باب “الأندومي” على مصراعيه..!

لم أتذوق يوماً الأندومي .. بل كنت دائماً ألوم أولادي وأحاول قدر المستطاع أن يخففوا من أكلها، وكنت أنصح –ومازلت- الأقارب والأصدقاء بعدم السماح لأولادهم أن تكون الأندومي وجبة يومية لهم ..

ليس هذا موقفاً عدائياً، بل إنه نابع من أن توافر الإمكانية لإعداد هذه الوجبة في أي منزل قد يغني عن الشراء وبالتالي تحقيق التوفير المادي، لذلك اتخذت موقفاً كهذا..

لكن لا أخفيكم سراً أنني شعرت بغصة كبيرة وأنا أقرأ نبأ توقف الإنتاج في هذه الشركة، فقد تخيلت عشرات -إن لم يكن المئات- من العمال قد أصبحوا على قارعة الطريق من دون أي مورد خاصة في هذه الأوضاع الاقتصادية الخانقة .. وتخيلت أيضاً حالة الكثير من طلبة المدارس الذين أدمنوا هذه الوجبة .. حتى لو كان من يعدّها لا يطبق أدنى الشروط الصحية .. أما الغصة الأكبر فهي الحالة السيئة التي وصلت الشركات الصناعية من عدم تمكنها من توفير المواد الأولية وعدم توافر الطاقة.. إلخ

لم يكن تدخل وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك سيئاً، بل إن السرعة في احتواء الموقف واستصدار (قرار) من أصحاب المعمل بالعودة إلى الإنتاج قريباً سوف يترك آثاراً إيجابية لدى الكثير من الشركات التي تعاني من تعثر استيراد المواد الأولية وتوفر القطع اللازم .. بالتأكيد لم يكن ذلك استجداء لأصحاب الشركة للعودة عن قرار الإغلاق، بقدر ما هو انتباه مبكر لمنعكسات الاستمرار في التوقف عن الإنتاج سواء لهذه الشركة أو تلك ..

لكن دعونا نتوقع حدوث الكثير من الحالات من هذا النوع .. أي، لو أن مستوردي المتة وتعبئتها مثلاً اتخذوا قراراً كهذا .. فهم يعانون مما تعاني منه هذه الشركة، يستوردون المواد الأولية في ظروف الحصار ذاتها.. وبالقطع الأجنبي أيضاً .. ماذا سيحدث؛ في الصناعات الغذائية والأعلاف واستيراد الحديد.. ؟!

هل ستقوم الوزارة بحل مشاكل كل هؤلاء بالطريقة ذاتها.. بمعنى؛ هل تمتلك المقدرة، من تسهيل استيراد المواد الأولية في ظروف الحصار وتوفير القطع الأجنبي والطاقة، إن كانت كهرباء أو غازاً أو مازوتاً؟!

إذا كان ذلك ممكناً، فهذا يعني أن لا مشكلة تعانيها الصناعة الوطنية .. ولا الزراعة الوطنية .. ولا السياحة .. ولا النقل ..الخ .. ومن هنا وبالقياس، يمكننا أن نتنبأ بعمل مستقر ومنتج لمعاصر الزيتون التي ستواجه هذا العام موسماً استثنائياً قد يفوق طاقة العصر لدى هذه المعاصر، حتى لو تم توفير كل الإمكانات التي تسمح لأن تعمل لأربع وعشرين ساعة متواصلة، وفي السياق نفسه لا مشكلة أيضاً في توفير المازوت الزراعي والمخصص لآبار الشرب؟!

ما نريد قوله باختصار: إن تجزئة حل المشاكل، قد يعطي نتائج عكسية .. بمعنى آخر؛ هل ستتمكن التجارة الداخلية من إغلاق هذا الباب الذي فتحته على نفسها وعلى الحكومة؟ !

وكأنني أسمع: (بلاها الأندومي) .. ويا دار ما دخلك شر !!!

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار