“حبرٌ سرّي”.. رواية للأديبة ضحى أحمد توثق الحرب على سورية بلغة شعرية ساحرة
تشرين- ثناء عليان:
رواية “حبر سري” هي الرواية الثانية للكاتبة ضحى أحمد بعد رواية “ومضى” وست مجموعات قصصية، تضم الرواية خمسة فصول، توثق فيها الحرب على سورية وهي صادرة عن (دار أمل الجديدة للنشر والتوزيع) وتقع في 175 صفحة من القطع المتوسط، لهذه الرواية قدم رئيس فرع طرطوس لاتحاد الكتاب العرب الشاعر منذر عيسى قراءة نقدية بيّن فيها أن الكاتبة أحمد فتحت كعادتها في كل عمل لها باب القَص ِ بشكل لافت، وفاضت مشاعرها بإهداء مميز لروح والدها، إذ قالت “هو كالشعر، بل هو الشعر”.
ولفت صاحب “رايات سوداء لها شكل الفرح” إلى ما أكدته الكاتبة في مقدمة الرواية من أن العمل، هو تتبع لخطوات الحرب عبر شخوص متفاوتة البنى الفكرية، وانعكاس الحرب على مسار حياتهم، بمسار خوارزمي وتفرعات عديدة، لكن هناك جامع لها في النهاية، وهو ناتج عن طبيعة الحياة، وتشابك العلاقات في المجتمع، لتجيء الرواية وكأنها انعكاس لصورة كبيرة، هي المجتمع وظروفه، لتأخذ صوراً مصغرة.
والكاتبة –بحسب عيسى- أشارت في روايتها إلى انسياق الكثير من الشباب، وراء أفكار تكفيرية واتباعهم لأشخاص أضلوهم عن السبيل الصحيح، رغم ثقافة الشباب وجهل البعض ، بسبب تربية لم تقم على العقل وإنما على الاتباع، مستحضرة لسان بطلتها (رهام) التاريخ الدموي للمماليك وصراعات السلطة والنفوذ، ربما بمحاولة إسقاط ذلك على التغريبة السورية إلى مصر وغيرها من البلدان، ودموية الأحداث.
وبرأي صاحب “تحولات القلب” أن رواية (حبر سرّي)، كتبت في زمن سجلت فيها الكاتبة وقع أحداث مهمة بين أعوام (2017 و 2020م)، على شخوص يمثلون المجتمع السوري بطوائفه المتنوعة، وانعكاس الحرب السورية عليهم سواء في الداخل، أو من خلال هجرتهم إلى بلدان مختلفة.
وكانت بيئة الرواية الأساسية (حمص ودمشق)، كمدنٍ سورية وبلدان الهجرة (المانيا ، الهند، فرنسا ،مصر، إيطاليا) كبيئات جديدة، والمآسي التي تعرض لها أبطال الرواية رغم أنها حاولت، أن تظهر فيها التمازج بين أطياف المجتمع السوري قبل الحرب، ولكن سيطرة الفكر المضلل، ومخططات محكمة لتفكيك هذا المجتمع، وسرقة إرثه الحضاري، وقتل علمائه، وتدمير بنيته التحتية، وعدم وقوف الدول العربية مع هذا البلد، لا بل التآمر عليه وإرسال الأسلحة والمقاتلين إلى أرضه، وافتاء شيوخ الفتنة بالجهاد على عرضه.
ولم تغفل الكاتبة كما يذكر صاحب “عابر إلى ضفة أخرى” جائحة الكورونا في العام 2020م وتأثيرها على العالم وفشل الأنظمة العالمية والدول في التصدي لها.
تميزت الرواية بحسب صاحب “لا توقظوها …حالمة” بسرد ممتع وجميل غلب عليه طابع الحوار الداخلي والبوح، بعرض دقيق للحالة النفسية للأبطال، معتمدة على طريقة نقل المشاعر، والمواجهة مع الذات، وهو طابع عام للرواية، يؤكد تمكن الكاتبة من علم النفس، وهذا ما يسجل لها، لافتاً إلى أن (ضحى احمد) متمكنة من لغتها إذ تبدأ أعمالها بالشعر، وتكتب بلغة شعرية ساحرة، معطية للسرد طابعاً مغايراً للحكاية، وتعطي للغتها إمكانية التحليق بخيال القارئ إلى آفاق وسموات بعيدة، دون اغفال الحدث وأرضيته، واستطاعت من خلال اطلاعها الواسع على قضايا علمية أن توظفها من خلال تصديها لواقعة إصابة إحدى بطلات الرواية بالكورونا، وكذلك الإجراءات التي حصلت عالمياً.
ويسجل على الرواية –يضيف عيسى- الإطالة في شرح، وتوصيف المعالم الأثرية والحضارية المصرية خلال حضور مؤتمر طبي لإحدى شخوص الرواية، وذلك على مدى يتجاوز ستة عشر صفحة، مما شكّل قطعاً في بذخ السرد في البداية، وتمنى أن لا تدخل تلك الصفحات، في سياق الرواية إلاّ كإشارات، مدعمه لأحداث الرواية ، أو لاستدعاء قضايا هامة.