وزير ومحافظان وجّهوا بمعالجتها.. والبلدية “تزعم” أمراً بالتريث..! بناءٌ تحدّى القوانين وشُيِّد على أرض مستملكة لمحافظة دمشق في معضمية الشام

تشرين – إبراهيم غيبور:
أن يقوم مواطن بسيط بوضع بسطة بقصد الرزق على مساحة لا تتعدى نصف المتر على رصيف من دون رخصة، فهي جريمة تعدٍّ على أملاك عامة وتستحق أن تحضر لأجلها جميع الجهات المعنية بقمع هذا النوع من المخالفات، ليس هذا فقط، بل لكم أن تتخيلوا حجم الإجراءات العقابية التي ستتخذ بحق هذا المواطن وحجم التعاميم التي ستصدر لاحقاً لمنع مثل هذه المخالفات، أما أن يقوم أشخاص بتشييد أبنية طابقية مخالفة بجميع المقاييس وعلى مرأى ومسمع الجهة المسؤولة، فهو أمر أصبح عادياً ماداموا يمتلكون نفوذاً يحمي مخالفاتهم ويقيهم بلية أي مساءلة قانونية..!
فخلال الحرب على سورية، انتهز تجار البناء فرصة التوسع في تشييد الأبنية المخالفة بهدف تأجيرها أو بيعها بأسعار أقل من الأبنية النظامية، ولم تكن بعض مدن وبلدات ريف دمشق بمنأى عن هذا التوسع، بل شهدت تشييد أبنية طابقية فاقت كل التوقعات.
ورغم أن المرسوم /40/ لعام 2012 صدر ليضع حداً لمخالفات البناء، بل ومنح صلاحيات واسعة لمجالس المدن والبلديات والدوائر الخدمية بهدم أي بناء مخالف يُشيَد بعد صدوره، إلّا أن بعض البلديات وقفت تتفرج على إنشاء بعض الأبنية، وكأن المرسوم المذكور لا يعنيها، وهنا تبدأ قصة البناء الطابقي الذي شُيِّد في الحي الشمالي بمدينة معضمية الشام في ريف دمشق تحت أنظار ورعاية بلديتها التي لم تحرك ساكناً منذ أن بدأ أصحابه بتنفيذ أولى خطوات البناء عام 2021، وعلى أرض مستملكة لصالح محافظة دمشق، أي بعد 10 سنوات من صدور المرسوم /40/ إلى أن أصبح جاهزاً اليوم على الهيكل وعلى مرأى جميع الجهات المسؤولة عن تنفيذ المرسوم المذكور.
ذلك البناء ربما كغيره من الأبنية المخالفة التي لا نعلم بوجودها في المدينة نفسها، فقد تحدى الأنظمة والقوانين والجهات المسؤولة في جميع مراحل إنجازه، بل وقام أصحابه ببيع عدد من الشقق فيه بأسعار أقل من أسعار الشقق النظامية، في وقت تقوم به محافظتا دمشق وريفها بشن حملة واسعة على مخالفات البناء المشيدة في العديد من المناطق رغبة منها في تنفيذ أحكام المرسوم /40/ والتشدد بتطبيقه بهدف وضع حدٍّ لكل من يفكر في تشييد أي بناء مخالف.
والسؤال الذي يطرح نفسه: كيف سمحت بلدية معضمية الشام بتشييد هذا البناء ولمصلحة من؟ ولماذا لم تحرك ساكناً حتى هذه اللحظة؟، رغم أن تعليمات صدرت من وزير الإدارة المحلية المهندس حسين مخلوف بموجب الكتاب /70659/ والموجه إلى محافظتي دمشق وريفها بفرض عقوبة الحسم من الأجر والإبعاد عن العمل بحق رئيس المكتب الفني في بلدية المعضمية /س . شاهين/ ومعالجة المخالفة المذكورة وفق أحكام المرسوم /40/ لعام 2012 أي بهدمها باعتبار أن المرسوم /40/ أجاز تسوية بعض مخالفات البناء قبل وبعد صدوره وفق شروط وضوابط باستثناء المخالفات المشيدة على أملاك عامة أو التي تتجاوز الأملاك العامة أو تكون وجيبة مشتركة.
«تشرين» التقت رئيس بلدية معضمية الشام بسام سعدة، الذي قال إن هناك الكثير من مخالفات البناء في الحيين الشمالي والشرقي من المدينة، وعندما سألته عن المخالفة المذكورة، أكد أن البلدية نظمت ضبطاً وأحالته إلى محافظة دمشق بينت فيه أن المدعو «ي . الحسين» يقوم بتشييد مخالفة على أرض مستملكة لصالح محافظة دمشق، وقد أحيل موضوع المخالفة إلى الرقابة لتتسلم البلدية بعدها كتاباً من المحافظة يوم الأربعاء تاريخ 28/9/2022 تطلب فيه معالجة المخالفة وفقاً لأحكام المرسوم /40/، وعلى حدّ قوله عندما تحركت البلدية للإزالة وردها أمر بالتريث، ولكن الكتب التي حصلت عليها «تشرين» بعد أمر التريث المزعوم، ومنها كتاب محافظة ريف دمشق إلى قيادة شرطة المحافظة رقم /4074/أ.م تاريخ 4/10/2022 لا يدع مجالاً لأي تريث، إذ تؤكد فيه ضرورة تكليف مدير منطقة داريا بالتشدد في مراقبة المنطقة المستملكة لصالح محافظة دمشق في مدينة معضمية الشام، وعدم السماح بتشييد أي أعمال مخالفة واتخاذ كل الإجراءات اللازمة أصولاً وفق أحكام المرسوم /40/ وتعليماته التنفيذية، وإعلام المحافظة بالإجراءات المتخذة بشكل دوري ويومي، بالإضافة إلى كتاب آخر لمنع دخول أي آلية تنقل إحضارات إلى داخل مدينة المعضمية تحمل إحضارات بناء مهما كان نوعها وتحت طائلة حجز الآلية واتخاذ الإجراءات اللازمة بحق المخالفين.
ولدى سؤال رئيس البلدية عن عدم اتخاذ أي إجراء منذ أن بدأ المدعو «الحسين» بتشييد البناء، قال: ليس من صلاحيات البلدية إزالة أي مخالفة مشيّدة على أرض مستملكة لصالح محافظة دمشق والتي على حدّ قوله لم تحرك ساكناً منذ تنظيم الضبط إلى أن اكتمل البناء وتم بيع عدد من الشقق فيه والتي لم تُشغل حتى الآن.

وتبقى الإشارة إلى أن هذه المخالفة جابت جميع المديريات والدوائر في محافظتي دمشق وريفها وما زال الأخذ والرد فيها سيدا الموقف، وكذلك الأمر الصادر بمعالجتها وفق المرسوم /40/ من وزير الإدارة المحلية ومحافظي دمشق وريفها ما زال معلقاً، فمن المستفيد من بقاء هذه المخالفة شامخة ومتحدية جميع الأنظمة والقوانين، وهل بقاؤها يشجع على مخالفات أخرى..؟

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار