تجهيز “المؤونة الشتوية” في دير الزور يُدخل الأسرة في متاهة الحسابات
تشرين – مالك الجاسم:
هذه الأيام من كل عام معروفة عند أبناء محافظة دير الزور بوقت تجهيز “المؤونة الشتوية” وخلالها تشهد الأسرة الديرية حالة استنفار تامة لتجهيز ما يلزم لفصل الشتاء، وخاصة أن هذه المحافظة تشتهر بخضارها التي تتميز عن باقي المحافظات، بل تجعلها مرغوبة أكثر ومنها: البامياء الديرية، والباذنجان، والكوسا، والخيار، والبندورة، والفليفلة الخضراء “الزورية” وغيرها من الخضار التي تزرع ضمن محافظة دير الزور، لكونها تعتمد على ثروتها الزراعية والحيوانية الغنية، وتكون أخف وطأة بالأسعار على مبدأ “الرمد أفضل من العمى”، وما دمنا نتحدث عن الأسعار، وفي ظل الواقع الاقتصادي الصعب الذي نعيشه في الوقت الراهن، ما جعل الأمور تتغير كثيراً في ظل ارتفاع الأسعار، وبات تجهيز “المؤونة الشتوية” يحتاج إلى مبالغ كبيرة، خاصة عندما نتحدث عن تجهيز “المكدوس”، الذي يحتاج إلى الباذنجان والجوز والفليفلة الحمراء والزيت وغيرها، ولذلك لم يعد “المكدوس” المادة الأساسية، لأن ذلك تكلفته تضاهي مقدرة الأسرة، ومع هذا هناك أسر جهزت القليل الذي لا يسد الرمق، ولكن من باب الحضور الشكلي لا أكثر ولا أقل، وباتت الأسر تقلل من الكميات لكون تجهيز كمية يحتاج إلى المبلغ الفلاني، وكلما زادت الكميات، كلما زادت احتياجات أخرى تكمن في الزيت والجوز، وكلتا المادتين أسعارهما باهظة.
مشروع لتجهيز المؤونة
رئيسة جمعية المرأة العربية بدير الزور ميادة السرحان تحدثت عن مشروع مؤونة فراتية وهو أحد المشروعات المنفذة في المحافظة لتأمين كل أشكال المؤونة، وأكدت أن هذا المشروع يضم 35 سيدة، وقسم على ثلاث ورشات الأولى في بلدة الحسينة بريف دير الزور الشمالي الغربي مخصصة لتجهيز المواد الجافة ” باذنجان – كوسا – خيار – فليفلة – ملوخية” وغيرها، حيث يتم تجهيز المواد بالكامل ومن ثم يتم تصريفها، والمردودية تعود للمستفيدين منه، والورشة الثانية مخصصة للصناعات الغذائية ومقرها في مدينة دير الزور، والورشة الثالثة كذلك في دير الزور ومخصصة لتجهيز الزعتر الديري وهذا المشروع انطلق في الشهر العاشر من عام 2020 ومن خلال هذا المشروع يتم تجهيز كل أنواع المخللات والعصائر والمربيات وكل أنواع المؤونة والأهم في ذلك أن هذا المشروع مخصص لذوي الإعاقة.
رصد يومي للأسعار
وعن حركة الأسعار في أسواق دير الزور تحدث بسام هزاع مدير التجارة الداخلية وحماية المستهلك عن أن أسعار الخضار في الأسواق تبدو مقبولة باستثناء البطاطا لكون أغلبية الخضار تزرع ضمن المحافظة وبشكل طبيعي يكون الإقبال على مواد دون غيرها وخاصة أننا ضمن فترة تجهيز المؤونة الشتوية، أما حول المواد الغذائية فأسعارها قريبة لأسعار بقية المحافظات ونحن بشكل يومي نرصد حركة الأسواق وتنظيم الضبوط اللازمة بحق أي مخالفة ونقوم بتسيير دوريات يومية في أسواق مدينة وريف دير الزور.
أصحاب المحال يؤكدون
استطلعنا آراء عدد من أصحاب المحال التجارية والباعة وجميعهم أكد أن الأسعار ثقيلة للأسرة، وخاصة المواد اللازمة لصناعة “المكدوس” وفي مقدمتها الجوز.
ويقول “أبو عمران” وهو صاحب محل لبيع المواد الغذائية: يصل سعر كيلو الجوز إلى 40 ألف ليرة للكيلو الواحد، وكذلك الأمر بالنسبة لأنواع الزيوت حيث وصل سعر عبوة الزيت سعة 4 ليترات إلى 39 ألف ليرة، وهناك إقبال يبدو متوسطاً بالمقارنة بالسنوات الماضية، بالمقابل هناك إقبال على شراء الفستق بأنواعه، وهذا ما يستعاض عنه بدل الجوز الذي يبدو أرخص، ويناسب أغلبية الأسر.
