«القنبلة القذرة».. وأساليب أمريكا والغرب في إدامة الصراعات
تشرين:
تتعدد الأساليب والأدوات الأمريكية والغربية المستخدمة في الهجوم على الشعوب والدول واستهداف سيادتها، منها التقليدية ومنها غير التقليدية، ومنها ما يُنذر بخطر الوصول إلى حافة الهاوية والذهاب إلى اللانهاية، ولكن كل تلك الأساليب يُمكن جمعها في قالب واحد وتحت صفة القذارة الأمريكية – الغربية في آنٍ معاً.
أبرز الأحداث التي يمكن التطرق إليها راهناً، هي الأزمة الأوكرانية، التي على ما يبدو تسير بها ضفتا الأطلسي باتجاه التصعيد أو حافة الهاوية، مهما كانت النتائج ومهما كانت الخسائر أيضاً مادياً وبشرياً واقتصادياً، وأياً تكن درجة الخطورة المترتبة على ذلك التصعيد، فالمهم استمرارية الصراع، أي صراع مادام لا سبيل لإنهائه بطريقة لا تخدم الولايات المتحدة والغرب وتحافظ على هيمنتهما والقطبية الأحادية، ويمكن التدليل على ذلك من خلال مصطلح «القنبلة القذرة» الذي يتسيد المشهد السياسي الدولي راهناً، إذ حذّر وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو من أن نظام كييف يستعدّ لتفجير هذه القنبلة المُسبّبة لإشعاعاتٍ نوويّةٍ في الأراضي الأوكرانيّة، وإلصاقِ التّهمة بروسيا، وإدانتها باستِخدام أسلحة دمار شامل في هذه الحرب، وتحشيد الرأي العام العالمي ضدّها.
من دون عناء البحث في الحيثيات والتفاصيل، الصورة واضحة تماماً، وهي محاولة أمريكية – غربية لإيجاد ذريعة ضد روسيا، بما يفضي إلى تصعيد أخطر وربما محاولة عبثية للجرّ إلى حرب نووية، من دون أن تكون واشنطن السباقة بإكمال مسلسل الذريعة، وإدخال الصراع في مرحلة جديدة أكثر خطورة، لكن روسيا المتيقظة كانت أيضاً واضحة بأنها لم ولن تستخدم الأسلحة النووية في أوكرانيا، كما جاء على لسان مندوبها الدائم لدى الأمم المتحدة فاسيلي نيبينزيا.
ولأن نظام كييف هو أداة أمريكية، ما يعني أن استفزاز روسيا عبر «القنبلة القذرة» هو استفزاز أمريكي بلباس أوكراني، مادام الحسم غير واضح المعالم بعد وأيضاً غير واضح النتائج سلباً أم إيجاباً على واشنطن، ومادامت روسيا هي الرابح إلى حد الآن وأوروبا الخاسر والصورة الأمريكية مهتزة داخلياً وخارجياً.
«القنبلة القذرة» على خطورتها وخطورة تأثيراتها وتداعياتها، تذكر بمسرحية أسلحة الدمار الشامل التي تمّ إعدادها ذريعة مقدمة لغزو العراق 2003، والمسرحيات الكيميائية التي تمّ تحضيرها بأيادٍ إرهابية في سورية لتأليب الرأي العام ضد الدولة السورية والتأثير على رموزها لإحلال بدائل على المقاس الغربي.
وتعدّ «القنبلة القذرة» سلاحاً تقليدياً وهو عبارة عن مزيج من المواد المتفجرة المزوّدة بمواد مشعّة تنتشر في الهواء بعد التفجير، ما يجعل منها خطراً على المدنيين، لكن لا ينتج عن تفجيرها انشطار نووي أو اندماج، ولا تتسبّب بدمار هائل على نطاق واسع، وبالتالي لا يمكن مقارنة «القنبلة القذرة» بالقنبلة النووية التي تُحدث انفجاراً أقوى بملايين المرات، وتنشر سحابة إشعاع على مدى آلاف الكيلومترات المربعة، في حين الإشعاعات الناجمة عن «القنبلة القذرة» يمكن لها أن تنتشر فقط ضمن مساحة لا تتعدى بضعة كيلومترات مربعة.
والخطر الأكبر لـ«القنبلة القذرة» مصدره الانفجار وليس الإشعاع، إذ إن الأشخاص القريبين جداً من موقع الانفجار هم من يتعرض لإشعاع يكفي للتسبّب بمرض خطير، حيث يمكن أن ينتقل الغبار والدخان المشع إلى مسافة أبعد بحيث يشكّلان خطراً على الصحة في حال استنشاق الغبار وتناول أطعمة أو مياه ملوّثة.