الشاعر العراقي عبد الغني الخليلي كيف مدحه الجواهري بقصيدة عصماء
د.رحيم هادي الشمخي
في أواسط الأربعينيات غادر مدينة النجف الأشرف -التي ولد فيها- إلى العاصمة بغداد، حيث مارس مهنة التعليم، لكنه سرعان ما عاد إلى مدينة النجف ليعمل في مطبعة الزهراء، وعمل في البنك موظفاً، وبعد اثنين وعشرين عاماً أحيل إلى التقاعد وتفرّغ للكتابة.
كان الشاعر عبد الغني الخليلي مولعاً منذ صغره بكتابة الرسائل، وأجاد منذ صغره فيها، فكان يراسل شخصيات ثقافية وأدبية عراقية وعربية، منهم: مي زيادة، بشارة الخوري، مارون عبود، بدوي الجبل، الحبوبي، الجعفري، الوائلي والهاشمي وغيرهم، وكان يحتفظ بصندوق مملوء بتلك الرسائل، وقد عرف عنه أنه نظم الشعر وهو دون سن العشرين من عمره ونشر العديد من قصائده في وقت مبكر، وقد درس تراث ابن عربي والمتنبي وحافظ إبراهيم.
ارتبط الخليلي ثقافياً مع الحركة الوطنية العراقية أيام الأربعينيات منذ صباه، حاله حال أبناء جيله فكتب العديد من المواد في مجلة الثقافة الجديدة التي كانت منبراً فكرياً مهماً، فقد أحب الشعر مبكراً، بل قرأ لأهم الشعراء، فقد قرأ المتنبي، وأحب ابن عربي، ويقال إنه حفظ ديواناً كاملاً للجواهري، إذ كانت تربطهما علاقات خاصة، وقد كتب الشاعر الكبير محمد مهدي الجواهري قصيدة خص بها زميله الشاعر عبد الغني الخليلي، منها:
أبا الفرسان إنك في ضميري
وذاك أعز دار للحبيب
وبي شوق إليك يهزّ قلبي
ويعصره فيخفق في الوجيب
وذكرك في فمي نغم مصفى
يرتل في الشروق وفي الغروب
سلام الله يعين بالطيوب
على أربع تحل به خصيب
ثري بالمفاخر والمزايا
توارثها نجيب عن نجيب
أبا الفرسان إن عقت ديار
عقدت بها شبابي بالمشيب
وسيم البحتري الهون فيها
وغصّ بحسرة الترب الحريب
شد عبد الغني الخليلي الرحال إلى السويد في آخر أيام حياته، وفي (استوكهولم- العاصمة السويدية) كان له نشاط اجتماعي وإبداعي أدبي محوره مراسلاته الأدبية من خلال علاقاته المتشعبة مع العديد من الرموز الأدبية والثقافية، فأصدر الجزء الأول من كتابه (سلاماً يا غريب) ومن ثم نشرت له دار المدى الجزء الثاني، ونشر العديد من النتاجات الأدبية في الصحف السويدية باللغتين العربية والإنكليزية.
في الأول من تموز عام ١٩٩٦ يكتب إلى أحد أصدقائه: “أترى نعود إلى بغداد؟ ومن جديد تألف مقاهينا الجديدة، وأحبة لنا فيها، وننسى ما كابدنا في الغربة”..
غادرنا الشاعر عبد الغني الخليلي يوم الجمعة الخامس عشر من تشرين الثاني عام 2002 محمولاً على الأكتاف من الشعراء والأدباء والكتّاب العربي في استوكهولم، (رحمه الله)، وقد كتب الشاعر (خلدون جاويد) من سورية هذه القصيدة بحق الشاعر في بلاد الغربة، نقتطف منها:
قم يا غني الليل زائل
والسجن حطم والسلاسل
ولربما المنفى الكسير
إلى المزار الأم راحل
قم يا غني لعلنا
متنسمين هواء بابل
وعسى الجنائن أورقت فرحاً
وغرّدت البلابل
قم يا غني لنحتفي
بك كالأزهار بالجداول
ثم فالبلاد على شفا الطوفان
تجرف كل قاتل