منتج سوري بميزات جاذبة.. نباتات الزينة عائدات مجزية تنتظر بوّابات التصدير الجديدة
تشرين – رشا عيسى:
بانتظار قطف ثمار الانتعاش الأخير الذي أحاط بزراعة نباتات الزينة الوطنية بعد فترة انتكاسات متكررة، يمضي القائمون على هذه الزراعات من مشاتل متخصصة وباحثين ومهندسين زراعيين وشغوفين بالورد إلى استغلال الورقة الأساسية الرابحة في هذه الزراعة وكذلك المجانية وهي الميزة الطبيعية المختصرة بالمناخ المعتدل ما يوفر إنتاجاً على مدار العام، فضلاً عن جودة الورد السوري الذي يحتاج المزيد من الدعم اللوجستي من نقل وتصدير حتى يحقق العائدية الاقتصادية المطلوبة، باعتباره منتجاً تجارياً رابحاً ينعكس إيجاباً على ميزان المدفوعات.
عودة الانتعاش
بعد تعثر طويل بالإنتاج، يعود الانتعاش إلى مشاتل ورود الزينة التي يشكل بلدنا خزاناً طبيعياً مهماً لها بوجود مناخ طبيعي يلائم زراعته، وتوفيرها عدداً كبيراً من فرص العمل أملاً في أن يصيب الانتعاش التصدير الذي يقتصر حالياً على دول الجوار .
وتعد سورية بلداً منتجاً ومصدراً في الوقت ذاته، حيث تأخذ هذه الزراعات بالتطور في المحافظات الساحلية (اللاذقية وطرطوس)، بينما يتصدر ريف جبلة القائمة حيث يتجه العشرات لاعتماد هذا النوع من الزراعات في البيوت المحمية.
وتشكل ورود الزينة حيزاً مهماً من عمل مشاتل الورود، حيث بدأت بالاعتماد على زراعتها في البيوت المحمية وبعض المشاتل تستخدم تقنيات متطورة بالإنتاج والإكثار، بينما يعتمد البعض على البذور والعقل المستوردة .
عالم مربح
الباحثة الزراعية المهندسة آية محمد بسام قزيز تشرح لـ«تشرين» عن عالم أزهار نباتات الزينة، وتؤكد أن هذه الزراعة تشهد ازدهاراً ملحوظاً مدفوعة بوجود سوق محلي يستوعب هذه الزراعات و وجود خطوط تصدير إلى الدول المجاورة والخليج العربي .
الازدهار القائم يعني أنه قطاع مربح جداً للعاملين فيه لأسباب متعددة، أولها أن الإنتاج على مدار العام وهذه ورقة رابحة وخاصة إنتاج أزهار القطف وتحديداً الورد الجوري الذي يزرع في بيوت محمية، ويتم تجهيزها كأزهار قطف للتصدير بتكاليف إنتاج معقولة، إضافة إلى أنه يمكن من الشتلة الواحدة إكثار بحدود 50 شتلة ضمن ظروف البيت المحمي، وبحدود 500 شتلة للوردة في الزراعات المكشوفة، وبالتالي تعد التكاليف ضمن الحدود المنطقية مقارنة بالربح، والسبب الآخر أن الورد الجوري السوري مطلوب للتصدير الخارجي حيث وجهات التصدير (العراق والأردن ودول الخليج)، بينما لا تزال الدول الأوروبية خارج نطاق التصدير حالياً .
وتؤكد قزيز أن الأهمية الاقتصادية لهذه المنتجات كبيرة سواء نباتات الزينة أم أزهار القطف، وتعطي مثالاً عن الوردة الشامية، حيث يتم العمل على تكبير الشتلة وتعطي أفواج زهر وتقطف وتنزل إلى السوق وتباع كزهرة قطف أو كمادة غذائية بصناعة المربى واستخلاص ماء مقطر وماء الورد واستخلاص الزيوت.
كما تؤمن مصدر رزق للعاملين فيها، حيث أجرة العمال يومياً من ١٥٠٠٠ إلى٢٠٠٠٠ ليرة، وهم يخضعون لضغوط عمل كبيرة وظروف صعبة في البيوت المحمية التي يمتد العمل فيها لساعات طويلة، لذلك أجرة العمال في المشاتل تتجاوز أجرة العمال في أنواع أخرى من المهن والصناعات.
مخابر إكثار الأنسجة
الربحية الوفيرة يؤكدها صاحب أحد المشاتل في اللاذقية، حيث يلجأ إلى استيراد البذار من هولندا، وأيضاً العقل الجاهزة والمغلفة والمجمدة، ويتم إكثارها في مخابر إكثار الأنسجة، حيث من شتلة واحدة يتم إكثار 10 آلاف شتلة، وتقريباً تحول إلى مصدر إنتاج و يستورد مرة كل سنتين، موضحاً أن بضاعته معدة للتصدير باعتبار أنه يأتي بسلالات صافية ويغطي السوق المحلية ببعض الأنواع .
ويوضح العقبات التي تؤثر في الإنتاج ومنها ارتفاع التكاليف وقلة الموارد، ويعطي مثالاً عن صعوبة تأمين «التورب» اللازم للزراعة، فإما تورب مستورد وإما تورب غير معقم يحتاج التعقيم .
كما أن قلة الموارد مرتبطة بالحصار الجائر والعقوبات على بلدنا، حيث نفتقد معامل لإنتاج المواد الأولية من تورب وبذور، أما البذور الأجنبية فيحتاج استيرادها إلى تكاليف مالية عالية، والشركات التي تستورد حالياً يقتصر استيرادها على بعض الأنواع تجنباً للمخاطرة، إضافة إلى أن البيت المحمي يحتاج تخديماً دقيقاً من تدفئة وتهوية ومراعاة ظروف البرودة والرطوبة، وهذه عقبات تواجه صاحب البيت المحمي ضمن ظروف أزمة المحروقات التي تخيم على بلدنا.
وهذه الأسباب توافق عليها الباحثة قزيز من دون أن تنفي أن بعض المشاتل إنتاجها بالكامل خاص للتصدير ولا تدخل من إنتاجها إلى السوق المحلية إلا نسباً قليلة ، ما يعني ربحية مضاعفة بـ 7ملايين تكلفة تجهيز البيت المحمي الواحد.
وعن تكاليف إنشاء البيت المحمي الواحد تشرح قزيز أن كل بيت يحتاج (نايلون) بقيمة مليون ونصف مليون ليرة، وحديداً بما قيمته 4 ملايين والحديث عن الحديد المستعمل وليس الجديد، وشبك بحدود مليون ليرة، و شبكه ري وتجهيز أرض حوالي مليوني ليرة، إضافة إلى أسعار التراب والحصى البركاني والغراس، ورغم التكاليف العالية للإنشاء والتجهيز إلا أن الربحية عالية.
وتستذكر قزيز كيف أن الوردة الواحدة ضمن الموسم تم بيعها بحدود 10 آلاف ليرة.
المطالبة بدعم حكومي
وطالبت قزيز بتسهيلات حكومية للراغبين بالانخراط في مشروعات تخص أزهار القطف ونباتات الزينة بما يخفف تكاليف الإنتاج وأيضاً تأمين مازوت زراعي بكميات أكبر، ودعم عمليات النقل و التصدير.
أما عن وجود قروض لدعم هذا القطاع، فوصفت شروطها بالتعجيزية من حيث الكفلاء وإشارات الرهن .
دعم ميزان المدفوعات
الخبير الاقتصادي الدكتور معن ديوب تحدث عن أهمية وجود بنية تحتية متطورة لهذا القطاع الحيوي لأن عمليات النقل والتخزين بحاجة إلى تبريد و سرعة لوجستية كبيرة ليتم إنجاز هذا النشاط حيث تعد الورود منتجاً سريع الذبول لذلك يحتاج تحقيق شروط علمية مناسبة .
وأكد لـ« تشرين» أن مسألة الورود ليست مجرد وردة تمت زراعتها بل سلعة اقتصادية ستكون لها القدرة على الدخول إلى الأسواق والمنافسة باعتبارها سلعة مهمة جداً في مواسم الأعياد، وتصل الأرباح فيها إلى حد كبير بما ينعكس إيجاباً على ميزان المدفوعات، لذلك هي بحاجة إلى منظومة متكاملة لتحقيق الهدف الاقتصادي المرجو منها.
ووجد أن عمليات التصدير التي تجري حالياً تستهدف الدول المجاورة، أما على المستوى الدولي فله أساليب علمية خاصة بعمليات الزراعة والتوضيب والنقل بالدرجة الأولى .
وقال ديوب : إذا تمكنا من المضي إلى الأمام فهذا يأتي لنا بقطع أجنبي وهو مجال بحاجة إلى خبرة علمية وزراعية .
وتفيض الأسواق المحلية بأنواع الزهور الموجودة من ورد جوري أي أزهار قطف ونباتات زينة داخلية والوردة الشامية، القرنفل، الجيربيرا، الكريز أو زهرة الغريب، جبسوفيلا، أروكاريا، توليب.