كلنا متقاعدون

ليس بخافٍ على أحد تزايد اتساع الهوة بين مستوى الدخل وعتبة كفاف العيش نتيجة تقلب الأسعار واستمرار تعاظمها، الأمر الذي يفاقم معاناة أصحاب ذلك الدخل المهدود وينعكس سلباً على أدائهم الوظيفي، ولو ترك حبل الاستقالات على غاربه لفقدت معظم الجهات العامة الكثير من كوادرها بحثاً عن فرص بدخل أفضل.
المتابع لزيادة التعويضات التي تقرّ بين الحين والآخر في محاولة لجسر جزء من الهوة بين الدخل ومتطلبات العيش، يلاحظ أنها تخص جهة بعينها من دون غيرها.. ولفئة محددة ضمن تلك الجهة من دون غيرها، أي أن تحسين الدخل من باب التعويضات يأتي تحت ضغط الحاجة للحفاظ على ما بقي من كوادر معينة والحدّ من نزيفها .. ولا شك أن الانتقائية في عملية منح التعويضات تترك أثراً سلبياً لدى بقية العاملين في الجهة نفسها أو في غيرها، لأن ضنك العيش بسبب تقزم الدخل يقاسيه الجميع ولا يقتصر على من يتم تحسين تعويضاتهم من دون غيرهم.
السؤال المهم هنا: لماذا العزف على وتر التعويضات والابتعاد عن جذر المشكلة ألا وهو الراتب، إذ من الإنصاف أن يتم النظر به أولاً وزيادته إلى المستويات التي تحقق كفاف العيش ولجميع العاملين في مختلف الجهات من دون استثناء، ومن ثم يمكن تكييف التعويضات والحوافز بما يتلاءم ومستوى الأداء في كل جهة ولكل فئة حسب طبيعة العمل والمبادرات الجماعية أو الفردية التي تحقق قيمة مضافة له.
بالمختصر؛ الآلية المتبعة في حصر تحسين الدخل بالتعويضات من دون تحسين الرواتب قد لا تفسر على أنها حسنة النية، لأنها تعني أن الموظف ما دام على رأس عمله ويستنزف نفسه فكرياً وجسدياً فإن له تعويضات تحسن من دخله ولو لأقل من المستوى المقبول، أما بعد إحالته للتقاعد فلا تعويضات له حيث تزول تلقائياً ويعود للراتب الأقرع الهزيل.
نود التذكير على هذا الصعيد أننا كلنا متقاعدون بنهاية خدمتنا الوظيفية، وحتى من يسن آلية زيادة التعويضات ويتجاهل تحسين الرواتب -سواءً عن قصد أو من دونه- هو متقاعد أيضاً بمرور الزمن، والكل يعلم أن المتقاعد على السن القانونية يكون على الأغلب بوضع صحي متهالك بعد أن أفنى معظم سني عمره بالعمل الوظيفي، وعندها لن يحتاج لراتب تقاعدي يغطي به طعامه وأسرته فقط بل وليسد منه نفقات علاجه، لكون الأمراض في مثل عمره تبدأ التربص بالإنسان وعلاجها في ظروفنا باهظ جداً.. على أمل استدراك ما يحصل والنظر بتحسين الرواتب والأجور قبل التعويضات لما فيه من إنصاف للعامل وهو على رأس عمله ولدى تقاعده في آنٍ معاً.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار
تشكيل لجنة لمكافحة التسول.. بحصاص: بعد إطلاق سراح الأطفال المتسولين يعودون مجدداً للتسول ملاكمتنا خارج بطولة آسيا والضحية هم اللاعبون نتيجة مخيبة لكرة شباب الساحل في الدوري في ذكرى تأسيس وزارة الثقافة الـ 66.. انطلاق أيام الثقافة السورية "الثقافة رسالة حياة" على سيرة إعفاء مدير عام الكابلات... حكايا فساد مريرة في قطاع «خصوصي» لا عام ولا خاص تعزيز ثقافة الشكوى وإلغاء عقوبة السجن ورفع الغرامات المالية.. أبرز مداخلات الجلسة الثانية من جلسات الحوار حول تعديل قانون حماية المستهلك في حماة شكلت لجنة لاقتراح إطار تمويلي مناسب... ورشة تمويل المشروعات متناهية الصغر ‏والصغيرة تصدر توصياتها السفير آلا: سورية تؤكد دعمها للعراق الشقيق ورفضها مزاعم كيان الاحتلال الإسرائيلي لشنّ عدوان عليه سورية تؤكد أن النهج العدائي للولايات المتحدة الأمريكية سيأخذ العالم إلى خطر اندلاع حرب نووية يدفع ثمنها الجميع مناقشة تعديل قانون الشركات في الجلسة الحوارية الثانية في حمص