رغم الحصار.. الخبرات المحلية تحافظ على استمرارية صناعة القوارب والسفن الصغيرة في اللاذقية

تشرين- نهلة أبو تك:

لاتزال صناعة القوارب والسفن الصغيرة في الساحل، شاهداً حياً يحكي قصة حضارة سبقت عصرها، وصناعة شقت طريقها من الشاطئ السوري، كان أبطالَها الفينيقيون الذين أبحروا بسفنهم التي صنعوها بأنفسهم، ليجوبوا العالم ويوثقوا أنهم أول من خَبِر كنه علوم الإبحار وفنون صناعة السفن التي لاتزال صبغتها التاريخية ممهورة باسم الفينيقيين.
أبّاً عن جدّ، باتت صناعة القوارب والسفن الصغيرة تنتقل من جيل إلى جيل، لتخضع للتطوير والتحديث وتبقى جزءاً أصيلاً من التراث الشعبي الساحلي، حيث استطاع أحفاد الفينيقيين الحفاظ على هذه الصناعة وتطوير صناعة السفن بدءاً من القوارب الصغيرة المستخدمة للصيد وانتهاء بالسفن الصغيرة و متوسطة الحجم المستخدمة للتنقل السريع بين السفن الكبيرة والشواطئ، أو للصيد.
في مرفأ الصيد والنزهة في مدينة اللاذقية، تحجز صناعة القوارب والسفن الصغيرة لنفسها مساحة خاصة بها، حيث تعدّ عائلة حريشية من أقدم العائلات في الساحل السوري التي توارثت هذه الصناعة أباً عن جد، إذ يقول محمد حريشية لـ«تشرين»: تعود صناعة القوارب والسفن إلى مئات السنين، حيث تطورت تدريجياً من صناعة القوارب من الخشب إلى الحديد.
وأضاف: وصلت صناعة السفن في سورية إلى العالمية قبل الحرب الإر*ها*بية، حيث كانت تصدّر قوارب الصيد والشحن والقواطر واليخوت إلى السعودية، ليبيا، مصر، قبرص، تركيا، وغيرها، بسبب السمعة الجيدة للصناعة السورية والأسعار المنافسة مع دول الجوار .
وبالعودة إلى مراحل صناعة السفن، بين حريشية أنها تبدأ بالبريم أو العمود الفقري للسفينة والذي توضع عليه الأضلاع الخشبية أو الحديدية بشكل عرضي ويثبت بالبراغي والمسامير، ومن ثم بالألواح المعدنية التي تغطي فراغات البناء الهيكلي للسفن الصغيرة لمنع تسرب المياه إلى داخله، ثم يدهن بالزيوت والمعجون المقاوم للرطوبة، موضحاً أن المعدن الأكثر استخداماً هو الفولاذ البحري.
وحسب حريشية، تطلق تسمية الزورق على كل مركب لا يتعدى طوله أكثر من ٢٤ متراً، فيما إذا زاد على هذا الطول فيسمى سفينة، مؤكداً أن الصناعة تلاقي رواجاً من قبل أشخاص يقومون بتوصيته على صناعة إما قوارب وإما سفن صغيرة.
وتواجه صناعة القوارب والسفن الصغيرة صعوبات عدة، حيث دلل رئيس جمعية الصيادين في نقابة العمال باللاذقية صبحي بكو في حديث لـ«تشرين» إلى ارتفاع سعر الحديد عالمياً وانعكاسه على بلادنا، خاصة أن الحديد يدخل بشكل أساسي في صناعة السفن، ناهيك بالعقوبات والحصار اللذين أثرا سلباً في شراء المحركات للقوارب.
وأضاف بكو: رغم الصعوبات إلّا أننا استطعنا التغلب عليها، حيث نجحنا بإعادة صيانة المحركات القديمة أو تبديل قطعها بالاستفادة من الخبرات المحلية والإمكانات المتاحة، مشيراً إلى أن أغلبية الأعمال التي تقوم بها الورش في مرفأ الصيد والنزهة تتركز على صيانة القوارب أو ما يعرف بـ«العمرة»، معرباً عن أمله في أن يشهد هذا للقطاع انفراجاً ليعود إلى منافسته للأسواق العالمية، وتابع: حاولنا كنقابة تذليل هذه الصعوبات وتأمين متطلبات الإخوة الصناعيين ضمن الإمكانات المتاحة.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار