أعمالها الفنية وصلت اليابان هيام سلمان فنانة الإبرة والخيط وطموح الانغماس في المحلية وتاريخ هذه الأرض

حوار: ديما الخطيب
بدأت بالرسم بالألوان الزيتية وكانت تعشقها، وحين انتقلت للرسم ببقايا القماش أرادت أن تعمل بخامة تعرف عنها الكثير فقد اختبرتها سابقاً حين عملت بالخياطة والتطريز لمدة من الزمن، فأصبحت فرشاتها الإبرة وبمساعدة الخيط الملون ومجموعة كبيرة من الدبابيس المثبتة على بقايا أقمشة متنوعة الأشكال والأحجام.
صنعت هيام سلمان أعمالاً فنية فردية، وممتعة للنظر، وغارقة في التفاصيل، جعلتها هذه التجربة تكتشف قيمة اللحظة وأهميتها وكيف نعثر على ذاتنا حين نعمل على ما نحب
مع الفنانة التشكيلية هيام سلمان كان هذا الحوار:
* متى قررت هجر الريشة إلى الإبرة ولماذا، وإلى أي درجة تؤثر تغيراتك الحياتية والشخصية في أدواتك وأسلوبك؟
كيف لفنان أن يهجر ريشته وألوانه؟ هي أدوات أساسية لكل فنان، لكن قد تختلف تلك الأدوات من فنان لآخر.. لقد أصبحت ريشتي هي الإبرة والخيطان الملونة، هي رحلة استكشاف مذهلة أخذتني إليها تلك الأدوات، أحببت قطع القماش بألوانها ونسيجها وملمسها، تعلمت مع كل رحلة كيف استمتع بالتجارب المتعددة والجديدة وأخوضها بمنتهى المتعة والغموض كمن يخوض بحراً مليئاً بالأسرار ما عليه سوى اكتشافها، ومع كل قطعة قماش صغيرة الحجم أو كبيرة، وسواءً أكان النسيج ناعماً أو قاسياً، كتيماً أو شفافاً، كانت تبدأ تلك المغامرة بتصميم يتلوه اختيار الألوان المناسبة ثم فرز قطع القماش المختارة وقصها بما يتلاءم مع المتخيل، لتتوضع على خلفية اللوحة وتثبت بدبابيس الخياطة، ثم مرحلة التأمل لمقاربة اللوحة للمتخيل، وقد يتم استبدال تلك القطع مرة تلو الأخرى للوصول للشكل النهائي، لتأتي تلك الخيوط الملونة وتثبت وتترك آثارها الجميلة على السطح النهائي، بهذه الرحلة كانت اللوحة القماشية هي التي تترك أثرها على حياتي الشخصية لتصبح جزءاً من حياتي اليومية ولعله من الأجزاء الأجمل في رحلتي في هذا العالم.
شالات اليابان
* لنتحدث عن لوحاتك الخمس التي طبعت على شالات في اليابان وهل هي من قاد لوحاتك إلى طريق المعرض في طوكيو لاحقاً؟
قامت السيدة “يوكي ياسودا” مؤسسة مشروع “يدي” باختيار مجموعة من لوحاتي القماشية لتتحول إلى شالات في اليابان، وقد قامت بالإشراف على كل تفاصيل العمل من اختيار القياس والنسيج الملائم وجودة الألوان مع اطلاعي والتشاور معي بشكل مباشر حول كل هذه التفاصيل، ونتيجة نجاح المشروع كانت الخطوة الثانية إقامة معرض فني لمجموعة من أعمالي الفنية القماشية ذات الأحجام الصغيرة ضمن رؤية مهمة وهي إقامة جسر ثقافي يمتد بين سورية واليابان لتعريف الشعب الياباني على مسيرة سيدات سوريات ما زلن يمارسن فعل الحياة والحب والفن رغم الحروب ويصنعن الجمال بكلّ ما يجدنه حولهن من بقايا يعاد تدويرها لتكون عملاً فنياً يحمل رائحة التراث وعبق الماضي.
