سابقة خطرة… 2000 شركة عاملة ومنتجة على حافّة الإلغاء.. و«التجارة الداخلية» تعالج لكن ببطء..!!
تشرين – محمد زكريا:
يكتنف ملف الشركات المهددة بإلغاء تراخيصها والمقدر عددها بالآلاف، الكثير من التجاذبات والآراء المختلفة حول مصير تلك الشركات، ولاسيما أن أغلبيتها من الشركات العاملة والمنتجة والرافدة للسوق المحلية بكثير من المنتجات والسلع، وحسب التقارير الصادرة عن وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك فإن المبررات لهذا الإلغاء هي عدم تسديد هذه الشركات لبقية رأسمالها التأسيسي ضمن المدة القانونية التي حددها قانون الشركات، وبالتأكيد إن وقع الإلغاء- لا قدر الله- فإن الآثار السلبية ستظهر على النشاط الاقتصادي إلى جانب توقف عجلة الإنتاج في تلك الشركات، وبالتالي تقع السوق المحلية في فوضى نحن في غنى عنها.
وللمفارقة “مكان” في هذا الملف حيث أن رأس المال التأسيسي هو اسمي فقط، يتم إيداعه في حساب الشركة لدى أحد المصارف العامة أو الخاصة المعتمدة، وهو في الحقيقة لا يعبر عن حجم أعمالها ولا عن موجوداتها الفعلية التي تتجاوز بكثير رأسمالها الاسمي المودع في البنك.
قضاء المشروعية
وفي حيثيات الملف طلبت الوزارة المذكورة من مجلس الدولة الرأي القانوني لواقع هذه الشركات، وما الخيارات الممكنة لتجاوز هذه المشكلة، فجاء الرد عبر جلسة الجمعية العمومية لمجلس الدولة ذات الرقم 2270 من العام الحالي على وجوب الإلغاء، وهنا تشير الوثيقة الصادرة عن القسم الاستشاري للفتوى والتشريع في مجلس الدولة والتي حصلت «تشرين» على نسخة منها إلى وجوب إلغاء الترخيص وذلك بمقتضى أحكام الفقرة 2 من المادة 56 من المرسوم التشريعي رقم 29 لعام 2011 المتضمن قانون الشركات وبالتالي وجوب إلغاء قرار ترخيص الشركات المخالفة لأحكام النص القانوني لجهة عدم دفع بقية قيمة الحصص النقدية لرأسمالها التأسيسي خلال عام واحد من تاريخ صدور القرار الوزاري بتصديق النظام الأساسي للشركة، ونوهت الوثيقة أنه بإمكان الوزارة أن تقترح للجهات الوصائية استصدار أو إحداث صك تشريعي يقضي بتعديل المادة 56 من قانون الشركات واعتبار تسديد الحصص المتبقية على الشركات من رأسمالها التأسيسي ليس إلزامياً ضمن العام الواحد.
أستاذ في كلية الحقوق في جامعة دمشق أوضح أن مجلس الدولة تعامل مع هذه القضية بقضاء المشروعية أي تطبيق النص القانوني، وهو يحقق المصلحة العامة، ولكن هناك مصلحة عامة أكثر شدة.؟ وهنا لا يستطيع المشرع فعل شيء آخر، سوى تطبيق النص القانوني، مبيناً أهمية تطبيق قضاء الملاءمة في هذه الحالة والذي يأخذ في تداعيات القضية شريطة تحقيق المصلحة العامة الأكثر شدة.
آثار سلبية
أمين سر غرفة صناعة دمشق وريفها المهندس محمد أكرم الحلاق أشار إلى خطورة حلّ وإلغاء هذه الشركات وما سينجم عنه من آثار سلبية على النشاط الاقتصادي ككل وحركة السوق المحلية ولاسيما في ظل الظروف الراهنة، مشيراً إلى ضرورة أن تتم معالجة الموضوع من خلال إيجاد تسوية لتلك الشركات ولاسيما المنتجة منها، في حين بيّن مدير عام شركة مكي للصناعات الغذائية المهندس حسام مكي أن الظرف الراهن يتطلب دعم الشركات المنتجة والفعالة، وفي حقيقة الأمر هذه الشركات بنيت ضمن مشاريع صغيرة ومتوسطة وهي البوصلة الفعلية في دعم السوق المحلية، وإغلاقها في هذا الوقت يعني شللاً اقتصادياً بامتياز، موضحاً ضرورة التفريق بين الشركات المنتجة والفاعلة وبين الشركات الوهمية والمسجلة على الورق فقط.
مدير الشركات في وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك زين صافي بيّن أن عدد الشركات المهددة بإلغاء تراخيصها يصل إلى نحو 2000 شركة، وأن الإلغاء من شأنه أن يؤدي إلى حلّ عدد كبير من الشركات المحدودة المسؤولية والمساهمة، وهو سينعكس سلباً على النشاط الاقتصادي ودوران عجلة الإنتاج ولاسيما في ظل الرغبة في فتح مجالات الاستثمار وتأمين بيئة مناسبة لدخول الاستثمارات الجديدة وتشجيع القائم منها، موضحاً استمرار الوزارة خلال السنوات الماضية بإتاحة الفرصة وتقديم الدعم لشركات القطاع الخاص والعام لضمان عملها في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة وأغلب الشركات التي سيتم حلها بناء على رأي وفتوى مجلس الدولة هي في واقع الأمر تعمل ولديها عدد من العمال والنشاطات وعليها التزامات عديدة وحقوق، وتمتلك شخصية اعتبارية ممنوحة لها بموجب سجل تجاري حسب الأصول، وأنه استناداً للمادة 56 من قانون الشركات والتي تنص على منح الشركة سجلاً تجارياً إذا سددت 40% من كامل رأسمالها، وبالتالي تكتسب الشركة الشخصية الاعتبارية على أن يتم استكمال رأس المال المتبقي خلال سنة من تاريخ صدور القرار الوزاري بالتصديق على نظامها الأساسي.
وعد وزاري
وزير التجارة الداخلية وحماية المستهلك عمرو سالم وعد بمتابعة الملف من خلال عرضه على اللجنة الاقتصادية واستصدار توصية بهذا الخصوص تعطي مهلة جديدة لتلك الشركات وتسوية أوضاعها، لافتاً إلى أن الوزارة ليس لديها أي صلاحيات في منح الاستثناءات لتلك الشركات نظراً للعدد الكبير..
بالمحصلة لابدّ من الإسراع في معالجة هذا الملف من خلال تسوية تضمن تحقيق المصلحة العامة الأكثر شدة، مع ضمانة في استمرار هذه الشركات في الإنتاج وإلّا ستضاف مشكلة أخرى إلى مشكلات اقتصادنا الوطني.