تسويات وجراحات .. خيارات الدولة السورية للمعالجة
خيار التسوية الذي اعتمدته الدولة السورية، يمضي قدماً ويتسع أفقياً.
وهذه الخطوة، أي التسويات بمعناها الواسع، هي في بعدها الاستراتيجي البعيد، خطوة شجاعة وكبيرة، اعتمدتها الدولة السورية منذ سنوات أربع على أقل تقدير، في طريق معالجة كل مظاهر الخروج عن القانون، والتمهيد لإعادة الأمن، والانطلاق نحو الإعمار.
كما يمكن النظر إلى هذا التوجه من زاوية أخرى هي استكمال لمسيرة الانتصار والتطهير من الإرهاب، وطي أجندات ذهبت إلى غير رجعة.
في النظر إلى خيار التسوية، لم يغب عن التفكير أن بعض البؤر المتصلبة والموتورة، أو التي مازالت تراهن على الخارج، أو ترتبط في اللحظات الأخيرة وهي تنازع – تحتاج إلى جراحة بعد استنفاد كل وسائل التسكين والتهدئة، وهذا كان له أسلوب معالجة مختلف، ويمكن قراءة ما يجري بريف درعا في إطار هذه المقاربة الأمنية.
وبالعودة إلى خيار التسوية، منذ أيام تمّ افتتاح مركز للتسوية في مدينة السويداء، وقبله بأيام في حماة وريف إدلب وقبله أيضاً في حلب وريف دير الزور.
وفي جميع هذه المحطات، كانت العلامة الفارقة أنها تجري بحضور فعاليات أهلية واجتماعية كبيرة، ووسط إقبال عدد كبير من الراغبين، لطي الصفحة السابقة، والانخراط مجدداً في العمل والدفاع عن الوطن.
لقد شكلت مراسيم العفو الشاملة، التي أصدرها السيد الرئيس بشار الأسد، فرصة ثمينة وكريمة للآلاف من الذين غُرر بهم، أو الذين أخطؤوا، للعودة مجدداً إلى جادة الصواب، فالتسويات تشكل فرصة ثمينة لكل من غُرِّر به، ولم تتلطخ يداه بدم السوريين، للعودة إلى الوطن، كي يمارس دوره في إعادة الأمن إلى ربوعه، وكي يقوم بواجباته الوطنية تجاه بلده، الذي عاث الإرهاب في جسده فساداً وقتلاً وسرقات ممنهجة وفوضى هدامة.
لقد حيّد خيار التسوية العديد من المناطق عن دائرة التسخين، وجعلها منطقة آمنة، تنشد الاستقرار وعودة دورة الحياة إلى شرايينها، وهذا الفعل -التسووي- يقطع الطريق على منظومة العدوان والجماعات المرتبطة بها، بمعنى سحب البساط والذريعة، والزج بالجميع في خيار الوحدة بوطن سليم معافى موحد.
فأي حلقة تسوية، هي في الحقيقة رصاصة في وجه كل من يتربص بسورية، وخاصة كيان الاحتلال الإسرائيلي، ولاسيما عندما يتعلق الأمر بتسويات السويداء – درعا، حيث أربك الاستقرار هناك حساباته، وكبح جماح مخططاته.
وبالتوازي مع المضي في قطار التسوية، وتطلعه للوصول إلى محطات أخرى، تعمل الدولة السورية، عبر أجهزتها المختصة للقضاء على البؤر الارهابية بالتعاون مع مجموعات أهلية وبمساندة الجيش العربي السوري، وهذا ما يمكن الإشارة إليه في مدينة جاسم بريف درعا، حيث استمر إرهابيو تنظيم (داعش) باستهداف نقاط وتمركزات الجيش والمدنيين ما استلزم عملية أمنية لاجتثاثة.
هذه الجراحة السريعة والخاطفة أسفرت عن مقتل وجرح العديد من إرهابيي (داعش)، بينهم متزعمون، ولاتزال وحدات الجيش، اليوم وغداً، مستمرة في استصال ووأد بؤر الإرهاب، ولن تتهاون في هذا الخيار .
وكما قضت على المجاميع الإرهابية، في أضخم تمركزاته المدعومة من الخارج ، لن تجد غضاضة في الإجهاز على هذه الفلول ومخططاتها.