وقد افتتح المعرض في مدينة “طوكيو” يوم الخميس الماضي في 8 أيلول ويستمر لغاية 19 منه.
ما سلبيات وإيجابيات العمل حين يتحول إلى عالمي؟
بالنسبة لمصطلح “العالمية” أنا شخصياً لا أعتقد أنه يجب أن يطلق عليّ اسم فنانة عالمية لمجرد مشاركتي بمعرض فني في بلد آخر حتى ولو كان هذا البلد هو اليابان لأن موضوع العالمية أكبر بكثير من ذلك وأعتقد أن إطلاق صفة العالمية على فنان ما، هي مسؤولية كبرى على الفنان أن يكون قادراً على تحملها وأن يكون أهلاً لها من خلال أعماله الفنيّة التي تحمل معايير عالمية ليس بسهولة يمكن الحصول عليها.
أرى حلمي
“أرسم حلمي” كان حلماً فهل تحقق بالمهرجانات الستة، أم كنت تنتظرين المزيد منه؟
جمعية “أرسم حلمي” الفنية هي الحلم الذي تحقق ومازال مستمراً رغم كل العقبات التي واجهته كمشروع ثقافي فني تشكيلي بدءاً من الحرب التي تزامنت مع إشهار الجمعية وليس انتهاءً بكل المعوقات التي تواجه الثقافة في مجتمعاتنا العربية بشكل عام، لكنني أعتقد أن أهم ما حققته الجمعية وسط كل هذه الظروف الصعبة التي نعيشها في سورية هو هذه الأجيال من الأطفال الموهوبين الذين كبروا تحت رعاية الجمعية في مجال الفنون التشكيلية وتابعوا حياتهم متمسكين بشغفهم بالفن وتذوقهم له وبعضهم اختاره طريقاً للمستقبل وتفوق وتميز فيه.
مسيرتنا في الجمعية هي مسيرة بناء للإنسان في مجال الثقافة والفن، والمهرجانات الستة التي أقامتها الجمعية بالإضافة إلى مجموعة كبيرة لمعارض الفن التشكيلي جاءت بمثابة حصاد لعمل الجمعية مع المستفيدين من أطفال ويافعين وشباب وحتى سيدات في مجال العمل اليدوي والمنتج المنزلي، كانت المعارض والمهرجانات بمنزلة تعزيز ودعم نفسي واجتماعي وثقافي ونادٍ للمشاركين فيها، وتشجيع لهم أن يتابعوا في هذا المجال المهم، مجال الإبداع والثقافة التي هي معيار تطور وحضارة شعوب الأرض كلها.
عتبة بيتي
بعد ملامستك العالمية، ماذا تطمح هيام سلمان؟

شكراً لكِ على إصرارك على أني لامست العالمية، لكنّي بشكل حقيقي وراسخ أعتقد أن طموحي الأكبر هو الانغماس في محليتي وتاريخ هذه الأرض الحافل بالجمال والذي ترك بصمته على كل العالم من حوله، أتمنى وأطمح أن ينال العمل الفني التراثي اليدوي المزيد من الاهتمام من كل الجهات الداعمة للثقافة في بلادنا، ومحاولة إزالة جميع العراقيل التي تعوق نشرها وترسيخها في المجتمع، ففي وقت يعزف فيه جيل كامل عن حمل راية الثقافة المحلية والتراث المغرق بالقدم، يتقدم الغزو التكنولوجي زاحفاً بسرعة التصحّر ليسرق منا الوقت ويحرمنا فرصاً كثيرة هي بمتناول أيدينا لو لاقت تلك الفرص دعماً وتشجيعاً من كل الجهات أفراداً ومؤسسات.. هو مشروع ثقافي يليق بسورية مهد الحضارات..

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار