” تريندات” ع مدّ النَّظر

«العالم كلو ماشي ورا تريند
وترك العقل لحالو بلا فريند
ها القصة لازم نوضعلا ايند
لأنو نهايتنا صارت ع البواب»
مناسبة هذا الموَّال الحداثوي أن صديقي عمَّار مؤلف هذا البيت من العتابا، بات شغله الشاغل البحث عن أسباب «الجَدْبَنِة» -يُسمِّيها البعض «تريند.. rend»-، والتي تصيب كمَّاً هائلاً من البشر، فيصيرون كالسائرين في نومهم، وكأن هناك من يتدخَّل في تحديد شكل أحلامهم، وملامح هواجسهم، وفق معايير دقيقة، لكنها لا تمتّ إلى المنطق بصلة، وللأسف فإن صديقي حتى الآن لم يعرف مثلاً سبب التَّعلُّق الهائل بلعبة «الكاندي كراش» رغم أنها بالمفهوم العام للجذب التشويقي ليست شديدة التَّميُّز، كما لم يفهم لماذا حصل خبر وفاة الملكة البريطانية على هذا التعاطف من الفنانين العرب وكأن “خيرهم من لحم أكتافها”، وأيضاً لم يصل صديقي عمار إلى التَّفسير الدَّقيق لكل ما يتعلَّق بالموضة التي لا يمضي أسبوع إلّا وتتغير، وأنت ما زلت في طور القراءة عنها، وبآخر الصرعات التي تصرعك بلا رحمة، وبقنابل الموسم التي تنفجر في وجهك أينما يمَّمْتَ شطرَهُ.
الأنكى أن تلك «التريندات» تتسلَّل إلى الوعي من «دون إحم ولا دستور»، ولاسيما لدى فاقدي الحصانة المعرفية، فتراهم يتسابقون للَّحاق بالأغنية التي حقَّقت أعلى نسبة متابعة أو ما بات يُسمَّى الـ «ريتينغ.. Rating» من دون معرفة قيمتها الفعلية على صعيد الكلام واللحن والتوزيع والأداء… وحتى يكتمل «بريستيجهم» الحداثوي يملؤون عقولهم بالسيليكون، والوجبات الفكرية السريعة، لدرجة تحسب أنهم وجلال الدين الرومي أولاد عم، أو أن غابرييل غارسيا ماركيز بجلال قدره كان نديمهم الدائم، لذا تراهم «يفقعون» على صفحات تواصلهم الاجتماعي جداً، «هاشتاغاً بقفا هاشتاغ»، متباهين برهافتهم وحساسيتهم في التقاط الجمال، رغم أنهم لا يميزون بين كتاب «فيه ما فيه» عن «مئة عام من العزلة» إذا لم يبحثوا على غوغل، وفي حال سألتهم عن الفرق بين «جان جاك روسو» عن «جاك دريدا»، فتسودُّ وجوههم، لذلك يقول لهم صديقي: «جاك الموت يا تارك الصلاة.. وتريند أخت ها الحالة..»

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار