انتخابات التجديد النصفي الأمريكية مؤشر واضح على انقسام تبعاته ستظهر قريباً

لا يمكن التعامل مع نتائج انتخابات التجديد النصفي في أمريكا، على أنها لعبة أرقام فقط، بمعنى فوز وخسارة.
الناخبون الأمريكيون يقررون، من الحزب الذي سيسيطر على مجلسي النواب والشيوخ، وبالتالي فهذا سيحد من قدرة الرئيس على الحركة، لاسيما في الحالة الراهنة، حيث الاستقطاب السياسي على أشده بين الحزبين، ظهر جلياً إزاء العديد من القضايا الداخلية.
ويرى مراقبون أن هذه الانتخابات تأتي في لحظة غير مسبوقة، وستكون لها تداعيات على الانتخابات الرئاسية المقبلة، خاصة إذا ترشح الرئيس السابق دونالد ترامب.
وتتسم انتخابات التجديد النصفي بأهمية كبيرة، لأنها تُجرى بعد سنتين من انتخاب الرئيس، ما يعني أنها تعقد بين اقتراعين رئاسيين، ويتم خلالها انتخاب جميع أعضاء مجلس النواب وثلث أعضاء مجلس الشيوخ وحكام 35 ولاية فضلاً عن انتخابات مناصب قيادية وتنفيذية على المستوى المحلي.
وحسب المؤشرات، يتقدم الجمهوريون على الديمقراطيين بمقاعد مجلس النواب، بينما تحتدم المنافسة بين المعسكرين في انتخابات مجلس الشيوخ.
وبينما يتواصل عدُّ الأصوات، أفادت تقارير بأن الجمهوريين حسموا حتى الآن 177 مقعداً في النواب مقابل 132 للديمقراطيين، بينما يتعادل الجانبان بـ46 مقعداً لكل منهما في الشيوخ.
ويسعى كلا الحزبين لتأمين 218 صوتاً في مجلس النواب المؤلف من 435 مقعداً لضمان الأغلبية، بينما يسعيان للحصول على 51 مقعداً لضمان أغلبية مجلس الشيوخ المكون من 100 مقعد.
وفي العديد من الولايات، هزم الديمقراطيون بسهولة العديد من الجمهوريين المدعومين من الرئيس السابق دونالد ترامب، ولكن نتائج الاختبار الحقيقي لم تظهر بعد حيث ستقرر مستقبل الأغلبية في الكونغرس ومصير أجندة الرئيس جو بايدن، لكن أول خيبة أمل كبيرة لبايدن حسب وسائل إعلام أمريكية، جاءت بانتخاب جي دي فانس الموالي لترامب عضواً بالشيوخ عن أوهايو.
وفي السياق، تمكن الديمقراطيون من الاحتفاظ بمقعد حاكم ولاية نيويورك التي تعد من معاقلهم، لكن الانتخابات فيها شهدت منافسة حادة، بينما فازت المتحدثة السابقة باسم دونالد ترامب بمقعد حاكم ولاية أركنسو.
ويرى مراقبون أن حالة الاستقطاب الشديدة في الوقت الراهن قد تدفع الناخبين من كلا المعسكرين إلى التوجه صوب صناديق الاقتراع لتأكيد تواجدهم ومنع أي طرف من تعزيز قوته.
ويخشى الناخبون المؤيدون للحزب الجمهوري من تعرض اقتصاد البلاد لحالة ركود، فيما يلقون باللوم والمسؤولية على الرئيس الحالي جو بايدن المنتمي للحزب الديمقراطي، عن الأوضاع الاقتصادية الراهنة، وسط آمال بأن يتمكن مرشحو الحزب الجمهوري من الفوز بالانتخابات النصفية هذه لإحداث التغيير.
ويرى محللون أن التضخم والقضايا الاقتصادية والجريمة تعد «عوامل مهمة للناخب المحافظ في الوقت الحالي، وهي أيضاً قضايا رئيسية يتحدث عنها مرشحو الحزب الجمهوري».
وإذا سيطر الجمهوريون على أحد مجلسي الكونغرس سيكون صعباً على إدارة بايدن تمرير القرارات والقوانين.
يشار إلى أنه في حالة خسارة الحزب الديمقراطي السيطرة على أحد مجلسي الكونغرس أو كليهما، فإن هذا من شأنه أن يُعقد العامين الباقيين من ولاية الرئيس جو بايدن، إذ سيكون تمرير أي تشريع في الكونغرس أمراً بالغ الصعوبة بالنسبة لإدارته.
لكن المراقبين يرون أن قضية الانتخابات هذا العام لا تتعلق فقط بالحزب الذي سوف يمتلك أغلبية في الكونغرس، وإنما يتجاوز ذلك إلى أن العديد من مرشحي الحزب الجمهوري الذين يتنافسون على مناصب سياسية محلية أو مقاعد مجلسي النواب والشيوخ، يدعمون صراحة ادعاء الرئيس السابق دونالد ترامب بأن الانتخابات الرئاسية عام 2020 قد «سُرقت» منه، ويزعم أنه كان سيفوز على بايدن لولا التلاعب في نتائج الانتخابات، رغم عدم صحة مثل هذه المزاعم.
ووسط الصراع بين الجمهوريين والديمقراطيين على اقتناص الأغلبية اللازمة في الكونغرس، تكلفت الدعاية لهذا الحدث المهم رقماً قياسياً في تاريخ الولايات المتحدة.
وحسب أرقام وإحصاءات رسمية، فقد تجاوزت التكلفة الإجمالية لانتخابات التجديد النصفي 16.7 مليار دولار، وهو رقم أعلى من ضعف الرقم القياسي السابق الذي رصد عام 2018 بواقع 7.1 مليارات دولار.
وأنفق المرشحون الفيدراليون واللجان السياسية 8.9 مليارات دولار، بينما دفع مرشحو الولايات ولجان الأحزاب ولجان إجراءات الاقتراع 7.8 مليارات دولار في الدعاية.
كل هذا الانفاق سوف يعمق من حالة الانقسام، ويدفع الأمريكيون ثمنه لاحقاً، عبر ضرائب واقتطاعات جديدة من التقديمات الحكومية.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار
مناقشة تعديل قانون الشركات في الجلسة الحوارية الثانية في حمص إغلاق الموانئ التجارية والصيد بوجه ‏الملاحة البحرية.. بسبب سوء الأحوال الجوية صباغ يلتقي بيدرسون والمباحثات تتناول الأوضاع في المنطقة والتسهيلات المقدمة للوافدين من لبنان توصيات بتبسيط إجراءات تأسيس الشركات وتفعيل نافذة الاستثمار في الحوار التمويني بدرعا خلال اليوم الثانى من ورشة العمل.. سياسة الحكومة تجاه المشروعات متناهية الصغر والصغيرة والرؤية المستقبلية مؤتمر "كوب 29" يعكس عدم التوازن في الأولويات العالمية.. 300 مليار دولار.. تعهدات بمواجهة تغير المناخ تقل عن مشتريات مستحضرات التجميل ميدان حاكم سيلزم «إسرائيل» بالتفاوض على قاعدة «لبنان هنا ليبقى».. بوريل في ‏بيروت بمهمة أوروبية أم إسرائيلية؟ إنجاز طبي مذهل.. عملية زرع رئتين بتقنية الروبوت مركز المصالحة الروسي يُقدم مساعدات طبيّة وصحيّة لمصلحة المركز الصحي في حطلة القوات الروسية تحسن تموضعها على عدة محاور.. وبيسكوف: المواجهة الحالية يثيرها الغرب