نواتج تنذر بخطر بيئي وشيك… «بؤرة» في طرطوس تعرّي قصور مجلس المدينة.. والمشهد يستحق جولة اطلاعية من جولات اللجان الوزارية
تشرين- ثناء عليان:
المنطقة الصناعية في طرطوس رافعة اقتصادية مهمة وبديلة عن أي مدينة صناعية، إلّا أنها تعاني باستمرار من نقص في الخدمات الضرورية ومن تراكم القمامة والردميات وعدم ترحيلها بشكل منظم، ما يؤدي إلى إغلاق جميع المصارف وخاصة في الشتاء مع نزول أول قطرة مطر، هذه المشكلات قديمة جديدة, وبالرغم من الشكاوى الكثيرة التي تقدم بها الحرفيون إلّا أن هذه الشكاوى لم تلقَ آذاناً مصغية عند المعنيين، والمعاناة تتكرر كل عام.
وفي جولة لـ “تشرين” للاطلاع على الواقع الخدمي في المنطقة الصناعية تحدث بعض الحرفيين عن معاناتهم الحقيقية من تراكم القمامة وتأثيرها على عملهم، إذ قالوا : تكاد القمامة تغلق شوارع رئيسة عدة في المنطقة الصناعية، وفي حال لم تتم المعالجة ونحن على أبواب فصل الشتاء ستغلق ما تبقى من المصارف المطرية والصحية التي بالكاد تعمل، والأشجار المتشابكة مع خطوط الكهرباء تتسبب بأعطال مستمرة، إضافة إلى أن الجزر الوسطية والدوارات مغطاة بالأعشاب التي تحجب الرؤية وتتسبب بحوادث سير نتيجة عدم تهذيبها وتقليمها.
وبيّن الحرفي بشار عبود أن “كمخة” معامل البلاط التي يتم ترحيلها بشكل عشوائي ترمى في أراضٍ متعددة، وهذا سيؤدي إلى تلوث بيئي لاحق نتيجة عدم تخصيص مكان من قبل مجلس المدينة لتجميعها رغم المطالبات المستمرة والوعود التي تبقى مكانها من دون تنفيذ.
إبراهيم اليازجي “ميكانيكي سيارات” لفت إلى أن الإنارة الليلية في المنطقة الصناعية متعطلة منذ سنوات وهذا فسح المجال للصوص لسرقة الكثير من المحال مستغلين الظلام للتستر به نتيجة عدم الإصلاحات المطلوبة من المعنيين.
وقائع محبطة
من جانبه أكد عضو مجلس اتحاد الحرفيين في طرطوس منذر رمضان على ما تحدث به الحرفيون وقال: هناك بعض “الريكارات” المحطمة التي تنتظر المعالجة وقد طال الانتظار، إضافة إلى الردميات التي تلقى في كل مكان من دون متابعة من المعنيين، حيث أصبحت بعض الشوارع من الجهة الشمالية مغلقة بالكامل بسبب الإشغالات غير المنظمة، وتأتي الردميات لتكمل على البقية، لافتاً إلى أنه تم العمل على تزفيت بعض الحفر في شوارع المنطقة الصناعية المتهالكة، ولكن لم يتم استكمال ما تم البدء به لأحد الشوارع المحاذية لمنطقة التوسع الغربي، والذي تم تفريغ بعض النقاط فيه منذ أشهر ولم يستكمل حتى تاريخه، أما المتروكات والخرداوات فحدّث ولا حرج .
وأشار رمضان إلى معاناة عدد كبير من مستخدمي الهاتف الأرضي في المنطقة الصناعية نتيجة أعطال هواتفهم، هناك من يدفع الفاتورة منذ سنوات ليحافظ على رقمه أملاً بمعالجة الأعطال، ولكن من دون جدوى رغم المراجعات الكثيرة، وتبقى الأعذار ذاتها، كنقص الإمكانات، وبالطبع عند تعطل الخطوط الأرضية تتوقف خدمة الإنترنت، وبعد فترة تسحب البوابة من المشترك وينتهي الأمر، ولا يلقى اعتراضه آذاناً مصغية لكونه مستثمراً وليس مالكاً, رغم أن التقصير ناتج عن عدم المعالجة من الجهة صاحبة الاستثمار.
وفيما يخص المياه ذكر رمضان أن هناك تسريباً كبيراً في أنابيب المياه التي تضخ في الخزان، ما يسبب هدراً كبيراً ونقصاً في المياه لعدد كبير من المقاسم، إضافة إلى تهديد السلامة لخزان المياه نتيجة الكميات الكبيرة التي تصب تحت أساساته وخاصة أن هناك تسلخات بيتونية في أعمدته، وقد تحول الحديد إلى صدأ نتيجة تكشّفه منذ سنوات، ما يستدعي من الجهات المعنية المعالجة الفورية حفاظاً على سلامته ومنعاً لهدر المياه من دون الاستفادة منها .
