“سفينة الفرح” ترسو في ميناء الحب
تشرين- ديما الخطيب:
أثناء مجابهتك لقسوة الحياة بكل براثنك، وأنت تدفع عن أولادك كلّ أشكال العنف المعيشي، وتحاول أن تُبقي طفولتهم على قيد الطبيعيّة إلى أقصى حدود الممكن، تأخذ بيدك فجأةً مواقف صغيرة من أناسٍ غرباء، يدعونك للراحة والتقاط الأنفاس، ويمسكون بيد أطفالكَ بكلّ أبوّة نحو الفرح والحب والتربية والتعليم والتفاؤل الذي مازال مصرّاً على أنه قوس قزح حقيقي، وليس مجرد وهم.. كذلك تفعل فرق مسرح الأطفال التابعة لوزارة الثقافة، والتي لا يزال أعضاؤها من كتّاب ومخرجين وممثلين وفنيين، يمتلكون القدرة العجيبة على التدرب لأيام طوال، والوقوف ساعات على خشبة ضيقة ليفتحوا أفقاً لأطفال لا يعرفون منهم سوى اسم الوطن، فيمدونهم بالمحبة ويدغدغونهم بالضحك ويصقلون أحلامهم نحو مستقبل سليم ويحفزونهم بالقيم الإيجابية.
أولئك الأبطال الخارقون الحقيقيون الذين لايستطيعون ربما تحمل تكلفة القدوم إلى العمل كل يوم، يُصرّون بأعجوبة بعد كل عرض، على الوقوف والتقاط الصور التذكارية مع أطفال دخلوا بالمجان إلى خشبتهم، وخرجوا منها محملين بطاقة العطاء العظيم أيضاً من دون مقابل.. أعتقد شبه جازمةً أن هؤلاء الأبطال الخارقين، لا يستحقون منا نقداً صحفياً لخطأ فنّي هنا أو سهوةٍ هناك أو إشارة لهفوة فاتت كاتب النص المخضرم، أو تعليقاً على عثرةٍ إخراجية أو غير ذلك عبر كتابةِ مقالٍ عن عملهم، بل يستحقون فقط انحناءة شكرٍ وتقدير، على جهودهم الجبارة في إبقاء المسرح حيّاً في نفوس أطفالنا، جهود ربما لا يقابلها إلّا مردود مادي بائس كحياتنا.
إلى كل فردٍ من طاقم “سفينة الفرح” من قبطانهم حتى آخر بحاريهم، شكراً لأنكم تمدوننا قبل أطفالنا بقيم التفاؤل والعمل والصبر والاجتهاد، ليس عبر ما تقولونه على الخشبة، بل عبر ما تقدمونه من جهدٍ عظيم لرؤية بسمة طفل وسماع قهقهة آخر وملء روح ثالثٍ بكمّ هائلٍ من طاقة الحب والفرح.ِ
يُذكر أن العمل الذي عُرض على مسرح القباني في دمشق من تأليف نور الدين الهاشمي، إخراج محمد سالم و تمثيل: غسان الدبس وإنعام الدبس وعماد النجار ورولا طهماز وعبد السلام بدوي وخوشناف ظاظا وسمير بقاعي وعبد السلام بدوي وناصر الشبلي..