تصويب الأخطاء!

أحيانا يلجأ التجار إلى تحميل المستهلك النهائي للسلعة، تبعات التأخر في معالجة بعض أشكال الخلل، والتردد في مواكبة المتغيرات بقرارات جديدة تستدرك ماقبلها.
ولايخف هؤلاء في اجتماعات غرفهم وفي اللقاءات اضطرارهم إلى تحميل التكاليف الإضافية الناجمة عن الخلل إلى المستهلك الحلقة الأضعف في السوق، حتى يستمروا في عملهم.
ولا تقتصر آثار بعض القرارات غير المدروسة بشكل شامل وجيد على أسعار السلع المتداولة في الأسواق المحلية، وإنما قد تؤثر على قدرات المصدرين في تسويق منتجاتهم بسبب الأعباء الإضافية أو عدم جدوى تجشم العناء في سبيل التصدير..
ومن الأمثلة التي طرحت عن مثل هذه الأمور خلال اللقاءات الانتخابية في غرف الصناعة مؤخرا مطالبة الصناعيين ” المصدرين والمستوردين في الآن ذاته”  بتحقيق العدالة واستدراك قرار ناقص قضى برفع نسبة البدلات للاستيراد ولم يصدر قرار مشابه يلحظ مايخص جانب الصادرات، بالتالي بات المكلف ” الصناعي المستورد والمصدر بذات الوقت” تحت وطأة تكاليف إضافية إذ ارتفع رقم وقيم أعماله في حساب مستورداته ولم يرتفع في في حساب صادراته، وبما أن الضريبة تفرض على رقم الأعمال الناتج عن الفرق بين المستوردات والصادرات بالنسبة للصناعي،   و هذا الفرق هو غالبا البضاعة التي توضع للاستهلاك في السوق المحلية، هذا يعني أن عبء التعويض سيقع على عاتق المستهلك المحلي..
هنا ثمة خطأ  محاسبي يدفع ثمنه المواطن في المحصلة، يجب المسارعة إلى تصحيحه، كي لايبقى المستهلك والجهات التنفيذية بدورون في حلقة مفرغة حول سبل تخفيض الأسعار وهرش الرؤوس للتفكير بأسباب ارتفاعها، وقد علمنا أن غرف الصناعة راسلت وزارة الصناعة ووزارة المالية، ووزارة الصناعة خاطبت “المالية” لكن لم يصدر قرار يستدرك هذا الخلل دون سبب مقنع لهذا التأخير.
الواقع أن مطلب الصناعيين – الذين يقومون بالتصدير والاستيراد في الوقت ذاته  – يندرج تحت عنوان تحقيق العدالة الضريبية وتعزيز الثقة بين المكلفين بالضرائب والرسوم وفقا لقرار وزارة المالية رقم ٢٤٦ لعام ٢٠٢١، والذي ينص على أخذ متوسط البدلات لسعر الصرف بعين الاعتبار عند تقديم قيم المستوردات،  ولابد من تطبيق هذا القرار أيضا على قيم الصادرات وتحقيق العدالة الضريبية، لأن استمرار ذلك سيزيد من التكليف الضريبي للمصدرين.. خصوصا وأن احتساب سعر الصرف يجري وفقا للفرق بين السوق غير النظامية والسعر الرسمي المعلن من قبل المصرف المركزي.
والأمر المستغرب تأكيد هؤلاء ” فئة المصدرين والمستودين في آن واحد”  أنهم خلال لقاءاتهم المتكررة مع الجهات المعنية كانت هذه الجهات تؤكد أحقية مطالبهم وتعدهم بحلها لكن من دون نتيجة ؟!

على خط آخر وفي ظل عدم قدرة وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك على كبح جماح ارتفاع الاسعار، رغم الوعيد والقوانين إلا أن السياسات المتبعة حالياً بلا جدوى لا بل أدت إلى نتائج عكسية في أسواقنا، والمعلوم أن الذي يوازن السوق ويحافظ على استقرار الاسعار هو العرض والطلب فقط، وعدم انسياب السلع ونقصها نتيجة بعض القرارات والسياسات النقدية والتي يعدها معظم التجار المسبب الرئيسي في ارتفاع الأسعار.

حيث نتج عنها امتناع العديد من التجار عن الاستيراد، وهروب كتلة كبيرة من رأسمال التجار للخارج ، وتجميد كتلة كبيرة من الاموال في المنازل أو بالعقارات والذهب.
لا يمكن توجيه اللوم في مثل هذه الأمور إلى وزارة معينة لوحدها، ومنذ سنوات ونحن ندور في ذات الحلقة المفرغة، ومازلنا نصوّب على الاتجاهات والأماكن الخاطئة للتعمية عن الحلول الحقيقة والجذرية والتي يبدو  أن لا أحد يريد أن يتحمل مسؤولية اتخاذها !
الوضع المعيشي حاليا لا يمكن تحسينه عبر زيادة الرواتب بالطرق المتبعة سابقاً، لكن يمكن ذلك من خلال الدراسة العاجلة والشاملة لجميع القرارات التي تعيق العمل وتحريك عجلة الاقتصاد وتخفيف الأعباء عن الجميع وصولا إلى المواطن، بمشاركة الجميع و تحقيق مقولة ” لا يموت الذئب ولا يفنى الغنم”.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار