سؤال لا شك أنه راود الكثير منا، الأسباب معروفة للجميع ، لن ندخل في تفاصيلها، لأن الحال كما يقال من بعضه.
قد يبدو الأمر مشروعاً، لاغرو في ذلك، مادام هذا الخيار قد يفتح أمامك باباً أوسع لمصدر عيش أفضل، أو مشروع خاص صغير .
اليوم، وبعد ما يقارب العقود الثلاثة، أتذكر بفرح عندما بدأت عملي. اعتبرت أن قراري صائبٌ من جرّاء الفرصة السانحة وطبيعة العمل. لكن الصورة الحلوة تبددت، أو تشوهت، الآن أتوجه إلى العمل في كل صباح وأشعر باللاجدوى، كثيرة هي الأسباب التي تقف خلف هذا الإحساس، في مقدمتها الراتب الهزيل ومعوقات العمل الكثيرة .
قد يمرّ على أيٍّ منا يومٌ مُجهد أو يومان، أو حتى أسبوعٌ بأكمله. أو حتى سنوات، حصل هذا سابقاً، وقد يتذمّر أحدنا من مديره أو من أحد زملائه في العمل، حصل كثيراً أيضاً، لكن أن نستمر في المعاناة من الإجهاد في العمل، ونظل نعمل ولا نتقاضى راتباً يكفي، هنا لابدّ من التفكير بالاستقالة.
صحيحٌ أن العمل، وخاصة العمل الصحفي ليس مريحاً، نفهم هذا ، وقد تعودنا عبر عقود وتعودت معنا أسرنا على هذا الأمر، لكن لا يمكن لعاقل الاستمرار بهذا ، إذا كان لا يتقاضى ما يعوضه ذلك القلق..!
إذا كان أحدنا يمضي الوقت الأكبر من يومه في العمل، ويبقى يفكر به، عند مغادرته مكتبه، ويقوم بأمور متعلقة بالعمل من المنزل ، معظم الوقت، كما هو واقعنا اليوم في العمل عن بعد ، فإن هذا يؤثر في حياتنا الشخصية وصحتنا، والطامة الكبرى عندما لا تشعر برضا عن عملك، وعن حياتك الشخصية معاً، قد يكون ذلك دافعاً قوياً للتفتيش عن عمل آخر غير إعلامي .
التوازن بين حياة الشخص الاجتماعية، وحياته المهنية ضرورة، وفي حال أمضى الموظف وقتاً أقل مع عائلته بسبب العمل، أو ليس بإمكانه الالتزام بتغطية الوقت المطلوب منه في عمله، عليه أن يستقيل ويبحث عن وظيفة أخرى.
واقع المؤسسات بات معروفاً أيضاً، تعمل بالحدود الدنيا، تقلص عدد فريق العمل لأسباب مختلفة، وبات كل واحد يقوم بعمل مجموعة من الأشخاص، من دون أي تعويض مالي على الوقت والمجهود الزائدَين ، هنا؛ لا مفر من التفكير بالاستقالة وتمضي قُدُماً.
ختاماً : الاستقالة حق كفلته القوانين، و نقدر في الوقت نفسه أنه خيار ليس مثالياً على المستوى الوطني، لكن الواقع الضاغط يفرض نفسه، وهذا لا يمكن تجاهله أو التقليل من قيمته، عندما يتعلق الأمر بسبل العيش، إلّا إذا كان في جعبة المعنيين ما يجعل تفكيرنا هذا محض فشة خلق مرة أخرى..