كيف يثق السوريون بمن يحتل أرضهم؟.. عن «العودة المحتملة» للنظام التركي… الوفاء بمتطلبات وحقوق الشعب السوري في الدولة والأرض والسيادة
تشرين – مها سلطان:
فعلياً لم تغادر العلاقات السورية- التركية دائرة التركيز والاهتمام، إقليمياً ودولياً (وداخلياً طبعاً على مستوى البلدين) لكن في المرحلة المقبلة ستتضاعف شدة التركيز والاهتمام على اعتبار أن هذه العلاقات مقبلة على مرحلة من “التطبيع” كما يحلو للمراقبين والمحللين القول، بل قد يذهب هؤلاء لاعتبار أن صورة المنطقة كلها ستكون على الصورة التي ستستقر عليها العلاقات السورية– التركية.. وما علينا إلّا أن نراقب ونرصد التصريحات والمواقف والخطوات.. بدءاً من رأس النظام التركي رجب أردوغان ومسؤوليه والمقربين منه، وانتهاء بالإعلام التركي.. تصريحات أردوغان ووزير خارجيته مولود جاويش أوغلو حول أهمية وضرورة الحوار بين الدول، وتوسيع التحرك باتجاه سورية ، لن تكون الأخيرة.. التوقعات وصلت إلى حدٍّ قيام تركيا بخطوات متقدمة باتجاه سورية.
طبعاً كل ذلك يأتي على خلفية أن تركيا تريد أن تستكمل دائرة العودة، العودة إلى الجوار، إلى الإقليم، محملة بأثقال الهزيمة والفشل بعدما أغلق «الربيع العربي» أبوابه على انهيار مشروعها الإخواني التآمري على دول المنطقة، وعلى رأسها سورية.
العودة – أو الاستدارة بتعبير المراقبين- حتمية.. فقط بسطاء السياسيين والمحللين (ومعهم أردوغان وموالوه والمتآمرون معه) هم من توهموا أن الهزيمة لن تلحق بتركيا وأنها لن تعود أدراجها خائبة لتطلب الرجوع إلى ما كان عليه الحال قبل الربيع المشؤوم، وقبل أن تدمر بحقدها وعدوانيتها وتآمرها، العلاقات مع سورية وشعبها ومع دول المنطقة وشعوبها..
منذ حوالي العامين والنظام التركي يسعى جاهداً لتحسين صورته في العالم العربي واستعادة العلاقات معه، بعض العلاقات تكاد تكتمل كما يبدو، والبعض الآخر ما زال أمامه شوط بعيد بانتظار أن يثبت النظام التركي حسن نياته ويغير سلوكه وسياساته العدائية التآمرية.
بكل الأحوال، لا شك في أن مراحل العودة التركية كانت محط رصد واهتمام وتركيز، ولكن ليس بالصورة التي هي عليها عندما يتعلق الأمر بسورية، فهنا للعودة حديث آخر ومختلف وعلى كل الصعد والمستويات، حديث سوري بالدرجة الأولى، لأن سورية هي من وقع عليها الاعتداء والعدوان ، والنظام التركي هو المعتدي والمتآمر، والمحتل.. ولا يزال. ولأنه كذلك، فليس صحيحاً بالمطلق ذلك الحديث عن شروط متبادلة ، ليس صحيحاً في الشكل ولا في المضمون. إذ لا يمكن المساواة بين المعتدي والمحتل ، وبين من وقع عليه العدوان والاحتلال ، بل إن المعتدي والمحتل لا يزال على عدوانه واحتلاله، وأكثر من ذلك يسعى لتكريس وإدامة العدوان والاحتلال، وتكريس عملية التدخل في شوؤن سورية وتقويض سيادتها ووحدة أراضيها، فكيف تستقيم المساواة بين سورية والنظام التركي؟
إذا كان لا بدّ من العودة، وإذا كانت استعادة العلاقات هي مصلحة مشتركة، فلا بدّ أن تكون عودة عادلة تضمن توقف النظام التركي نهائياً عن عدوانه وتهديداته ضد سورية أرضاً وشعباً، والتخلي عن مخططاته للإبقاء على احتلاله مدن وبلدات سورية في الشمال ، ومحاولات تكريس حالة جغرافية وديمغرافية وثقافية وتعليمية واقتصادية فيها تديم هذا الاحتلال ويتم استخدامها ورقة ضغط وابتزاز ضد الدولة السورية، هذا إلى جانب تقديم كل ما يضمن ويثبت ويؤكد حسن نيات النظام التركي في المستقبل.
هذا موقف سورية المعروف سلفاً، ثم المعلن رسمياً، رداً على الرسائل التركية وعلى كل ما يُقال بخصوص ما يسمى «تطبيع» العلاقات أو تحسينها أو الخروج بها من حالة الاستحكام إلى حالة إمكانية حلحلة العقد والقضايا المستعصية، والتي كان النظام التركي من أوجدها وكرّسها حتى استحكمت واستعصت.