سطوة الأمبير..؟!
نَعِم أهالي حلب بليالٍ “منيرة” مؤخراً تُشابه أيامنا الخوالي، أيامَ كانت العاصمة الاقتصادية لا تنام أبداً، وتقارب في إنارتها “المبهجة” الفترة “الذهبية” المحدودة عند إقلاع العنفة الأولى في المحطة الحرارية، من دون اكتراث بأسباب هذا الطارئ الجديد، وخاصة إن استمراره وإن بنسبة أقل يبشر بالخلاص من تكلفة الأمبير المرهقة، التي كان يتوقع أن تشهد هبوطاً في تسعيرتها، لتكون المفاجأة عكسية عبر رفع تكلفة الأمبير الواحد 30 ألفاً أسبوعياً بحجة سعر المازوت المرتفع.
واقع الكهرباء الجديد في مدينة حلب وتجاوز تكلفة الأمبير 200 ألف شهرياً، رفع صوت المطالبة بإلغاء هذه الخدمة الباهظة، مع إن عائلات كثيرة تضع أيديها على قلوبها كما يقال من عودة تقنين قاس خلال أيام الشتاء الطويلة، ما يضطرهم للوقوع تحت رحمة تجار الأمبير من جديد، كما حصل عند التحسن الكهربائي السابق حينما أقلعت العنفة الأولى، حيث منّوا النفس بإزالة الأمبير بصورة نهائية، لكن لم تمضِ سوى فترة قصيرة حتى عادت “حليمة” لعادتها القديمة وزادت ساعات التقنين، وهو ما عدّه أصحاب المولدات فرصة لزيادة سطوتهم، عبر رفع تدريجي لتسعيرتهم حتى أصبحت خارج المحمول، الأمر الذي بات يحتاج تدخل الجهات المعنية في حلب لضبط الفوضى الظاهرة التي لا تتطلب “شكوى” من “الأخ” المواطن، وذلك عبر إصدار تسعيرة منطقية ملزمة وخاصة أنهم يحققون مكاسب جيدة حالياً لكونهم لا يشغلون مولداتهم سوى ساعات قليلة، مع محاسبة المخالفين بعقوبات مشددة حتى يكون الضبط موزوناً وليس لحظياً ينتهي بمغادرة “الرقابة” التموينية والسلام.
ضياع مليارات الليرات على الخزينة وذهابها لقلة قليلة من تجار الأمبير وبعض المنتفعين في المؤسسات المعنية في حلب منذ اعتماد هذه الخدمة بسبب تدمير الشبكة الكهربائية الممنهج، يطرح تساؤلاً مشروعاً عن أسباب عدم المبادرة إلى إنشاء محطة توليد مصغرة وفق صيغة تشاركية بين القطاع العام والخاص، تضخ عائداتها في شرايين اقتصادنا المتعب، وتعميم التجربة على بقية المدن وليس في حلب فقط، وبالمقابل يفترض توجه أهل الصناعة والتجار لإنشاء مشاريع استثمارية في مجال الطاقات المتجددة في المناطق الصناعية والتجارية تخفف الضغط والحمولة، مستفيدين من القروض المخصصة لهذا الغرض لتكون بديلاً عن خدمة الامتيازات الشخصية كالأمبير وغيرها، لعلّ المواطنين في كل المحافظات يحظون بليالٍ منيرة وخاصة في أيام الشتاء الباردة بدل حكرها على أصحاب الخطوط الذهبية المعفاة من التقنين وأهل المال… فلِمَ التأخير بإنشاء هذه المحطات المصغرة مادام ذلك ممكناً ومطلوباً وخاصة عند معرفة أن تكلفة المازوت المخصص للأمبير بحلب مثلاً يكفي لإنشائها وأكثر..؟!