مسؤولية المواطن الشريف
الأب: حسن سليمان الطبرة
تتطلب المفرزات المجتمعية التي أفرزتها الحرب الظالمة على سورية جهوداً مجتمعية مشتركة ومتنامية، فردية وجماعية معاً، متجددة وسخية، فعلى كل مواطن مثقف وواعٍ ومسؤول أن يفهم بمزيد من العمق أنه قد حان الوقت لتسريع الخطا، كما حان الوقت أيضاً للتطلع إلى الأمام بروح جهادية متوقدة، والتأهب لاجتياز تلك المرحلة الظالمة للوطن والمواطنين في موقف يهدف إلى إشراع أبواب التاريخ واسعة أمام الحق والحرية والتقدّم والكمال.
ذلك يتطلب من كل مواطن واعٍ لمسؤوليته الاجتماعية والوطنية والإنسانية أن يعرف أنه مدعوٌّ للسعي والجهاد الوطني بكلّ أبعاده، حيث نلاحظ فئاتٍ من المواطنين فقدت إيمانها الحي بمواطنيتها، فراحت تقضي حياتها بمنأى عن أي مسؤولية تتوجب عليها سواء أكانت اجتماعية أم ثقافية أم إنسانية.
في مثل هذا الوضع لابدّ من ضخّ دماء جديدة في العروق العقلية والنفسية، لتلك الشرائح المجتمعية، وبثّ روح المواطنة والمسؤولية نستطيع أن نسميها ردة فعل والدية إنسانية من قبل المثقفين والمتعلمين والواعين لحقيقة الإنسان والوطن والمواطنة السليمة، وذلك مواجهة لذلك التراخي وانحجاب نور المقتضيات الأخلاقية المتصلة بالحياة الصحيحة في ضمائر عدد من أبناء الوطن.
والواقع يوضح بالبيّنات أن كثيراً من المواطنين وصلت بهم الأمور إلى اللامبالاة بشؤون الوطن والواجبات المترتبة على كل مواطن شريف يشعر بمسؤوليته اليومية، لا بل الساعيّة، تجاه وطنه وشركائه في المواطنة، من خلال عيشهم اللامبالاة الدينية والأخلاقية ومفرزاتهما الإيجابية تجاه الوطن والمواطن، تلك هي المصادر الجوهرية للحياة والمواطنة الحقّة الواجبة على كل مواطن ومواطنة.
كما أن الظروف التي مرّ بها الوطن من خلال الإحدى عشرة سنة الفائتة لم تتح لكثير من الشرائح المجتمعية، أن تتلقى أسس التربية الوطنية والاجتماعية والإنسانية الواجبة، ما يتطلب من بقية الشرائح المجتمعية وخاصة الواعية منها أن تغمر تلك الشرائح بنظرة وسلوك المحبة خصوصاً ما يلزمها بإلحاح أن تجتذبهم إلى الشركة الوطنية وإذكاء نور الإيمان بالوطن والإنسان، تلك هي الرسالة الدائمة للشرائح الواعية في المجتمع الواجب عليها أن تتحمل مسؤوليتها الوطنية ورسالتها الدائمة داخل المجتمع بما عليها من واجب وما لها من حقّ في نقل رسالتها المقدّسة إلى جميع الذين لم تسمح لهم الظروف القاهرة بذلك.
هذه الرسالة الوطنية هي اليوم أكثر من أي يوم مضى بحاجة للتطبيق من خلال رسالة التعليم والتربية وبثّ روح الوعي والتشجيع والهداية، وكم هم كُثر المواطنون الذين هم بحاجة إلى ذلك التشجيع الواعي واللين والمتواصل، وعلى كل مواطن أن يدرك ما يترتب عليه من مسؤوليات ملحّة ومشتركة خصوصاً الشرائح الأكثر وعياً وخبرة لتكون الأداة الضرورية والملزمة لمساعدة كل الشرائح المجتمعية لطرائق شخصية، ما يرتب عليها بالأولوية القيام بمهمة وبثّ الوعي مجدداً في صفوف المجتمع وضخ دماء جديدة في عروقه، وليكتشفوا ثانية في ضوء هذا الالتزام النداء الوطني والإنساني للقيام بخدمة ما أوكل إليهم من مهمات وطنية وإنسانية وأخلاقية.