بربع جمال وأناقة وربما إنسانية من يتنمرون عليهم، ولهؤلاء أقول لهم: هناك خط رفيع بين المزاح والتنمر، لكنه قد يكون خط النهاية للبعض، احترموا مصائب الناس، احترموا حزنهم وفرحهم وحياتهم الخاصة وأذواقهم واختياراتهم.
وأخيراً احترموا عقول من يقرأ ويعرفكم شخصياً ويعرف مدى شجاعتكم وعلو أخلاقكم وأناقتكم وجمالكم الداخلي والخارجي، واحترموا تعبنا وتحملنا ظروف الحياة سنوات، «اللي فينا مكفينا»!