من سجناء خلف القضبان إلى حرفيين مهرة بخبرات مكتسبة.. «مجمع صناعي» احترافي داخل السجن المركزي في اللاذقية
تشرين- سراب علي:
خلف الجدران العالية والأبواب الحديدية الكبيرة الموصدة، حيث السجن المركزي في اللاذقية، مجتمع مصغر يواكب الحياة خارجه.
فالحياة اليومية فيه بكل تفاصيلها، والعمل في مجالات عديدة تخبرنا عن إرادة وأمل بالحياة، يتجدد مع كل يوم يجلس فيه سجين وراء ماكينة خياطة، أو أمام فرن لصناعة الحلويات، أو يعمل آخرون وبروح الفن بصناعة قطع الموزاييك تؤكد مهاراتهم وإتقانهم لعملهم.
ليتابع آخرون العمل في مهن أخرى، كصناعة الاكسسوارات والتحف الخشبية التي تظهر إبداع صانعها.
دعمونا فأنتجنا
الشكر والعرفان لإدارة السجن وللقائمين على التدريب والدعم أول ما يبدأ به السجناء حديثهم، حيث أمن لهم العمل داخل السجن مهنة سيستمرون بممارستها بعد خروجهم، كما أفسح المجال لإبداعهم بالظهور في كل مهنة يزاولها هؤلاء النزلاء في السجن.
فلم يكن القيام بتلك الأعمال بالأمر المستحيل أو الصعب، كما أكد عدد من السجناء ممن التقتهم (تشرين ) داخل السجن كما في مشغل الخياطة، الذي يعمل فيه ١٨ سجيناً منهم ٣ في قسم التفصيل و١٥ في قسم الخياطة، كما أوضح النزيل محمد حسن أعرج المشرف على الورشة، ليشير أن من يعمل يشعر بقيمة العمل وأهميته، حيث ملأ وقت الفراغ بعمل يعود عليه بالمنفعة المادية والمعنوية.
الرغبة في العمل
وأضاف أعرج: الكثير من السجناء لديهم الرغبة بالعمل، وأغلب من يعملون بالخياطة ليس لديهم خبرة، حيث يتم تدريب من ليس لديه خبرة مسبقاً، وتزويدهم بأساسيات ومبادئ الخياطة، وصقل مهارات من لديه خبرة.
مشيراً إلى أن السجناء يعملون بهمة، حيث يتم تفصيل البدلات العسكرية لرجال الشرطة في هذا المشغل، وكذلك تفصيل الثياب لمن يريد، موضحاً أنه يتم تأمين كافة الأدوات ومستلزمات الخياطة من قبل إدارة السجن، والأمانة السورية للتنمية، ناهيك عن دورات الخياطة التي تقام كل فترة يحمل معها المدربون كل ما هو جديد ومفيد للعمل.
صقل خبرات
لمدة عشر ساعات يومياً يعمل جنيد جنيد وراء ماكينة الخياطة منذ دخوله السجن منذ قرابة الشهرين، ويتابع عمله بكل إرادة وهمة، قائلاً: لم يكن العمل صعباً، فالخياطة مهنتي الأساسية والتدريب هنا صقل مهنتي فازدادت خبرتي، وهذا يمنحني الثقة بنفسي، كما يفيدني بعد خروجي في عملي، فقد اكتسبت مهارات جديدة في الخياطة، مضيفاً: أشكر إدارة السجن وجميع القائمين على دعمنا وإعطائنا هذا المجال في العمل.
تأمين المواد
كل المواد التي نطلبها يتم تأمينها لنا، هذا ما أكده أسامة نجار الذي يعمل في صناعة التحف الخشبية، مشيراً أن العمل ملأ وقت فراغه وصقل موهبته، وكذلك حقق له ربحاً مادياً مناسباً داخل السجن، وأضاف: أعمل يومياً ٦ ساعات متواصلة في نحت القطع الخشبية، وأصبحت لدي المهارة الجيدة لصنع أي قطعة تطلب مني، كما أقضي بعملي هذا على الوقت والملل طوال اليوم.
عرض منتجاتنا خارج السجن
وأضاف نذير رباح الذي يعمل بصناعة الأرابيسك: أعمل بإتقان فأصنع الخواتم والمسابح والعكاكيز وأبيعها للنزلاء، ولدي القدرة لصناعة ما يطلب مني بكل إتقان, مشيراً إلى أهمية العمل لإمكانية عرض منتجاتهم خارج السجن، ضمن المعارض التي تقام، الأمر الذي يحفزهم أكثر على العمل وزيادة الإنتاج والربح.
اختيار مهنة
كما لم يتردد حسين منذ توقيفه بالسجن من اختيار مهنة لملئ وقت فراغه بالشيء المفيد، فانضم لمهنة صناعة الحلويات، بعد أن قدم كتاباً لإدارة السجن، وأجري اختبار له بالموافقة على مزاولة العمل في هذه المهنة، قائلاً: أشعر بالسعادة عندما أعمل، وأنني أستطيع إنتاج ما يعود علي بالنفع، مشيراً إلى الدعم الذي يتلقاه والنزلاء من جمعية رعاية المساجين، وإدارة السجن لناحية تأمين كافة متطلباتهم في العمل.
دعم وإصلاح وتأهيل النزلاء
من جانبه قال العميد ضياء الدين حسام الريم- رئيس فرع سجن اللاذقية لـ«تشرين»: نعمل جاهدين في وزارة الداخلية على دعم وإصلاح وتأهيل النزلاء في سجن اللاذقية، ليؤدي كل نزيل دوره في الحياة، بما يفيده ويفيد أسرته ومجتمعه بعد خروجه من السجن.
وأضاف: هذا التأهيل يضمن عودتهم إلى المجتمع فاعلين ومؤثرين، وذلك لما اكتسبوه من خبرات ومعارف، وليكونوا قادرين على مواكبة تطورات الحياة بعد خروجهم، مؤكدا أن لافتتاح المركز الثقافي في السجن أبعاداً وقيماً فكرية وحضارية وثقافية كبيرة للنزلاء، ومن شأنه أيضاً دعم مقومات الثقافة والإصلاح في السجن.