خريجو الصيدلة أزمة متعددة الأوجه..!! تخمة في الأعداد.. ونقص كبير في الكوادر التدريسية
تشرين- غيداء حسن
تخرِّج كليات الصيدلة المئات من طلابها سنوياً, منهم من يتوجهون إلى معامل الأدوية الخاصة أو يعملون موزعي أدوية، وبعضهم يكون السفر للخارج وجهته, و ربما تسعف الظروف القلة منهم لافتتاح صيدليات, في حين تعاني جامعاتنا نقصاً في أعداد كوادرها التدريسية و الحاجة ماسة لرفدها بأعداد إضافية, ولاسيما أن تلك الكوادر تدرّس في الجامعات الحكومية والخاصة طلباً لتحسين الوضع المعيشي، فأين دراسة حاجة سوق العمل, وما واقع الدراسات العليا في هذا الاختصاص؟
تخمة في عدد الصيادلة
تؤكد عميد كلية الصيدلة في جامعة دمشق الدكتورة لمى يوسف لـ” تشرين” أنه كلما زاد عدد الطلاب المقبولين، ستزداد الحاجة إلى أساتذة، والمشكلة أساساً في العدد, إذ وصل السوق إلى مرحلة التخمة في الصيادلة ولولا الأزمة وهجرة الصيادلة نظراً لقلة فرص العمل لكانت الأزمة ربما أكبر ، ومعالجة الأمر لا تكون بزيادة عدد الأساتذة فقط رغم أن ذلك حاجة, إذ إن بناء القدرات واحدة من المهام الرئيسة الملقاة على عاتق جامعاتنا الحكومية وكلية الصيدلة بوصفها الكلية الأم، و من الكليات القليلة في القطر التي لديها برامج دراسات عليا , إذ لديها مروحة واسعة من الماجستيرات والدكتوراه , لكن زيادة عدد المقبولين تسهم في مفاقمة الأزمة, ففي هذا العام تم تخريج أكبر دفعة في جامعة دمشق بكل تاريخها وهم حوالي 1500 خريج, ناهيك بجامعات (حلب – تشرين – البعث – طرطوس), فكلها تخرج صيادلة و السوق أصبح متخماً, وكذلك الجامعات الخاصة كلها رُخّص لها افتتاح برامج الإجازة في الصيدلة, إذاً الأزمة متعددة الأوجه, ولكن يجب تشريحها لمعرفة مكمن المشكلة .
قياس الجودة
ولفتت إلى أننا نشهد ولادة الهيئة الوطنية للجودة والاعتمادية, هذه الهيئة ستضع معايير وعناصر لقياس الجودة في الجامعات لاعتماد هذه الجامعات وبرامجها وكلياتها, أحد هذه المعايير نسبة أستاذ إلى طالب ولرفع هذه النسبة ليتناسب عدد الأساتذة مع عدد الطلاب, فنحن أمام أمرين: إما زيادة عدد الأساتذة، وإما تقليل عدد الطلاب أو الاثنان معاً, وهناك مشكلة نؤججها بأن طريقة الحل فيها اجتزاء, يعني نحن بحاجة إلى عدد أكبر من الأساتذة لأن الحاجة أكبر بالجامعات, فهل نحن بحاجة لكل هذه الجامعات والبرامج وكل هذه الأعداد من الطلاب؟، ولاسيما في ظل الظروف الراهنة, حيث تناقص أعداد الأساتذة بسبب السفر خارج القطر والتقاعد والوفاة ؟.
شمولية النظرة
وترى أن الفكرة ليست زيادة أعداد حملة الدكتوراه لملاقاة الطلب المتزايد على دراسة الصيدلة وكأن سوق العمل لا علاقة له بالموضوع, فالنظرة يجب أن تكون شمولية, وتُحل المشكلة بكل أجزائها, فلدينا أعداد خريجين كبيرة جداً, و على النقيض نجد في الطب البشري نقصاً شديداً بسبب الهجرة, لذلك فإنه يجب الأخذ في الحسبان مكان الإغراق والنقص, وأن يلحظ الفرز بعد السنة التحضيرية أين حاجة السوق بشكل أكبر.
اختيار الأفضل
وعما يقال بأن كلية الصيدلة لا تقبل طلاباً للدكتوراه, أشارت عميد الكلية إلى أن المسجلين بالكلية حالياً 54 طالب دكتوراه, وأعداد المتقدمين مؤخراً للتسجيل 40 وفي هذه السنة سيتم قبول أعداد أخرى وهي مسؤولية تقوم بها الكلية على أحسن وجه, لكن مقابل 54 طالب دكتوراه يوجد 43 عضو هيئة تدريسية, لا يحق الإشراف على الدكتوراه إلّا لعدد منهم, أضف لذلك أن هناك أعداداً مضاعفة من طلاب الماجستير, إضافة إلى طلاب المرحلة الجامعية الأولى وكلها على عاتق الأساتذة, ولا تزال الكلية تقبل ولكن تشترط للقبول بالدكتوراه اختيار الأفضل لأن هذه مسؤولية كبرى تجاه الوطن والأجيال, فإذا لم يتم الانتقاء في ظل غياب الإيفادات نحو الخارج بسبب الحصار وعدم عودة بعض المعيدين فعلى عاتق الكلية تلقى هذه المسؤولية الكبيرة, لذلك يجب الأخذ في الحسبان مواصفات المقبول بدرجة الدكتوراه .
معامل الأدوية
عن الخريجين العاملين في معامل الأدوية تقول عميد الكلية : نسبة صيادلتنا فيها ضئيلة جداً, لكن لدينا أعداد كبيرة وهم موزعون وهذه واحدة من المهن بأن يكون ممثلاً أو مندوباً لشركات الأدوية, فهم على الأغلب طلاب دراسات ويسيّرون أكثر من أمر ولكن يتخذون هذا العمل لاضطرارهم, ولكن بعد التخرج لهم مواقعهم العلمية في هذه الشركات، مضيفة: يفترض بنا السعي باختصاص الصيدلة السريرية أو صيدلة المشافي, أي وجود صيادلة سريريين, مهمتهم وضع الخطة العلاجية الدوائية بالتعاون مع الأطباء . لدينا برنامج يخرج ماجستيرات إلّا أن هذا العدد قليل جداً لتلبية احتياجات البلد ونفكر بشهادة دكتور في الصيدلة (صيدلاني سريري ) ولكن غير كافٍ أن نفتتح ككلية برنامجاً كهذا, إذ يجب على كل الجهات الوصائية ذات الصلة أن تتبنى فلسفة جديدة بخلق كادر متخصص بالمعالجة الدوائية ليس بوضع الخطة العلاجية فقط بل بالإشراف عليها لتحقيق الأهداف.
أعداد المسجلين
عن الطلاب المسجلين للدكتوراه في الكلية حالياً تقول د. يوسف: عددهم 54، وعدد الذين ناقشوا في 2021-2022 ستة، و قيد التسجيل في الدكتوراه الآن أربعة, ومقترح خلال العام الدراسي 2022-2023 قبول 36 طالباً في درجة الدكتوراه, و أعضاء الهيئة التدريسية الذين يحق لهم الإشراف على الدكتوراه 29 فقط .
أما عدد طلاب الماجستير في مرحلة الرسالة (أنهوا المقررات) 160 طالباً و 55 بمرحلة المقررات, سيتحولون أوتوماتيكياً إلى تسجيل الرسالة, موضحة: يجب رفد كلية الصيدلة بهؤلاء الطلاب, فكلهم يذهبون إلى القطاع الخاص, وسبق أن اقترحنا أن يلتزم كل طالب دكتوراه يوماً في الأسبوع بعد حصوله على الدكتوراه بالتدريس أو بالقيام بواجباته تجاه جامعته الأم, وهو حرّ بأن يتعاقد مع الجامعة الخاصة التي يريد .
الحاجة لأعضاء هيئة تدريسية
جامعة دمشق بحاجة ماسة لأعضاء هيئة تدريسية، حسبما تؤكده د. يوسف، وهناك استنكاف, فالخريجون الثلاثة الأوائل استنكفوا عن مسابقة المعيدين، ولدينا معيدون في الخارج لم يعودوا، و تقاعد ووفيات والكلية متجهة نحو الهرم, فالعناصر الشابة قليلة جداً مقارنة مع الأعمار التي تكبر, لذلك يجب إيجاد حلٍّ لاستقطاب هؤلاء أو إيجاد صيغة, ونحن قادمون على هيئة جودة واعتمادية أهم شيء فيها نسبة الطالب لأستاذ و النسبة المطالبة بها الجامعات الخاصة على الورق كانت 1 إلى 20 أي أستاذ لكل عشرين طالباً, لكن بسبب الأزمة أصبح بعض التيسير للأمور فصارت النسبة 1 إلى 35 في الجامعات الخاصة, وفي جامعة دمشق من دون احتساب طلاب الدراسات العليا واحد إلى 158 وعلى عاتق الأستاذ تدريس المرحلة الجامعية الأولى والإشراف على طلاب الماجستير وتدريسهم والإشراف على الدكتوراه, وهناك عدد من الأساتذة يدرّسون في برنامج (علوم طبية حيوية) ولديهم تدريس خارج الكلية ليستطيعوا الاستمرار. وترى أن ما يشاع عن الكلية بأن عدد الدراسات قليل فيها فهو غير دقيق والعدد المسجل يثبت ذلك , على الرغم من عدم وجود تجهيزات كافية.
مراعاةً للاحتياجات
يقول معاون وزير التعليم العالي الدكتور عبد اللطيف هنانو: نراعي احتياجات سوق العمل بالفرز أو الخريجين أو بالقبول الجامعي, ومثال على ذلك رفعنا عدد المقبولين في الهندسة المعلوماتية أو المعهد التقاني للحاسوب وغيره, لأننا بحاجة ماسة إلى الخبرة بالمعلوماتية والبرمجة والشبكات لسوق العمل, وفي السنة التحضيرية يتم فرز الطلاب حسب الاحتياجات, ففي العام الحالي ستذهب النسبة الأكبر إلى الطب البشري, نظراً للحاجة الماسّة لهم وستغطي 46 % من عدد الطلاب, وهناك مرسوم الالتزام شجع الطلاب باتجاه الطب البشري لناحية الالتزام وإعطائهم فرصاً كبيرة, يلي الطب البشري في الفرز طب الأسنان والعدد الأقل للصيدلة.
مفاضلة الجامعات الخاصة
وعن مفاضلة الجامعات الخاصة، أشار إلى أن الوزارة أصبحت تنظم مفاضلة هذه الكليات من باب الحرص على تكافؤ الفرص بين الطلاب, ففي الأعوام السابقة شاب آلية المفاضلة في بعض الجامعات الخاصة بعض الثغرات لذلك أخذت الوزارة على عاتقها تنظيم المفاضلة في الجامعات الخاصة للكليات الطبية فقط, والإشراف على بقية المفاضلة للاختصاصات الأخرى.