فيلم “قَسم سيرياكوس”.. لن يكون القصة الأخيرة من كتاب الدفاع عن سورية وحضارتها
تشرين-سناء هاشم:
وصل عدد الجوائز التي حصدها الفيلم الوثائقي “قَسم سيرياكوس” (The Oath of Cyriac) إلى 17 جائزة في كبرى المهرجانات العالمية.. ويحكي هذا الفيلم الوثائقي -إخراج الفرنسي أوليفييه بورجوا- عن عملية لإنقاذ آلاف القطع الأثرية السورية ونقلها خلال الحرب، وهو مأخوذ عن قصّة حقيقية لأبطال سوريين دافعوا عن هويتنا وذاكرتنا من التخريب والنسيان، ممن يشبهون أبطال الحكايات الشعبية الذين نجحوا في تحقيق عهدهم لوطنهم وللإنسانية جمعاء.
المخرج بورجوا وصف الفيلم بأنه عبارة عن “قصّة أناس عاديين يقومون بشيء غير عادي، وهو إنقاذ ( 50 ) ألف قطعة تمثلنا جميعا، ليس فقط تاريخ سورية، وإنما تاريخ العالم بأسره”.. وأردف قائلا: “إنهم بالفعل أناس عاديون ولكنهم يحتفظون بشغف عظيم بالآثار السورية ممتزجة بحسن عالٍ بالمسؤولية والوفاء للتراث والاحترافية والمعرفة بالتاريخ”.
يقول أبطال متحف حلب الوطني: “كنا نعيش شعور ذاكرة صعبة، ذاكرة مأساوية، كأنك تطلب من شخص أن يروي حكاية من حكايات لا تريد أن ترويها لأنك عشت المأساة في تلك الفترة”.
الجدير بالذكر أن الفيلم الذي احتضنته قلعة دمشق، نال اهتمام الجمهور من مختلف فئات المجتمع، إذ قدّم المخرج الفرنسي فيلمه الوثائقي الدرامي عن متحف حلب بعنوان “قَسَم سيرياكوس”، ويجسد إنتاجها ثمرة التعاون بين المديرية العامة للآثار والمتاحف في وزارة الثقافة و”الأمانة السورية للتنمية”.
وفي التفاصيل يتحدث الفيلم عن تكاتف مجموعة صغيرة من علماء الآثار والقائمين على المتحف، مع تصاعد وتيرة الحرب الإرهابية على مدينة حلب عام 2015، وذلك بهدف الحفاظ على المجموعات الأثرية التي وصل عددها لنحو (50) ألف قطعة أثرية، من مقتنيات “متحف حلب الوطني”.. لقد تحدى هؤلاء الأبطال نيران الحرب الشرسة التي شنت على المدينة، ليبقوا أياماً بلياليها على أرض المتحف، في سبيل إتمام مهمتهم الإنسانية من دون كهرباء أو ماء، فعملوا بكل جهد وأمانة على إخفاء التماثيل الأثرية والمقتنيات الثمينة، للحفاظ عليها من أن تصل إلى يد الإرهابيين ولينجحوا في النهاية في إنقاذ محتويات المتحف ومقتنياته ونقلها إلى دمشق وأيضاً في أعمال ترميم أقسام المتحف جراء ما طاله من تدمير.. من دون مبالغة، كان “متحف حلب” وموظفوه والقائمون عليه، مثالاً حياً لصمود السوريين بوجه أعتى وأشرس الحروب الإرهابية، خاصة أنه يمثل ذاكرة إنسانية وثقافية وقيمة أثرية وتراثية مهمة ليكون شاهداً على تطور الثقافات والحضارات السورية على مر العصور من آرامية وآشورية وكلدانية وفينيقية ليشكل أيقونة تذكرنا بالماضي الموغل في القدم، إضافة إلى أنه من الأهم على مستوى العالم لما يحتويه من لقى يعود بعضها إلى ما قبل الميلاد.
ومن الجدير ذكره، أن المخرج الفرنسي بورجوا وعد أن ينشر الفيلم في كل أنحاء العالم ليمجد قصة الآثاريين السوريين الذي أَوفوا عهد الحفاظ على تراث سورية بصمودهم.. وبذلك، يسطر الفيلم قصة أخرى عن الصمود والنجاح في التصدي للارهاب الذي استهدف كل ما هو حقيقي وثمين في سورية، ولكنها بالتأكيد لن تكون القصة الأخيرة من كتاب الدفاع عن سورية والحفاظ على موروثها الحضاري.