برج صافيتا الثاني الشاعرُ واللغوي عيسى حبيب صاحبُ موسوعة اللغة العربية ذات الـ(١٢) جزءاً

تشرين-رفاه حبيب:
لُقِّبَ ببرج صافيتا الثاني، فقد كان أيقونةً زينت صدر تاريخنا الأدبي بتفانيه وإخلاصه، فقد أغنى الشاعر واللغوي عيسى حبيب (١٩٣٩- ٢٠٢١) الموسوعة الفكرية بتأليفه موسوعة نحوية ضمّت اثني عشر جزءاً، وقد أصبحت الدليل لكلِّ عشاق اللغة العربية ومرجعاً لرواد المعرفة.
درس الشاعر عيسى حبيب في مدارس صافيتا، ثم تابع تحصيله العلمي في جامعة دمشق عام 1963 وتخرج فيها حاملاً إجازة في اللغة العربية، ثم عمل مُدَرِّساً للغة العربية في سورية والكويت إلى أن أُحيل على المعاش سنة 1999.. كما كان عضواً في لجنة اللغة العربية في المجلس الأعلى لرعاية الفنون والآداب في دمشق، وعضواً في لجنة تأليف الكتب المدرسية في اللغة العربية.
بدأ الشاعر حبيب بكتابة الشعر الموزون عام 1955 وقد نشر شعره في المجلات والصحف السورية والكويتية وله ديوانا شعر (الآتي من الزمن الآخر)، و(عائد إلى الزمن).. فاز بعدة جوائز أدبية في سورية، وقد تميز بشخصيته المرحة القريبة من الجميع، فهو الإنسان الريفي الذي عاش وترعرع في ربوع قريته الجميلة التي منحته جمال الشخصية والروح ودماثة الخلق.
كما لم يكتف بحمل القيم والمثل العليا التي تربى عليها بل نقلها إلى طلابه ومحبيه، لم تغادره قريته بالرغم من سكنه في المدينة، إذ بقيت (بعمرة) في روحه وعقله وترجم تلك المحبة وذلك الإخلاص في تبنيه لمهرجانها السنوي (مهرجان السنابل) الذي حرص كل الحرص على وجوده الدائم فيه سنوياً.
يقول الشاعر في كتابه (الآتي من الزمن الآخر): الشعر لايحتاج إلى مقدمة، إلا أن تكون قبساً من ضوء أو مثل مفتاح، والشعر إيقاع الحياة في شرفة المستقبل، ومن كتاباته أيضاً :
أنا شحّاذٌ من مملكة الشحاذين
وأبي في المجلس يدعى (الشحاذ)
وغداً سَيُجَنَّسُ أبنائي شحاذين
هل يعرف مُترَف هذا العصر لماذا؟
ويقول أيضاً:
يفيقُ بنيسانَ نهرُ الحنين
وتنهضُ كلُّ جراح السنين
لجرحي بعينيكِ
لو تذكرين

توفي الشاعر العام الماضي تاركاً خلفه إرثاً ثقافياً وذكرى عطرة لاتُمحى أبداً.. كَتبَ في رثائه عدد من الشعراء والكُتّاب منهم الشاعر عبد اللطيف محرز الذي رثاه قائلاً :
أنت في قلبنا شعورٌ ربيعي
قصيد على فم العندليب
أنت في فكرنا شروق مشع
والشمس تحيا به من غروب
أبداً لا يموت من عاش للناس
دليلاً لكل رأي مصيب
كما رثاه الشاعر الدكتور منذر عمران الزاوي قائلاً:
أسرَجَ الحزن بين جنبيَّ ناراً
ثم أرسى على الفؤاد جداراً
ومرى خطبه سحائب شعري
فهمى دمعة وناح كناراً
كان شاعرنا الراحل مولعاً باللغة العربية لدرجة أنه كان يتكلم الفصحى أينما ذهب وفي كل المحافل واللقاءات ، وكان له الدور الكبير في تأسيس المنتدى الثقافي في صافيتا الذي بقي وفياً له حتى وفاته.
رحم الله شاعراً عرف قيمة الحرف فمجده وكان زاده الوحيد في الدنيا.. ونذكر أن الشاعر ولد في قرية بعمرة- قضاء صافيتا سنة 1939 في أسرة بسيطة فقيرة كأغلبية الأسر السورية آنذاك، كان والده شيخاً جليلاً تربى على يديه وحفظ القرآن منه.
وأخيراً: عندما نتحدث عن عيسى حبيب نستذكر الإنسان الخلوق المتواضع المحبوب من قبل الجميع.
صاحب الوجه البشوش السمح والمُعلم القدوة والباحث اللغوي المشهود بحبه للغة العربية وتمكّنه منها.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار