توريداته تتوقف نهاية الجاري… قمح دير الزور دون الحاجة!!
تشرين- عثمان الخلف:
مع قرب إغلاق مراكز توريد الحبوب بدير الزور وانتهاء عمليات الاستلام نهاية الشهر الجاري، فإنّ الكميات الموردة من القمح جاءت دون المؤمل، وبالرغم من حملات المتابعة التي نفذتها الجهات الزراعيّة بالتنسيق والمحافظة لغرض توريد الفلاح كامل إنتاجه ربطاً بالمساحة التي رُخصت له، وما حصل عليه من بذار وسماد ووقود ري وفق سياسة الدعم الحكوميّة، غير أنّ الإنتاج لم يتوافق والتوقعات وشكاوى قلة مستلزمات زراعته تتكرر كل موسم.
فهل كان لندرة الهطلات المطرية تأثيرها؟ أم لعدم كفاية ما قُدّم من سماد ووقود الري؟، ثم ماذا عن تكلفة العمليّة الإنتاجية بدءاً من حراثة الأرض، فزراعتها، وصولاً لحصاد موسم القمح وتوريده، هل جاءت لصالح جيوب الفلاحين؟!
دون الحاجة
لم يصل إنتاج محافظة دير الزور من موسم القمح لهذا العام لتقديرات كفاية حاجة المحافظة، وبحسب ما أكد مدير فرع السورية للحبوب المهندس أديب الركاض لـ«تشرين» فإن الكميات الموردة للفرع ناهزت 39 ألف طن، وبلغت في مركز الفرات بمدينة دير الزور قرابة 20 ألف طن، فيما بمركز الميادين كانت الكميات 15100 طن، أما مركز البوكمال فبلغت كميات القمح الموردة 4300 طن.
الركاض أشار إلى أن عمليات التوريد باتت في خواتيمها، ويقتصر الأمر حالياً على مركز الفرات بمركز المحافظة وجرى تحديد يومي الأحد والخميس للاستلام، فيما الإثنين والأربعاء يتم التوريد إلى مركز الميادين، والثلاثاء لمركز مدينة البوكمال.
ولفت مدير فرع السورية للحبوب أن عمليات التوريد ضئيلة جداً بالنظر لنهاية الموسم، مُبيناً أن المتوافر لا يُغطي حاجة المحافظة التي تصل إلى 60 ألف طن.
موضحاً أن الفرع بدأ عمليات الصيانة والتعقيم لمخزون الأقماح لحمايتها من الظروف الجوية وفق عملية تخزين لأطول فترة ممكنة، ويجري تزويد مطحنة الفرات بالكميات الطنيّة اللازمة من القمح بشكل يومي لغرض توزيع الدقيق على الأفران بالمحافظة.
هذا ويحتاج فرع السورية للحبوب لضرورات العمل؛ تأهيل مركز الاستلام بمدينة البوكمال، إضافةً لتأهيل الصويمعة المعدنية في مدينة الميادين.
من جانبه مدير فرع إكثار البذار بدير الزور المهندس جهاد شعبان بيّن أنّ كميات القمح الموردة لصالح الإكثار من حقول المزارعين المتعاقدين بلغت 4224 طناً وتشمل مختلف الأصناف القاسي والطري وأصناف شام 7 و3 قاسي وشام 4 طري ودوما 2 طري إضافة إلى الأصناف المتعاقد عليها مع منظمة الفاو شام 10 و4 طري وشام 7 و9 قاسي ودوما 2 و4 طري.
لا كفاية بالمستلزمات
أسباب عدة تقف وراء انخفاض إنتاجية موسم القمح هذا العام كما يراها رئيس مكتب الشؤون الزراعية باتحاد فلاحي دير الزور محمد المشعل في حديثه لـ«تشرين»، وإذ يضع ندرة الهطولات المطرية ضمن المؤثرات، فإنه يُصنفها في سياق تخفيف الكُلف المادية عن الفلاح، لجهة التوفير بالريات التي يتطلبها الموسم، وبالتالي تخفيف احتياجاته للوقود، والأمر يشمل القطاع الزراعي التعاوني بجمعياته الفلاحيّة، وأيضاً القطاع الخاص، ناهيك بتأثيرات الهطولات بسرعة الإنبات.
المشعل كشف عن عدم كفاية كميات السماد المُقدمة للمحصول بأنواعه التي تدعم الإنتاجيّة، وقد تراوحت إنتاجية الدونم الواحد من القمح مابين 300 / كغ على الأغلب، إلى 500 / كغ، ومنها ما كان دون 300 / كغ، ومما لا شك فيه أن للسماد دوراً مهماً في الإنتاجيّة، وقلة كمياته أثرت بشكل كبير، فما جرى توفيره من مجموع أنواعه الثلاثة (يوريا، نترات، سوبر) للدونم الواحد تراوح ما بين 15 – 20 – 35 / كغ للدونم، وقياساً بعمليات التسميد قُبيل الأزمة التي يعيشها بلدنا، فإن كميات كهذه مُعطاة لا تُشكل شيئاً.
وأشار المشعل لما واجهه المحصول من تأثيرات سلبيّة أوجدها انخفاض منسوب نهر الفرات نتيجة سياسة نظام «أردوغان»، إذ أدى ذلك لتوقفات في عمليات الري في ذروة الحاجة، ولولا ما اتخذ من إجراءات تعزيل وفتح قنوات، أو مد أنابيب للوصول للمجرى من الجهات المعنيّة لكانت الخسارة أكبر، في العموم يحتاج القطاع الزراعي لحظاً أكبر لاحتياجاته، ومجمل مستلزمات العمليّة الإنتاجيّة ودعم الفلاح توافقاً والكلف التي يتكبدها.
رؤساء جمعيات فلاحيّة ومزارعون أكدوا أن المعضلة الأكبر التي تواجه الفلاح هي قلة الكميات التي تستلزمها العمليّة الزراعيّة للوصول بالإنتاج للمستوى المأمول كما يُشير رئيس الجمعية الفلاحيّة في قرية «البغيليّة» خلف العبد بدءاً بالسماد الذي دفعت كمياته القليلة الفلاح للشراء من السوق الحرة، إذ وصل سعر الكيس من «اليوريا» إلى 100 ألف ليرة وأكثر، والأمر كذلك بالنسبة «للنترات»، و«السوبر» فهي مرتفعة بالسعر الحر: «حديثنا هنا عن موسم القمح الذي مضى، واليوم مع صدور تسعيرة جديدة للسماد المدعوم فالأمر أدهى، فما بالك بتسعيرته بالسوق الحرّة التي ستكون أعلى بشكل كبير».
فيما بيّن رئيس الجمعية الفلاحيّة ببلدة «الشميطيّة» موسى المرهش أنّ ما تكبده الفلاح خلال الموسم كان كلفة عاليّة جداً، فحراثة دونم القمح الواحد بلغت تسعيرته 25 ألف ليرة سوريّة، وقس على مدى ذلك بالنظر للمساحة الزراعيّة المُرخصة، لتزداد أكثر هذه الكلف مع الوصول لمرحلة الحصاد، فالسعر الذي وضعته اللجنة الزراعيّة الفرعيّة بالنسبة لحصاد الدونم الواحد بالحصادات كان 30 ألف ليرة، فيما كثيرون من أصحاب هذه الحصادات فرضوا تسعيرتهم الخاصة والتي وصلت إلى 50 ألف ليرة، ناهيك بما واجهه الفلاح من قلة عدد الحصادات، إضافةً لغلاء أسعارها واضطراره للحصاد اليدوي وما خلفه من تأخير في عمليات التوريد، وإذا ما أضفنا لقائمة الكلف أيضاً نقل المحصول لمراكز الاستلام التابعة لفرع السورية للحبوب فإننا سنجد أن كثيراً من الفلاحين لم تتطابق لديهم حسابات الحقل والبيدر وجيوبهم.