رسوم تحت الطلب وفوقه؟؟
ترحيل التراكم الحالي ومعالجته وإزالته تحتاج مدة شهر من العمل المستمر كحد أدنى – حسب رمضان – نتيجة عدم الترحيل بشكل منظم، بالرغم من تحصيل مبالغ طائلة من شاغلي المنطقة الصناعية كرسم خدمات، ورسوم تحسين متعددة وبأرقام مالية مرتفعة، وفرض رسوم كبيرة عند تغيير المهن والذي يجب أن يعاد النظر به ويجب إلغاؤه لكون هذا الرسم لا يوجد مسوّغ قانوني لفرضه، والمعني بتحصيله هي وزارة المالية وليست الوحدة الإدارية، ويأتي الرسم الذي يفرض على تعديلات وتحسينات نظام ضابطة البناء والذي ما زال مجلس مدينة طرطوس يحصّله كأمانات، ولا يحسم الرقم المالي بشكل نهائي إلّا بعد سنوات في أغلب الحالات وتكون القرارات قد عدّلت وأصبح الرقم المالي مضاعفاً وعلى الحرفي أن يدفع الفروقات، وهذا الأمر سبّب للمواطن قلقاً من مدفوعات إضافية، وهنا لا بدّ من السؤال: مادام هناك قانون بيوع حدد سعر المتر وهناك قرارات وقوانين مالية ذات صلة حددت كيفية تحصيل الرسوم، فلماذا يجب على المكلف دفع غرامات وفروقات نتيجة عدم تنفيذ البنود المنصوص عنها في هذه القرارات والقوانين أصولاً ؟ . وعن الإيجابيات الموجودة في المنطقة الصناعية يقول رمضان: بالتأكيد هناك إيجابيات بأماكن أخرى كإحداث مركز خدمة المواطن في المنطقة الصناعية بطرطوس الذي يقدم خدمات جيدة، ونأمل أن نرتقي بهذا التطور لتصبح المعاملات الإدارية مرتبطة في المركز فقط من دون الحاجة إلى مراجعة المكاتب الخلفية لأي سبب كان، وهناك كوة جباية مستقلة لتحصيل فواتير الكهرباء، وقد تمت المطالبة بأن تشمل هذه الكوة أيضاً الهاتف والمياه، حيث تم التوجيه بالمتابعة والتنفيذ من قبل المحافظ باجتماع رسمي مع جميع المعنيين منذ ما يقارب السنتين، إلّا أنه لا يوجد أي جديد بهذا الصدد, مع العلم بأن هذه الكوة ستخدم المنطقة الصناعية والقرى المجاورة بأكملها، والتي نأمل من المعنيين تنفيذها, مع التنويه بأن المكان والخدمات والبنى التحتية مؤمّنة ولا يحتاج تنفيذها سوى لموظف وكمبيوتر فقط . مضيفاً : نأمل من المعنيين التعاون للتوصل إلى إنهاء هذه المعاناة، ونحن مستعدون للمشاركة وتقديم العون للتنفيذ، ولدينا مقترحات حلّ تستند إلى أسس علمية وقانونية نأمل أن نجد الجديّة من الجميع، غايتنا أن نرتقي بكل المجالات وأن يقوم كل من هو بموقع المسؤولية بواجباته التي وجد لأجلها، وسيجدنا أول المتطوعين لدعم ما يحقق الخدمة للوطن والمواطن من تطوير وارتقاء بالخدمات والصناعات والحرف.
أعذار معلّبة وحجج جاهزة!!
المهندس أنس محفوض مدير المنطقة الصناعية في طرطوس بيّن أن المنطقة الصناعية لا تتمتع بالاستقلالية المادية والخدمية، وإنما تعامل من قبل المديرية الخدمية كأي حي من أحياء المدينة (النظافة- الحدائق- الصيانة)، لافتاً إلى أنه يوجد في المنطقة الصناعية ورشة دائمة من مديرية النظافة مكونة من جرّار و”بوبكات” وستة عمال مع مراقب لجمع وترحيل النفايات عن أنحاء المنطقة الصناعية إلى المكب الوسيط خلف معمل الفلين غرب المنطقة الصناعية، ويتم ترحيل المكب الوسيط بشكل دوري بـ”تركس” وقلّابات كبيرة من قبل مديرية الصيانة في المدينة إلى المكب النهائي في وادي الهدّة.
ولفت محفوض إلى أن المدينة تعمل بعد صدور القانون المالي 37 لعام 3033 وتحسن الإيرادات على زيادة دعم ورشة النظافة الدائمة بالعمال والآليات المساندة، إضافة إلى أنها تقوم بحملات شاملة تشترك فيها كل المديريات الخدمية من “النظافة- الحدائق- الصيانة- المبيدات”، ومديريات القطاع العام بغية المحافظة على نظافة وجمالية المنطقة الصناعية مع إمكانية إعداد إضبارة تنفيذية لتلزيم أعمال الترحيل من المكب الوسيط إلى وادي الهدّة حين توفر الاعتمادات اللازمة. مبيناً أن المدينة تقوم بإرسال دوريات مشتركة لتطبيق تعليمات القانون 49 لعام 2004، وذلك لتنظيم ضبوط بحق المخالفين لكونه يقع على منتج النفايات الصناعية ترحيلها, حيث تم تنظيم حوالي 36 ضبطاً من بداية العام و حتى تاريخه وحجز سيارتين، كما تقوم المدينة بحملات توعية لعدم خلط النفايات الصناعية مع النفايات المنزلية عن طريق ممثلي اتحاد الحرفيين وغرفة الصناعة والتجارة ولجنة إدارة المنطقة الصناعية، وتتم عن طريق هذه اللجنة وفق محاضرها مراسلة الجهات العامة الخدمية, كل حسب اختصاصه “كهرباء- هاتف- صرف صحي” للمعالجة، وسيقوم مجلس المدينة بإجراء حملة نظافة شاملة خلال الأسبوع القادم.
بدورنا نؤكد ومن خلال جولتنا الاطلاعية على المنطقة الصناعية أن الواقع الخدمي بشكل عام في تردٍّ رغم الوعود الكثيرة التي يتلقاها الحرفيون بأي اجتماع مع المعنيين إلّا أنها تبقى وعوداً، وعند التنفيذ يقتصر الأمر على العمل بشكل نسبي وتعود للبداية, ليتكرر الأمر مجدداً ويبدأ التراكم ويتوقف الترحيل، لذلك نأمل من المعنيين متابعة موضوع النظافة والاهتمام بالواقع الخدمي للمنطقة.