من جانبه “نوري” وهو صاحب محل آخر أكد أن هناك ارتفاعاً في المواد الغذائية ولكن حركة البيع تبدو مقبولة للمواد الأساسية مثل: السمن والزيت والسكر والشاي والتوابل وبشكل خاص في شهر المؤونة تكون حركة البيع أكثر بالنسبة للسكر والجوز والفستق والملح وغيرها.
حديث المؤونة
حديث تجهيز المؤونة يبقى حديثاً له طابع خاص خاصة أننا نتحدث عن توفر مادة وسعر، ونعرج على ما يتم تجهيزه من الأسرة في شهر المؤونة في ديرالزور والبداية مع المكدوس الأكثر حضوراً خلال الشتاء حيث يحتاج تجهيز 20 كيلو غراماً من “المكدوس” إلى 20 كيلو غراماً من الباذنجان، وكيلو الباذنجان الواحد يصل اليوم إلى ألف ليرة، وسعر 20 كيلوغراماً يصل إلى 20 ألف ليرة، وتحتاج هذه الكمية إلى 4 ليترات من الزيت، وسعر عبوة الزيت سعة أربعة ليترات يصل إلى 39 ألف ليرة، وكمية 20 كيلوغراماً من الباذنجان تحتاج إلى نصف كيلو من الجوز الذي يفضله الكثير من الأسر على الفستق، ويصل سعر نصف كيلو الجوز إلى عشرين ألف ليرة سورية، ويحتاج إلى ثلاثة كيلو غرامات من الفليفلة الحمراء التي يصل سعر كل الكيلو منها إلى 2500 ليرة، يعني ثلاثة كيلو غرامات من الفليفلة الحمراء يصل سعرها إلى 7500 ليرة، وباقي الاحتياجات لتجهيز المكدوس من الثوم والملح والغاز يقدر لتجهيز 20 كيلوغراماً حتى عشرة آلاف ليرة، وتصل التكلفة كاملة لتجهيز هذه الكمية إلى حوالي مئة ألف ليرة سورية في حال استخدام الزيت العادي، ويزيد السعر في حال استخدام زيت الزيتون، وكلما زادت كمية الباذنجان كلما زادت الكميات، ويتضاعف المبلغ، فكيلو الباذنجان الواحد يضم 10 – 14 حبة من المادة، وقد يرتفع المبلغ لكون هناك طلبيات تجهز حسب رغبة الزبون بموجب اتفاق بين الاثنين، وهناك أسر تقوم بتجهيز “مكدوس الفاصولياء”، وبحساب سريع لتجهيز 10 كغ من “مكدوس الفاصولياء” الذي يصل سعر الكيلو الواحد إلى ثلاثة آلاف ليرة، فإن تكلفة ذلك تحتاج إلى حوالي 30 ألف ليرة فقط، يضاف إليها الزيت والجوز والفليفلة الحمراء وتوابعها.
أنواع أخرى من المؤونة
لا يتوقف الأمر عند تجهيز “المكدوس” وهذا ما ينطبق على تجهيز أنواع المربيات، حيث تراوح سعر كيلو السكر الواحد بين 4500 – 5000 ليرة، وأجمل عبارة مرت خلال تجهيز المادة لأحد المواطنين الذي قال: “خلينا نشرب شاي وبعدين نفكر بالمربى”، وهذا تعبير عن الحال التي وصلت إليها الأمور في هذه الظروف الاقتصادية الصعبة التي تعاني منها البلاد.
أما أنواع “المخلل” فهي تبدو أخف من غيرها، لكون سعر كيلو الفليفلة الخضراء في أسواق دير الزور يصل حتى 1500 ليرة، فيبدو السعر أرخص من بقية الأسعار في أسواق المحافظات الأخرى، لأن مصدرها محلي من أراضي المحافظة، وكذلك بالنسبة لسعر كيلو الخيار الذي تراوح بين 1000 – 1500 ليرة.
ولا تختلف الحال عند تجهيز “رب البندورة”، ففي السابق كانت العائلة تجهز هذه المادة منزلياً، واليوم وقد وصل سعر كيلو البندورة حتى 1200 ليرة، وبات من الصعب الإنتاج المنزلي، كما بات الاعتماد على الأنواع الجاهزة في الأسواق، حيث يصل سعر العبوة الواحدة سعة كيلوغرامين إلى 9500 ليرة، وهذا السعر تتحكم به كثافة المادة، وهناك أنواع أرخص بمعدل 500 ليرة عن الأخرى، وكما ذكرنا الأمر مرتبط بالكثافة.
ومن أنواع “المؤونة الشتوية” تجفيف الباذنجان، و”شقيق الباذنجان”، وكذلك الخيار والكوسا وكل عائلة تتحكم بالكمية التي تقدرها لتجهيزها، حيث يصل سعر كيلو الكوسا إلى 1500 ليرة، والخيار كما ذكرنا يتراوح بين 1000 – 1500 ليرة.